يُعتبَر انتخاب مجلس نيابي جديد بداية مرحلة مصيرية يتوقف عليها مستقبل لبنان، لأنّ اللبنانيّين أمام استحقاقات مفصلية عدة، تبدأ بانتخاب رئيس للمجلس الجديد ونائبه، بحسب القواعد الدستورية والميثاقية، ثم تأليف حكومة تنفّذ الإصلاحات وتضع خطة تعافٍ لفرملة الانهيار، وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
كما أنّ خيارات تصويت معظم النواب والكتل باتت شبه محسومة، فهل سيعاني اللبنانيون من فراغ في رئاسة المجلس النيابي؟
دعا رئيس السنّ في المجلس النيابي الجديد نبيه بري ، والرئيس السابق للمجلس السابق والمرشح الوحيد للرئاسة، إلى جلسة تعقد اليوم لانتخاب رئيس المجلس ونائبه وأميني سرّ وثلاثة مفوّضين،
عملاً بأحكام المادة 44 من الدستور، التي تنصّ على أنّه «في كل مرة يجدّد المجلس انتخابه، يجتمع بناءً على دعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته لانتخاب هيئة مكتبه في أول جلسة يعقدها، في مهلة أقصاها 15 يوماً من بدء ولايته.
ويقوم العضوان الأصغر سناً بينهم بوظيفة أمانة السر، ويعمد إلى انتخاب الرئيس ونائب الرئيس لمدة ولاية المجلس، كل منهما على حدة، بالاقتراع السرّي وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وتُبنى النتيجة في دورة اقتراع ثالثة على الغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يُعدّ منتخباً. وفي حال تعذّر حضور عميد السنّ يرأس الجلسة أكبر الأعضاء سناً من الحاضرين، تبعاً للمادة الثانية من النظام الداخلي، مع الإشارة إلى أنّ الأكبر سناً في المجلس المنتخب هو بري.
هل لبري فرصة سابعة؟
في سياق انتخاب رئيس مجلس النواب، تُعتبر المعركة شبه محسومة لبري، فـ «حزب الله» لم يرشح أي نائب لهذا المنصب، مؤكّدة مصادره لـ «الجمهورية»، انّ «الحزب موقفه معروف وهو يدعم بري».
كذلك، قال مصدر قريب من «التيار الوطني الحر» لـ «الجمهورية»، انّ «النائب جبران باسيل موقفه سلبي من انتخاب الرئيس بري، ولا يؤيّده في انتخابات رئاسة المجلس، لكن عدم التصويت لبري لن ينسحب على النواب الأعضاء، مثل إلياس بو صعب المرشح لمنصب نائب رئيس المجلس، وابراهيم كنعان، وآلان عون، وسيمون أبي رميا».
وعلمت «الجمهورية»، انّ النواب التغييريّن لن ينتخبوا بري وموقفهم محسوم، «نفضل ان نضع ورقة بيضاء».
كما بات موقف حزبي «الكتائب» و«القوات اللبنانية» ثابتاً، فهما ايضاً يفضّلان الورقة البيضاء على انتخاب بري رئيسًا لولاية سابعة.
أما «الحزب التقدمي الاشتراكي»، فأنّ نوابه الأعضاء في «اللقاء الديمقراطي» سيصوّتون لبري بناءً على توصية رئيس الحزب وليد جنبلاط.
بدورها، تجري الاتصالات لضمان فوز بري في دورة الانتخاب الأولى، بحصوله على تأييد 65 نائباً وما فوق، بين نواب حركة «أمل» و«حزب الله» وعدد من نواب «التيار الوطني الحر» و«التقدمي الاشتراكي» وحزب «الطاشناق»
وعدد من المستقلين كالنائب ميشال المر، خصوصاً أن لا منافس له، و«حزب الله» يتولّى جزءاً من هذه الاتصالات.
نائب الرئيس.. المعركة الأكبر
لكن الصورة لا تزال ضبابية على مستوى موقع نائب الرئيس. «التيار الوطني الحر» برئاسة باسيل رشح النائب الياس بو صعب. فيما أعلن النائب غسان سكاف ترشيحه لمنصب نائب الرئيس، ويراه الحزب «التقدمي الاشتراكي» خياراً وسطياً في حال سقوط مرشحي الأحزاب أو عدم الاتفاق على اسم آخر. وكتلة نواب عكار رشحت النائب سجيع عطية، وكان هذان المرشحان قد لوَّحا بانتخاب بري لرئاسة البرلمان.
وعن المقايضة بالأصوات، أشار مصدر قريب من «التيار» الى ان لا مقايضة مع بري في ما يخصّ اصوات انتخاب نائب رئيس المجلس، «بحب يصوّت لنا، يصوّت».
اما من جهة السلطة التنفيذية، فالحكومة اليوم هي في مرحلة تصريف الأعمال، أي لا صلاحيات كبيرة لها، وعلى رئيس الجمهورية إجراء استشارات نيابية لتكليف رئيس حكومة جديد. لكن، لا يمكن أن يتمّ ذلك وفقاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور، إلّا بعد تشاوره مع رئيس مجلس النوب أولاً ثم إطلاعه رسمياً على نتائجها ثانياً. وعليه، يؤدّي تأخير انتخاب مكتب المجلس حُكماً إلى تعطيل تسمية رئيس الحكومة المكلّف، وبالتالي إلى تأخير تشكيل الحكومة والاستمرار في حالة تصريف الأعمال.
فهل سيدخل لبنان دوامة الفراغ والتعطيل الحكومي حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
وداد فرنسيس- الجمهورية
تتّخذ جلسة إنتخاب رئيس البرلمان ونائبه طابعا مختلفا عن العقود الماضية ولو أنّ رئيس كتلة التنمية والتحرير نبيه بري سيفوز بولايته البرلمانية السابعة من دون منافس.
غير أنّ طريق بري الى رئاسة البرلمان لم تكن مفروشة بالورود هذه المرّة ولن تأتي بأكثرية ساحقة كما كان يحصل في السنوات الماضية، نتيجة إتّساع رقعة الأفرقاء المعارضين
لإعادة إنتخابه والذين سيترجمون رفضهم إمّا بالإمتناع عن التصويت أو باللجوء إلى الورقة البيضاء التي ستُعتبر وفق ما ينصّ النظام الداخلي لمجلس النواب، أوراقا مُلغاة.
وقبيل جلسة الإنتخاب التي قد تتوزّع على ثلاث
دورات إنتخابية في حال لم يحصل بري على أكثرية الثلثين في الدورتين الأولى والثانية، اتّخذت التحليلات حول سيناريو الجلسة
حيّزا واسعا بين ما حُكي عن صفقات عُقدت من تحت
الطاولة وبين ما أُعلن في المقابل من التزام كتلة نواب
التيار الوطني الحر الـ١٧ بعدم التصويت لبري أو المقايضة
بين أصوات بعض هؤلاء مقابل أصوات من نواب
ينتمون الى كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة
سيصوّتون للياس بو صعب لنيابة رئاسة المجلس.
وفيما هي المرّة الأولى التي يترقّب فيها المتابعون
مسار جلسة اليوم نتيجة الضبابية التي تحيط
بمجرياتها وعدم إمكان معرفة نتائجها مسبقا ما عدا
ما هو مؤكّد بإعادة إنتخاب بري لولاية سابعة، فإنّ
أجواء الساعات الماضية كانت ترجّح كفّة بو صعب بالفوز بنيابة رئاسة
المجلس إثر الإتصالات التي أجراها في الايام الأربعة
الماضية بوجه منافسه غسان السكاف، ولو أنّ الاخير أعلن
أنّ حظوظه أيضا مرتفعة، وسط ما حُكي عن
محاولات من قوى المعارضة لجمع صفوفها والتوافق على دعم ترشيحه.
وفيما تُعقد اليوم جلسة إنتخاب رئيس البرلمان ونائبه وهيئة مكتب المجلس، علم “ليبانون فايلز” أنّ تعيين اللجان النيابية لن يتمّ اليوم على الأرجح، وقد قام الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر بطلب من بري
بجولة إتصالات مع مختلف الكتل السياسية للوقوف على آرائها إن في الإنتخابات المجلسية أو في عملية تعيين اللجان النيابية. وقد خلصت الاتصالات مبدئيا الى تأجيل مسألة اللجان الى جلسة تُعقد لاحقا.
عملية إعادة إنتاج السلطة التشريعية بعيد إتمام الإنتخابات النيابية لن تكون المحطّة المفصلية الوحيدة وإن كانت طبيعة ما ستخلص إليه مؤشّرا جديا الى إمكان ضخّ بعض الدم الجديد في شرايين العمل
التشريعي الذي صُبغ في الفترة الماضية ب
طابع المناكفات السياسية وتكبيل أي إرادة
إصلاحية لا سيما في مسار النهوض الإقتصادي والمالي.
ولعلّ ما سيلي الإنتخابات المجلسية من إستحقاق تشكيل الحكومة سيكون الإمتحان الأكثر صعوبة مع توزّع مجلس النواب على أكثريات تعمل بالقطعة، قد تجتمع وقد ينفرط عقدها بحسب الظروف السياسية
الحدث – ميرا جزيني