الكهرباء موّلَت السوريين والعونيين وأمل..البنك الدولي يريد كفَّ أيديهم

الكهرباء موّلَت السوريين والعونيين وأمل..البنك الدولي يريد كفَّ أيديهم

تُلقي القوى السياسية اللوم على البنك الدولي كمُعرقِل لزيادة

ساعات التغذية، بعد عدم موافقته حتى الآن على تمويل

قرض استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، للمساهمة

في زيادة التغذية. وتعتبر القوى إياها أنها أنجزت ما يترتّب

عليها من شروط، وتستند في رأيها على موافقة الحكومة على

خطة الكهرباء، وهو “أحد” الشروط التي وضعها البنك لبدء بحث موافقته.


شروط البنك
لإحراج البنك، شهدت تلك القوى لنفسها أنها التزمت بتأمين

الأموال لسداد القرض، فوزارة الطاقة حصلت على تعهّد

خطّي من مصرف لبنان بتأمين الدولارات التي تحتاجها مؤسسة كهرباء لبنان، بدون شروط، وبسعر منصة صيرفة. ولمزيد من الاطمئنان خصصت الحكومة 60 مليون دولار من حقوق

السحب الخاصة، لعقود الصيانة والتجهيزات التي قد تحتاجها المؤسسة.

لكن مسرحية السلطة لم تنطلِ على البنك. فما أنجزته لا يُعَدُّ خطوةً على طريق إصلاح القطاع، بغض النظر عن موافقة البنك على التمويل أم لا. فتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء لم يحصل، وكذلك تعيين مجلس إدارة جديدة لمؤسسة كهرباء لبنان. ولم يجرِ تخفيض الهدر غير الفنّي في شبكة الكهرباء،

ولا تحسين الجباية. ووزير الطاقة وليد فياض لم يتوصّل

لوضع دفاتر شروط لمناقصة إنشاء معملين، وذلك بموجب تفويض الحكومة الملتبس قانوناً، علماً أن مهلة الشهرين المعطاة للوزير، تنتهي منتصف شهر أيار الجاري. وعلى ما يبدو، لن يصل إلى نتيجة لأن عملية إنشاء المعملين تخضع

لمعادلة سياسية ركيزتها إنشاء معمل سلعاتا الذي يريده الفريق العوني.
وطلب البنك التماس الوضوح والشفافية في مالية

مؤسسة الكهرباء، عن طريق نشرها حجم جبايتها

الشهرية. وهذا ما لم يحصل. وتجدر الإشارة إلى أن أموال

الجباية التي تقوم بها شركات مقدمي الخدمات، لا تحوَّل مباشرة إلى حساب مؤسسة الكهرباء، بل توضع في

حسابات خاصة في المصارف، وتُقبَض عليها فوائد

شهرية، ثم يحوَّل أصل المبلغ. وهذه العملية تندرج في إطار عدم الشفافية المالية.

الجدوى السياسية
تُعَدُّ دراسة الجدوى السياسية العقبة الأبرز حالياً بنظر السلطة

أمام الحصول على التمويل. ما جعلها تتّهم البنك

بعرقلة المشروع. ولذلك يستغرب فيّاض استمرار البنك

بنقاش المشروع. فقد أكّد في حديث تلفزيوني أمس الإثنين، أنه “

من النصوص الخطية غير الرسمية أو المراسلات التي

وصلتني، تبيّن أنّهم مازالوا يفاوضون على أمور عدة،

من بينها الجدوى السياسية. ويهمنا أن يتم الأمر بأسرع وقت”.

ويشمل فيّاض “الإدارة الأميركية” في حديثه، معتبراً أن

البنك والإدارة “يجب أن يوافقا على التمويل”، لكَونَ هذا

المشروع “أرخص ما يمكن أن نصل إليه في الكهرباء

بعيداً من الخدعة المتعلّقة برخص الكلفة (راجع “المدن”) 

فإن دراسة الجدوى السياسية “أمر طبيعي”، على حد توصيف

أحد الأعضاء السابقين في مجلس إدارة مؤسسة كهرباء

لبنان، خلال حديث لـ”المدن”. ويضيف أن “البنك يريد بدراسة

الجدوى، أن يعرف ما إذا كانت القوى السياسية قد وصلت

إلى قرار تحرير القطاع من نفوذها السياسي، وبات مستقلاً ولا يُستَعمل لتأمين التمويل السياسي، لأن الشقّ السياسي هو

الذي قضى على قطاع الكهرباء ويمنع إجراء الاصلاحات الفعلية فيه”.
ولتقديم العقدة اللبنانية على التأثير السياسي داخل البنك

الدولي، يفترض العضو السابق، أنه “لو كان البنك صندوقاً

خيرياً يجمع التبرعات حول العالم، لكان من الطبيعي أن

يطلب التأكّد من وصول التبرعات لمستحقيها، نظراً لعدم

ثقته بالسلطة السياسية. وهذا ما فعلته الدول

والمنظمات الدولية بعد تفجير مرفأ بيروت،

إذ قدّمت مساعداتها للجمعيات وليس للدولة”.
والتجربة أكّدت تفرّد المنظومة بالاستفادة من قطاع

الكهرباء “منذ خروج الجيش السوري من لبنان. إذ موَّلَ

القطاعُ النظامَ السوري وحلفاءه في لبنان، لتضيع الاستفادة

منذ العام 2005، ويبدأ بعدها بتمويل العونيين والحفاظ

على تمويل حركة أمل بصورة أقل مما كانت عليه سابقاً”.

والبنك يعلم أن موافقته على التمويل “تُمكّن السلطة

من إعادة تحاصص القطاع بعد استنهاضه وإنضاج تسوية سياسية إقليمية ودولية في لبنان، تساهم في

دعم إطلاق مشروع بناء معامل عن طريق الخصخصة. والمشروع يُنجَز حينذاك

تحت مظلة التسويات السياسية الداخلية. وهو

ما يبحثه البنك راهناً تحت مسمى الجدوى السياسية”.
لم يتغيّر شيء على مستوى إدارة المنظومة للبلاد ولقطاع

الكهرباء تحديداً. وهذا معطى غير مشجّع للبنك لتمويل

مشروع الاستجرار. ومع وضوح المشهد، تصرّ المنظومة

على إنكار مسؤوليتها ورمي العراقيل على البنك الدولي

غير البعيد من التسييس. لكنه في جميع الأحوال، ليس البنك

جمعية خيرية ولا يمنح قروضه كيفما اتّفق. والأهم، هو

عدم جواز اعتبار موافقته “تحصيل حاصل”، لأنه ينظر من زاويته

تماماً كما تنظر القوى السياسية من زاوية مصلحتها التي

تقتضي توريط البنك عبر أحد الاحتمالين: إما الحصول على

موافقته واستغلال النتائج الإيجابية أمام جمهورها قبل

الانتخابات، وإما تبرئة نفسها من “جريمة” العتمة وإلقائها

على البنك في حال عدم موافقته على التمويل

Exit mobile version