انتهت الانتخابات وبدأت تفوح روائح الفضائح. تتحدث وسائل الاعلام عن دخول ما يقارب الـ4 مليارات دولار إلى لبنان خلال فترة الانتخابات،(انتخابياً ) مما دعا عدداً من الاقتصاديين إلى التعليق:
“يجب أن نجري انتخابات كل شهرين”. المبلغ هائل جداً، وأشارت إحدى الصحف إلى أن مرشحاً صرف 16 مليون دولار على حملته الانتخابية، بينما السقف الانتخابي هو 750 مليون ليرة للمرشح الواحد. وتُنقل أخبار من مناطق عدة عن رشاوى عينية ومادية، وزعت بين المواطنين، كي يفوز بعض المرشحين.
أما أطرف ما يتم تداوله بين المواطنين، هو أن مرشحاً خسر الانتخابات لكنه كان سعيداً، لأنه استطاع أن يسحب مبلغ 750 مليون ليرة وكلفه الأمر رسم التسجيل للترشّح، أي 30 مليون ليرة فقط، بينما كان الحد الأقصى الذي يستطيع سحبه شهرياً 4 ملايين ليرة. بعيداً عن الإبداع اللبناني، لا شك أن الإنفاق الانتخابي تخطى الحد المسموح به، والانتخابات شابها العديد من المخالفات من بينها الرشوة الواضحة والموثقة. أين هيئة الإشراف على الانتخابات من كل هذه الفضائح؟ وهل سنشهد إبطال نيابة بعض الفائزين الذين وُثقت مخالفاتهم بالفيديو؟
أشار رئيس “مركز ليبرتي للدراسات” محمد زكور، الى أن “دور هيئة الإشراف على الانتخابات هو رقابي فقط، وليست لديها أي صلاحية لإبطال نيابة أي نائب. وهذه الصلاحية منوطة حصراً بالمجلس الدستوري، الذي أنشأه القانون، وفي حال توافرت لديه الأدلة أن انتخاباً ما يشوبه تزوير أو أخطاء فادحة، يمكنه حينها إبطال نيابة أحد الفائزين”، متوقعاً “أن نشهد طعوناً من عدد من النواب الخاسرين، تقدم الى المجلس، ضد من هزمهم في الانتخابات، لكن لا بد من الإشارة الى أنه لم يسبق في لبنان أن قُبل طعن بسبب تخطي الانفاق الانتخابي”.
واعتبر زكور
أن “هيئة الإشراف على الانتخابات لا يمكنها ضبط المخالفات الانتخابية، وتحديداً الانفاق الانتخابي، الذي انتهجه معظم المرشحين تحت عنوان المساعدات الاجتماعية طوال السنة الماضية”،
لافتاً الى أن “صلاحيات الهيئة محصورة فقط بما يظهره المرشح أو يصرّح عنه، وهي لا يمكنها ضبط الذين يستترون باسم المندوبين، ويقبضون الأموال ويوزعونها”.
من جهته، أكد المدير التنفيذي لجمعية “لادي” علي سليم أن “الانتخابات هذ السنة شهدت عمليات رشوة انتخابية أكثر من العام 2018، فحينها اقتصر الأمر على وعود بوظائف وزبائنية، أما هذه السنة فسجلت لادي عمليات شراء ذمم فاضحة، بدأت قبل شهر أيلول بكثير، أي قبل بدء الجمعية بتسجيل المخالفات ونشرها، وكلها كانت تحت حجج المساعدات الاجتماعية، لكن يبدو أنه فات المرشحين أو الجمعيات والأحزاب التابعة لهم، أنه يجب أن يقدموا إثباتات على أنهم كانوا يقدمون هذه المساعدات لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبطريقة منتظمة، غير منقطعة، وبقيمة المساعدة عينها، فاذا كانوا سابقا قدموا مساعدات بقيمة 100 دولار، لا يمكن أن تصبح في فترة الانتخابات 150، هذا شراء ذمم، ومخالفة مفضوحة، ولقد استغل المرشحون الوضع الاقتصادي الصعب للناس من أجل شراء أصواتهم”.
وأوضح سليم أن “هيئة الإشراف لا تمتلك الصلاحيات ولا الهيكلية التي تخولها ضبط هذه المخالفات”، لافتاً الى أن “الهيئة تأسست قبل الانتخابات بثلاثة أشهر، وتنتهي مهمتها بعد 6 أشهر،
وهي بذلك فاتها العديد من المخالفات
والرشاوى وشراء الذمم التي بدأت قبل
تأسيسها، بل هي لا يمكنها ضبط المخالفات
التي حصلت خلال فترة الانتخابات، لأنها لا
تملك صلاحيات تخولها ذلك، ولا القدرة البشرية
التي تمكنها من متابعة المخالفات، وحتى
لادي لم تركز على مراقبة الانفاق الانتخابي،
بل شددت على مراقبة المخالفات الانتخابية،
لأن الانفاق هذه السنة كان عبر الكاش، بسبب
انهيار القطاع المصرفي، والكاش لا يمكن ضبطه بتاتاً،
فكيف بحال جمعية لا تمتلك القدرات لضبط أبسط المخالفات؟”.
الأزمة المالية والاقتصادية أثرت بشكل مباشر في الانتخابات،
ليس لناحية النتيجة فحسب، بل أيضاً عبر
استغلال الوضع المعيشي وشراء الذمم.
وبما أن النظام المصرفي انهار، فلا يمكن
فعلياً تقدير قيمة الانفاق الانتخابي(انتخابياً )
للمرشحين، إلا أن الإعلانات المكثفة عبر جميع
الوسائل الإعلامية، توحي برقم كبير جداً،
ربما لم يسبق للبنان أن شهده في انتخابات (انتخابياً )
من قبل، وإذا لم تُنشأ هيئة رقابية لديها قدرات
كبيرة وصلاحيات فاعلة، فستستمر المخالفات
وشراء الذمم، مما يهدد فعلياً نزاهة كل عملية ديموقراطية
مواضيع ذات صلة
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/