أثبتَت “البروفة” الأوليّة في مجلس النوّاب عبر إنتخاب نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب بـ 65 صوتاً أنّ التوازنات ما زالت إلى حدٍّ ما تتحكّم باللعبة البرلمانيّة، ممّا يُعطي دفعاً إيجابياً للإستحقاق الأكبر وهو إنتخاب رئيس الجمهورية، فَمن هو المرشح الأوفر حظًّا الذي يُمكن أنْ يتبّوأ سدة الرئاسة
بدون أن يَترك ذيولاً سلبيّة على المستوى الوطني بحيثُ يكون الرئيس الجامع والمُنفتح على أغلبيّة الأطراف، وحتى لا نُبالغ ونقول جميع الأطراف لا سيّما أنّ هناك مَن يُراهن على أكثريّة وأقليّة؟
وللإضاءة على هذا الإستحقاق ليْس من باب إستباق الأحداث بِقدر مَا هو مُقاربة له مِن خلال سلسلة مَعايير ومُعطيّات تتحكّم به:
-كثرة الترويج للفريق السيادي – التغييري لم تتظهر على أرض الواقع في إنتخاب بوصعب فَلم يظهر أبداً أنّه فريق مُتماسك أبداً والنزاع واضح بين مكوّناته من “الثورة”
إلى “الكتائب” إلى “القوّات” و”المستقلين”. أما الثورة هنا لم تُحدّد هويتها حتى اليوم إذا كانت مع هذا الفريق لتُشكّل الأكثريّة معه أو هي مُنقسِمة وتُقارب ملفّاتها على
القطعة كما ظهر في إنقسامها حول التصويت الداخلي لغسّان سكاف بحيث إنقسموا 6 ضدّ و7 مع.
-أظهر الطرف الآخر أيّ 8 آذار أنّه فريق مُتماسك نوعًا ما ولديْه القدرة على إستقطاب بعض المُستقلّين وهذا ما تبيّن من خلال حصول بو صعب على 65 نائباً وبالطبع فإنّ عدداً من المُستقلين إنتخبوه وبالتالي شكّلوا الغطاء المُستقبلي للإستحقاقات المُقبِلة.
-يَملك حزب الله وحلفائه عامل قوّة من خلال رئاسة
الجمهورية المحسوبة عليه وهو غير مُستعدّ لخسارة هذا المكسب، لا سيّما في ظلّ تأزّم العلاقة مع العديد من المكوّنات
المسيحية نتيجة التحريض عليه سياسيًا وإعلاميًّا،
لذلك هو غير مستعدّ للتنازل عن هذا المكسب لأيّ طرف
آخر بهدف إبقاء الخطوط مفتوحة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.
-يُوقِن رئيس التيار الوطني الحرّ أنه لن يتمكّن من الوصول
إلى رئاسة الجمهوريّة في ظلّ الظروف الحاليّة ولكن ليْس
من مَصلحته أنْ تخرج الرئاسة من فريق 8 آذار لأنه لن يكون من السهل اعادتها.
-أمام حزب الله اليوم، الذي أثبتت المعطيات أنّه تراجع نوعا ما في الانتخابات، مرشّحَيْن فرنجية وباسيل وبما أنّ الثاني لَن يَصل بسهولة فإنّ الإتفاق على تسمية فرنجيّة هو الأقرب إلى الواقع لسببين ولو لم يظهر هذا الامر حتى الساعة:
1- إنّه مِن فريق 8 آذار وما يُرافق ذلك من كسر
جليد مع باسيل وعوْدة الأمور إلى طبيعتها شيئًا فشيئًا.
2- قبوله من كافّة الأطراف بما فيها جزء من المسيحيين
بإستثناء الطامحين إلى رئاسة الجمهورية مع تمام
التذكير بعلاقته المُميّزة مع البطريرك الماروني ا
لكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومَع العديد مِن المرجعيّات الكنسيّة على أنواعها.
وطَرحُ حزب الله لسليمان فرنجيّة كرئيس للجمهوريّة يُشكّل
طمأنينة إلى أفرقاء عدّة مثل “الحزب التقدّمي الإشتراكي وتيار المستقبل الذي تجمعه برئيسه علاقة ممتازة وحركة أمل
وللمستقلين المسيحيين ، لما يحتفظ به فرنجية من علاقات جيّدة مع الدول العربية والغربية سيما روسيا وفرنسا وهذا ما تجلى في ترشيحه من قبلهم جميعا عام
٢٠١٦ ، ما سيسهل تمرير اسمه كمرشح جدي للرئاسة في 2022.
وعَكس ما يُشاع عن إستحالة وصوله عقب الإنتخابات التي جَرت في 15 أيار، فإنّ إنتخابات ال مجلس النيابي لل رئيس ونائبه أثبتَت أنّ الأكثريّة ما زالت إلى حدٍّ ما بيْد 8 آذار،
كما أنّ طرح إسم فرنجيّة لا يُشكّل إستفزازاً لأيّ فريق
في المجلس، بَل على العكس يُمكِن أنْ يُشكّل عامل تبريد للتوّترات المُستمرّة منذ الإنتخابات النيابيّة، كما يُمكن
أنْ يؤدّي إلى خرق الطرف الغيْر مُتماسك والمليء
بالتناقضات والذي يُسمّي نفسه سيادي لأنّ فرنجيّة يستطيع الحديث مع جزء كبير منه.
أمّا فيما يتعلّق بالتغييريين فإنّ أوّل ردّة فعل بعد الإنتخابات هو إعتراف فرنجيّة بوجود جوّ جديد في المجلس ودعوته للتعامل مَعهم والإنفتاح عليهم في وقتٍ يُحاول آخرون إمّا إستيعابهم أو تطويقهم.
ويُمكن لأيّ إسم آخر يُطرح أنْ يُشكّل حالة “تصادميّة”، لكن بوجود إجماع محلي وعربي ودولي فإنّه من السهولة لفرنجيّة أن يَصل بأكثريّة
نيابيّة مَقبولة لا سيّما بعد “بروفة” المجلس
النيابي وإمكانيّاته المُتاحة للتعامل جيداً مع المكوّن المسيحي في البلد.
ومِن اليْوم وحتى تَحين السّاعة يبقى الأمر رهنًا بالتطوّرات
الإقليميّة الدوليّة والتي هِي “الناخب الأساس” في إنتخابات
رئاسة الجمهورية إلّا أنّ جهوزيّة المُرشح لتسهيل الحلّ يبقى عاملًا أساسيًّا.
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/