مخطئٌ من يعتقد أن المجلس النيابي الجديد سينجح في قلب الموازين السياسية والإقتصادية وحتى التشريعية، لا بلّ سيكون مسرحاً مفتوحاً للصراعات والمناكفات التي لن تنتهي عند مسألة انتخاب رئيسٍ للمجلس النيابي ونائبه، ولا عند تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي لم تقم بإنجازٍ يذكر باستثناء إجراء الانتخابات النيابية قبل أيام.
عدة معطيات تؤكد أن مجلس العام 2022 سيتحوّل في كثيرٍ من المحطات إلى “حلبة مصارعة”، خصوصاً أن وجوهاً جديدة نجحت في اقتحام المجلس عبر صناديق الإقتراع. ومعظم هذه الشخصيات تواجدت في الشارع منذ ما قبل انتفاضة 17 تشرين، وأطلقت شعارات كادت أن تؤدي إلى حربٍ أهلية، لكن مثل هذه الشعارت المدوية لن يكون مسموحاً إطلاقها داخل أروقة المجلس النيابي، وإلا فإن عمر المجلس لن يكون طويلاً.
بحسب مصادر نيابية، على الشخصيات الجديدة التي نجحت في انتخابات 15 أيار، أن تضبط نفسها وتمارس عملها النيابي بسلوكٍ مختلف عمّا قامت به خلال التظاهرات الشعبية، وهذه نصيحة، لا سيّما أن المجلس سيجمع هذه الشخصيات بسياسيين لهم وزن شعبي على مستوى الوطن، وفي مقدمهم الرئيس نبيه برّي الذي هو بمثابة “خط أحمر” لا يمكن المساس به. لذلك إن أي خطاب يخرج عن إطار الحوار السياسي والتشريعي قد يسبّب توتراً في الشارع، وهذا ما لا يمكن تحمّل تداعياته.
داخل المجلس، لن تنفع مقولة “كلن يعني كلن” ولا “يسقط يسقط حكم الأزعر”
ولا التقدم بأي قانون لحلّ شرطة المجلس النيابي وغيرها من القوانين التي لن تكون سوى مادةً لافتعال المشاكل وتفجير الوضع الأمني. لذلك على القوى التغييرية الأخذ بعين الإعتبار أن جميع من في المجلس، هم نواب منتخبون دخلوا إلى ساحة النجمة بأصوات مواطنين لبنانيين، مقيمين ومغتربين.
على صعيدٍ آخر، يبدو واضحاً تخوّف قوى 8 آذار من أداء النواب الجدد، لذلك نرى ما يُعرف بمحور الممانعة يدعو إلى تهدئة النفس
وتخفيض حدة السجالات السياسية والإعلامية، وهو بحسب مصادر، تكتيك تقليدي، يتّبعه هذا المحور عندما يتعرض لاهتزازٍ أو خسارة، لكن الخسارة في الإنتخابات النيابية الحالية،
جزئية وليست كاملة أو حاسمة
لكنها تحمل رمزيةً مهمة لا
سيّما أن “حزب الله” كان يمنّي
النفس بتحقيق نتيجة كبيرة
لصالحه، وربما أن يتجاوز
وحلفاؤه الـ 75 مقعداً
نيابيًا، لكن ما حصل أنه خسر الرهان
ورغم خسارة الرهان وتبدّل
الحسابات، يبقى الثنائي
الشيعي “حزب الله”
وحركة “أمل”، ثنائية
قوية وأساسية لا يمكن تجاوزها. لكن أيضاً، من المهمّ القول بأن التهدئة يطلبها “حزب الله” لأنه مرتاح للتركيبة الحالية. وبالنسبة له، التهدئة تعني عدم إثارة موضوع السلاح ودور الحزب ووظيفته
الإقليمية.
لكن المصادر تؤكد أن
هذه التهدئة لا يجوز
أن تحصل، نعم لا
بدّ من تهدئةٍ على الأرض
لضبط الأمن والإستقرار
وداخل المؤسسات لتسيير أمور المواطنين.
لكن على صعيد الملفات الخلافية والنقاش الوطني الكبير حول وضع “حزب الله” وطبيعته وسلاحه فإن التهدئة مستحيلة، وهذا الأمر يجب أن يبقى مطروحاً دائما بصرف النظر عن رأي الحزب ورغباته.
بكل الأحوال، يمكن القول أن
مجلس النواب الجديد م
المحتمل أن يمارس دوره بشكل
طبيعي، لكن أيضاً من الممكن أن
يتعرض للتعطيل المتبادل،
وهذا يعود إلى حالة التشرذم
التي يمكن أن تصيب الطرف
الآخر، أي السياديين والإصلاحيين والتغييريين.
اخبار ذات صلة
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/