سفير الشمال
وحده ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً كسر الصمت الذي فرضته انتخابات المغتربين. الملف الذي وإن غُيّب الكلام فيه لأسباب سياسية، عاد الى صدارة المشهد السياسي بعد ان اعلنت شركة “انرجين” اليونانية انطلاق سفينة الانتاج “FPSO” باتجاه حقل “كاريش” المتنازع عليه مع العدو الاسرائيلي. واكّدت الشركة انها ستبدأ تسليم الغاز للعدو في الربع الثالث من العام الحالي. كل هذا، وسط صمت مطبق للبنان الرسمي الذي على ما يبدو لا يزال يعوّل على اعادة تفعيل المفاوضات غير المباشرة مع الكيان الصهيوني.
اللافت في الامر، ان العدو الاسرائيلي يصرّ على البدء بالحفر والانتاج رغم اعلان لبنان في رسالته الى الامم المتحدة بتاريخ 28/01/2022 ان حقل “كاريش” متنازع عليه.
في السياق، يبدو ان لا احد من اهل الحكم في لبنان يبالي بما اذا قام العدو الصهيوني بقضم حق اللبنانيين في حدودهم البحرية انطلاقاً من الخط 29 والسيطرة على ثرواتهم النفطية والمائية. وحده رئيس الوفد اللبناني الذي تولى المفاوضات غير المباشرة العميد الركن بسام ياسين، رغم احالته الى التقاعد، بقي المدافع الاول عن هذه القضية مؤكداً اننا “لن نتنازل عن قطرة ماء. وسندافع عن ثروتنا. سنستخرج النفط والغاز ونصدِّره إلى الخارج. سنمنع الإسرائيلي من التنقيب في جوارنا”. لافتاً الى ان “العدو قد كان قد اعلن خلال المفاوضات غير المباشرة انه قد بدأ العمل في حقل “كاريش” سنة 2015″.
وفيما ترجح المعلومات ان تصل سفينة الانتاج الى حقل “كاريش” في اوائل
حزيران المقبل، يبقى التخوف من ان يتجرّأ العدو على تجاهل رسالة لبنان الى الامم المتحدة
، لا سيما وانه بحسب ما يشير اليه العميد ياسين، فإن “الرسالة غير واضحة في مضمونها
. فهي تشدد على حق لبنان التفاوضي من دون تحديد المساحة التي يطالب بها. اي انها
لا تتضمن إقرار لبنان رسمياً بالخط 29. لكنها واضحة لناحية اعتبار حقل كاريش متنازع عليه،
وهذا يكفي لمطالبة شركة انرجين التوقف عن متابعة العمل لبدء الانتاج من هذا
الحقل لحين الانتهاء من المفاوضات وترسيم الحدود البحرية”.
“الهدف من معاقبة لبنان هو اجباره على السير في طريق التطبيع. والانصياع
الى اقتراح هوكشتاين الاخير فيما خصّ ترسيم الحدود هو الخطوة الاولى”.
بهذه الكلمات يختم رئيس الوفد المفاوض كلامه معتبراً ان هذا “المسار قد
بدأ يُفرض على لبنان منذ اتفاق 17 أيار، لكن الجيش لن يسمح بذلك. وصوتنا
سيظل عاليًا، لمنع تكرار الأخطاء أو التضحية بحقوق اللبنانيين لأجل مصالح البعض السياسية”.
اذاً، هي حقوق اللبنانيين في مياههم ونفطهم على طريق الضياع بسبب
تخاذل سياسييهم واهل الحكم تارة خوفاً من العقوبات الاميركية وتارة اخرى
مراعاة لمصالحهم السياسية وحتى الاقتصادية. وعليه، فإن تعديل المرسوم
6433 وايداعه الامم المتحدة بات ضرورة ملحّة في سبيل عدم التفريط بشبر واحد من الحدود البحرية.
هو تحدٍّ جديد يفرض على السلطة السياسية، فالابواب مشرّعة امام كل
الاحتمالات لان هذا الملف على حساسيته لا يحتمل المساومات. والتحدي
عينه يفرض نفسه على اهل المقاومة الذين لم يألوا جهداً للدفاع
عن الارض وتحريرها من نير الاحتلال الغاصب. فهل
تنتصر المصلحة الوطنية ام ان التلهي واضاعة الوقت سيقلبان المعادلة لصالح العدو الاسرائيلي ويحرمان لبنان من مياهه ونفطه؟..
ديانا غسطين – سفير الشمال