المودع اللبناني بين مطرقة صندوق النقد… وسندان السلطة خيراً وبعد سنتين ونصف من الانهيار المالي، توصّلت الحكومة اللبنانية الى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي.
خطوة أولى مهمة، ولكن هل تطبق حكومة ما بعد الانتخابات شروط هذا الاتفاق للحصول على الدعم؟
أم يبقى مثل الكثير من سابقيها حبراً ووعوداً
على ورق؟ سيؤدي الاتفاق اذا طبّقت الحكومة القادمة شروطه المسبقة الى حصول لبنان على دعم من صندوق النقد بمبلغ مقداره 3 مليارات دولار، مقسّطة على 4 سنوات. وطبعاً، تأمل الحكومة اللبنانية في انّ يشجع هذا الاتفاق دولاً صديقة ومانحة على الانضمام اليه لان ما يحتاج اليه
لبنان من دعم مادي هو اضعاف اضعاف
ما وعد به صندوق النقد، وبرأيي لا يقل عن 25
مليار دولار. اولاً، ضروري التذكير ان الاتفاق
المبدئي ما هو الا اول خطوة في مشوار طويل
لا يزال يفصلنا عن وصول الدعم. والأهم من الاتفاق المبدئي
هو أن تطبّق السلطات اللبنانيّة
الشروط المسبقة التي فرضها الصندوق في الاتفاق المبدئي.
من البديهيات في اي دولة تمر
بأزمة مالية سببها العجز في الحساب
الجاري او العجز في الموازنة ان تلجأ الى
صندوق النقد، وهذه مهمته الاساسية،
لمساعدتها على معالجة أزمتها.لم أكن
يوماً من هواة صندوق النقد وهو آخر
الدواء اي الكي. وغالباً ما تكون حلوله
موجعة واحياناً غير ناجحة. لكن عندما
يصبح المصدر الوحيد للحصول على
التمويل والسيولة بالعملات هو صندوق
النقد فهذا اهون الشرور، والا فلا تمويل
ولا سيولة ومزيد من الانهيار بلا اي قعر
على غرار ما نشهده منذ سنتين ونصف.
في لبنان نعاني من عجز مزدوج
ومنذ سنوات: عجز قياسي في
الموازنة وعجز قياسي في الحساب الجاري. أمعنت السلطات على
سنوات في تجاهل هذا العجز المزدوج،
وموّلت كل منهما من اموال المصارف، اي
عملياً من اموال استدانتها من المودعين
وبلا حدود ولامسؤولية وحتى الانهيار.عندما
شحّ تدفق الودائع وفقد المستثمرون اي
أمل او ثقة في اصلاح مالي موعود، انهارت
منظومة التمويل الهشة هذه، وانهار معها
هيكل النظام المصرفي والبنك المركزي وانفجرت القنبلة
الموقوتة التي حذرنا منها على سنوات.وهو
نفس التناقض الذي شهدناه في كل
محاولات الانقاذ السابقة. وانا عشته شخصيّاً
خلال تجربتي في آخر حكومة قبل اندلاع
الأزمة. يومها، كان برنامج حكومتنا
تطبيق الاصلاحات الني نص عليها
مؤتمر سيدر، والحصول على دعم الـ11
ملياراً الذي خاضت القوى الحاكمة
انتخابات 2018 على اساسه. هذا الدعم التزمت
به يومها الدول المانحة تجاه لبنان لاطلاق ورشة
مشاريع بنى تحتية ضخمة وطموحة، كان المفروض منها استعادة
النمو والنهوض بالاقتصاد. كان مؤتمر سيدر
ومشاريع سيدر على علّاتها خرطوشة
الفرصة الاخيرة لادخال استثمارات
وتحريك الاقتصاد قبل الانهيار. امضينا 10 أشهر
في تلك الحكومة التي لم تنفّذ اي اصلاح ولم
تطلق اي مشروع. لماذا؟ شهدت كيف تعتمد
القوى الحاكمة والأحزاب تضييع الوقت،
والمراوغة، والتذاكي على الدول المانحة، وغالباً الكذب
عليها. لتأجيل او تجنب اي اصلاح يهدد مصالحها ويقوّض سلطتها.
للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على الرابط التالي
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af/