حزب الله “!
من يقرأ تفاصيل جلسة مجلس النواب يوم أمس، سيستوقفه أمرٌ واحدٌ لا مفرّ منه: سيطرة كاملة لـ” حزب الله ” على المشهد.
بدون أدنى منازع، نجح الحزب في تحصين حلفائه، فأوصل الرئيس نبيه برّي إلى رئاسة المجلس لدورةٍ سابعة رغم اعتراض مختلف الكتل المناوئة للأخير، فيما تمكن من تكريس قوّة “التيار الوطني الحر” عبر إيصال الياس بو صعب لتولي منصب نائب الرئيس.
حتماً، ما يتبين فعلياً هو أنّ الحزب استطاع تعزيز قوّته، وأنه قادر على فرض الأكثرية النيابية التي يريد متى ما يشاء. هنا، الأمرُ هذا يأخذنا بعيداً نحو أمر واحد عنوانه أن
” حزب الله ” استطاع أن يوحّد حلفاءه في معركة البقاء،
وهذا ما حصل. فـ”التيار الوطني الحر” انتصر لبرّي، والأخير انتصر لـنائبه الياس بو صعب، والجميع انتصروا لصالح محور 8 آذار الذي تبين أنه قادر على قلب الطاولة في المجلس لصالحه.
في قراءة معمّقة لما حصل،
ينكشف تماماً أن التوافق الذي جرى بين “الوطني الحر” وبرّي جاء بناء لـ”مايسترو” واحد وهو “حزب الله “. فالأخير، اعتبر معركة الانتخابات مصيرية، كما أنه وجد في معركة رئاسة المجلس اختباراً وجودياً،
فتحرّك على الصعد كافة واستطاع استمالة الحلفاء
إليه في وقتٍ قصير، وكانت النتيجة ما حصل يوم أمس.
مع كل ذلك، فإن ما يظهر تماماً أيضاً هو أن
رهان الأطراف الأخرى مثل “القوات اللبنانية”
على انتزاعِ سلطة داخل مجلس النواب، باء بالفشل تماماً وسط “تكاتف”
حزب الله مع “الوطني الحر” و برّي.
وعند هذه النقطة، ما ينكشف أيضاً هو أن كتلة “القوات” تغرد لوحدها بعيداً عمن يتوافق معها في التوجّهات “السيادية”. فصحيحٌ أن “القوات”
لديها كتلة نيابية وازنة، لكنها لم تستطع أن تستقطب الآخرين إليها لتشكيل قوة وازنة والضغط باتجاه مرشحين جديين في معركة انتخاب رئيس المجلس ونائبه.
وهنا، يطرح السؤال الأساسي: هل لدى القوات “القوة”
في ذلك؟ هل يمكنها قيادة تحالف عريض؟ هل يمكنها أن تلعب الدور الذي لعبه “حزب الله” في جمع الخصوم مثلما فعل
مع بري والوطني الحر من أجل المصلحة؟
عند هذا الأمر، ما يمكن الوقوف عنده هو كلامٌ لشخصية مقربة من وزير “قواتي” سابق، حينما قال بعد الجلسة يوم أمس: “لا حلفاء غير حزب الله وحلفائه”. وبكل بساطة،
ما يظهر هنا أن الرهانات على “قبع” بري لم تنجح
والسبب “قوة التحالف” رغم التنافر، وما يظهر أيضاً أن “
حزب الله ” أدار اللعبة بشكل صحيح ووفقاً لقواعده، وتمكن من تكريس قوته على أكثر من صعيد.
أما المفصل الأبرز فهو أنّ قوى الـ8 من آذار استطاعت أن تضرب “الأكثرية” التي تضم “السياديين”، وبالتالي كسرت القواعد التي أرسيت عبر الانتخابات. وبذلك، فإن كل استحقاق سيشهدُ “هندسة” معينة،
وما حصل مع سيناريو بري قد يتكرر يوم 31 تشرين
الأول المقبل عند انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس
ميشال عون. عندها، سيذهب النواب إلى
المجلس وستُخاض معركة الدستور، وبأصواتٍ الحزب وحلفائه، سيأتي الرئيس الذي يُريدونه.
وفي ظل هذه المشهدية أيضاً، ما يظهر تماماً
أن نواب التغيير باتوا بلا تأثير، فالمفاصل الأساسية
من المعركة خسروها، وما المراحل الأخرى سوى اختبارات جديدة، فالتشريع ينتظرهم،
والتوافق لا يجب أن يكون بعيداً عنهم من
أجل إحداث نقلة نوعية. ولكن، رغم الشعارات التي رفعوها، فإنهم
لا يشكلون خطراً على حزب الله ولا على برّي،
ومهما اعترضوا، فإن تأثيرهم عبر “الثنائي
الشيعي” لن يكون كبيراً.. ولهذا، فإن معركة الحزب وبري معروفة أهدافها، والقوة
اليوم بيد من يستطيعُ توجيه مجلس النواب نحوه كيفما شاء وساعة يشاء.
مواضيع ذات صلة
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/