اخبار محلية

انفراج.. أم انفجار؟

هل باتت “الشيعية السياسية” هي الأقصر عمراً بين سابقاتها الآفِلات؟

عاشت المارونية السياسية 32 عاماً من الاستقلال في عام 1943 إلى عام 1975. وعاشت السنّيّة السياسية 16 عاماً من عام 1992 تقريباً، إلى اتفاق الدوحة في 2008 حين وُلِد “الفيتو الشيعي” المعطِّل. لكنّ الشيعية السياسية التي دخلت في أوجها قبل 4 سنوات، بعد نيل الحزب الأكثرية النيابية، مع حلفائه، في انتخابات 2018 النيابية، شهد لبنان خلال “زمانها” الانهيار المالي الأكبر في تاريخ البشرية منذ 1850. ويبدو أنّ خسارة الأكثريّة النيابية في عام 2022 قد تنذر بأفول سريع لهذه الحقبة.

خسرت إيران بيروت بعد بغداد في 15 أيّار 2022. فقد نقلت وكالة “رويترز” عن “مصادر متحالفة مع حزب الله” في لبنان، أنّ “من المرجّح أن يخسر الحزب وحلفاؤه الأغلبيّة البرلمانية”.

وإذا صحّت التوقّعات، فلن يكون باكراً القول إنّ الأكثرية، التي تفاخر بها قاسم سليماني في 2018، قد انتهت. واستطراداً، فإنّ المدّ الإيراني بدأ بالانحسار عربياً، من العراق إلى لبنان، مروراً بما يُطبَخ في اليمن، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة السورية غير الواضحة، لكن التي لا مكان فيها لـ”أغلبية” إيرانية بالتأكيد، أو على الأقلّ أُصيب هذا المدّ بانتكاسة كبيرة، في 3 دول رئيسية من أصل 4.

فقد خرج حلفاء حزب الله بعدد لا بأس به من ساحة النجمة في بيروت. وإذا كان الهدف الذي وضعه الحزب هو “إنجاح حلفائنا”، فإنّ النتيجة هي هزيمة سياسية مكتملة الأركان.

وهنا أبرز معالم الهزيمة

1- أقفلت 3 بيوت سياسية عريقة تابعة لمحور إيران وسوريا: دار خلدة (طلال أرسلان)، محاولة الجاهلية (وئام وهّاب)، الحزب السوري القومي (صفر نوّاب للمرّة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهليّة).

2- خرجت رئاسة الجمهورية من قبضة حارة حريك. وبات الإفطار الشهير قبل أسبوعين بين الأمين العامّ للحزب وجبران باسيل وسليمان فرنجية، ديكوراً من مشهد بات من الماضي. فلا باسيل مرشّح، ولا فرنجية مرشّح، وفق التوازنات الجديدة.

3- باسيل بات النائب الثاني في البترون بعد القواتي غياث يزبك. وبالتالي خرج من مدار قصر بعبدا. وربّما ما عاد يملك حتّى حقّ الفيتو.

4- أصوات ميشال معوّض تعادل أصوات لائحة سليمان فرنجية، الذي بات زعيم نصف زغرتا فقط. وبالتالي خرج من الحلبة الرئاسية هو أيضاً.

5- سمير جعجع بات الرقم “1” في لبنان، مع أكبر كتلة حزبية، وأكبر كتلة مسيحية. ولو أنّ الفائض الجديد من النواب، بجزئه الأكبر، تحقّق بأصواتٍ سنيّة، ورغم خرق وليم طوق “قلعة بشرّي” القواتيّة، الذي يُعتبر إصابة مباشرة في رأس الكتلة.

6- الأرجح أنّ نجيب ميقاتي بات خارج السراي الكبير. هو الذي رأس 3 حكومات على خطوط تقاطعات، كانت لحزب الله فيها الكلمة الأولى في 2005، وفي 2011، وآخرها التقاطع الإيراني الفرنسي في 2021.

7- انتصر “المجتمع المدني” وقوى ثورة 17 تشرين بـ10 مقاعد، يُضاف إليها 4 للكتائب و2 لبولا يعقوبيان و2 لميشال معوّض ونعمة إفرام. أي أنّها كتلة من 21 نائباً. هؤلاء الذين اتّهمهم الحزب بأنّهم “عملاء السفارات”.

8- سقط “المؤتمر التأسيسي”، وعادت الروح إلى اتفاق الطائف. فالمهزوم لا يمكنه المطالبة بحصّة أكبر في “النظام”، في حين أنّه ما عاد يمثّل غير طائفة واحدة. “الأكثرية النيابية” لدورتين متتاليتين كان يمكنها أن تكون منطلقاً للمطالبة بتغيير “النظام”. أمّا اليوم فإنّ “الطائف” عادت له الروح، مع تثبيت “المناصفة”، وسنذهب باتجاه “نزع سلاح الميليشيات” بعنوان “الاستراتيجية الدفاعية”. والأهمّ ستبدأ في التوسّع فكرة “مجلس نواب خارج القيد الطائفي”، مع توسّع منطق اللاطائفية. فحليمة قعقور ليست “سنّيّة”، ولا مارك ضوّ “درزيّ”، ولا الياس جرادي “مسيحيّ”، ولا علي مراد “شيعيّ”. سيبدأ في التوسّع منطق “اللامذهبية” في اختيار الممثّلين السياسيّين.

أمّا سنّيّاً فهناك 3 نتائج كبيرة الحجم:

1- غاب بيت الوسط مع تصويت 100 ألف سنّيّ بيروتي على الرغم من دعوات “المقاطعة” الصادرة عن الحريريّين في

كلّ لبنان. وسعد الحريري كان حتّى اللحظة الأخيرة المرشّح الأوّل لحارة حريك لرئاسة الحكومة.

2- انتهى “نادي رؤساء الحكومة”، مع نهاية فصول الحريري،

وخروج تمّام سلام من ساحة النجمة، وتراجع حظوظ ميقاتي

في رئاسة الحكومة، وخسارة فؤاد السنيورة المدوّية، من بيروت إلى المناطق الأخرى.

3- ما عاد نموذج “حسان دياب” ممكناً، ولا “ميقاتي”. الأرجح أن

نذهب باتجاه نموذج جديد مقبولاً عربيّاً، ومعترفاً به من 8

آذار، وربّما نتّجه صوب جواد عدرا. لكنّ التوازنات التي أتت بميقاتي، انتهت داخليّاً.

يبقى أنّ على المستوى الوطني اعتباراً جديداً

سيحكم انتخابات رئاسة الجمهورية، التي خرجت

من قرار حارة حريك. ربّما نذهب إلى نموذج نعمة

افرام، الذي حصد حاصلين في “قلعة الموارنة”، كسروان – جبيل، أحدهما كتائبي.

صمدت المختارة وصدّت “الهجمة الفارسيّة”. اقترع الدروز لبقاء

المختارة، وفتحوا باباً جانبيّاً كبيراً للتغيير، بدلاً من دار

خلدة “المعارض” للمختارة.

وشيعيّاً بدا أنّ التغيير ممكن جدّاً إذا صانت “الدولة”

حقّ العمل السياسي للمعارضين. فالاختراق في دائرة مرجعيون –

حاصبيا – بنت جبيل – النبطية، الذي كاد ينتزع الحاصل

الثاني، يمكن أن يقفز إلى حاصل ثالث ورابع إذا كان

للشيعة المعارضين حرّيّة الحركة والعمل السياسي

في مناطقهم، بعيداً من منطق التهديد والحديد والنار.

ختاماً هناك خشية كبيرة: في العراق،

ردّت إيران على خسارتها بـ”الدرونز”

على بيت رئيس الحكومة مصطفى

الكاظمي، وبتفجيرات واغتيالات

وتعطيل للحياة السياسية. ومعروف

أنّه العقل نفسه الذي يدير “الأقطار

الإيرانية الهوى. ونموذج الكلام الذي

قاله أمس رئيس كتلة الحزب النيابية

محمد رعد، هو أوّل الغيث، إذ هدّد

بأنّ “عدم التعاون معنا في مجلس ا

لنواب يعني أنكم تقودون لبنان

إلى ما لا تُحمد عقابه، وهذا ما

يخطّط له الاسرائيلي والأميركي”.

فهل نحن أمام انفراج؟ أم انفجار؟

مواضيع ذات صلة

https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى