وصل لبنان إلى الموقف الأضعف. وضع أهل السياسة بلادهم في موقف شديد الضعف. انكشفوا أمام إسرائيل. تخبطهم أنتج ضياعًا أسهم في إهدار الفرص وأوراق القوة كلها. حتى الخط 29
وتوصيفه بأنه خطّ تفاوضي، خسر لبنان قوته التفاوضية بناء عليه،
بسبب سوء الإدارة. أقصى ما فعله لبنان ردًا على
وصول باخرة الحفر اليونانية إلى حقل كاريش هو استنجاده
بالوسيط الأميركي، الذي جاء سابقًا وقدّم عرضه حول الخط المتعرج، وقال للبنانيين عليكم القبول أو الرفض. رفض لبنان ضمنيًا الاقتراح، لكنه لم يبلّغ ردّه رسميًا.
عون في متاهته
وها إسرائيل تصرّ على الحفر، فيما لبنان ناشد آموس هوكشتاين بالعودة. وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري موعد عودة هذا المبعوث الأميركي. ولكن ما هو الجواب اللبناني الذي سيتبلغه الوسيط؟ هل يقبل اللبنانيون العودة إلى الخطّ 23، أم يقبولون الخط المتعرج؟ على الأرجح أن لبنان سيطالب بمساحة 860 كلم مربع كاملة، مع بعض الإضافات التي تتعلق بحماية حقل قانا. بمعنى أن الترسيم فوق الماء غيره تحتها. وحتى هذا الأمر ليس تحقيقه أكيدًا.
الجميع يعيش حال إحراج. في طليعتهم رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي كان من أكثر المتحمسين لتوقيع تعديل المرسوم 6433 والمطالبة بالحصول على الخطّ 29. لكنه
في ما بعد رفض توقيع تعديل المرسوم، لأن ذلك يحمل تداعيات سلبية على موقعه السياسي الداخلي. أما توقيع المرسوم فيعني عدم عودة هوكشتاين، وعدم العودة إلى
المفاوضات. وهذا يعمق الأزمة فيما تستمر إسرائيل
بعمليات الحفر والتنقيب. وعدم توقيع عون على المرسوم، يعني استمرار حال العبث والتهم بالخيانة، والمطالبة بتحرير المساحة البحرية.
بري ونكسة الجيش
إعلان بري عن زيارة هوكشتاين إلى لبنان، قد يشير في
طياته إلى أن ملف الترسيم عاد إلى يد رئيس المجلس
النيابي، بعدما كان في يد رئيس الجمهورية. وعلى الرغم من
ذلك، تعني عودة هوكشتاين استجابته الطلب
اللبناني، وتفاديًا لأي تصعيد لوح به حزب الله سابقًا.
لكن عودة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي إلى لبنان ستركز على الخطّ 23، وأقصى المعادلات هي: قانا مقابل كاريش. وتوقيع الاتفاق وفق الخطّ 23، يعني نكسة للوفد العسكري المفاوض ولقيادة الجيش.
حزب الله استدرج الجميع
حزب الله أيضًا في حال من الحرج. فهو لا يستطيع توجيه أي ضربة، لأن ذلك يعني إعلان حرب. كالعادة قد يطلق حزب الله مسيرات ضد الباخرة، لإيصال رسائل تحذير. لكن هذا يحرج الدولة اللبنانية، فيما يحاول حزب الله تفادي أي تصعيد، فهو قال إنه يقف خلف الدولة اللبنانية.
هذا رغم أن الحزب عينه نجح في استدراج الجميع إلى ملعبه. فهو الذي كان يطالب بالحصول على أكبر مساحة ممكنة. أي أكثر من 860 كلم. وبعدما وصف أمينه العام حسن نصرالله هوكشتاين بالوسيط غير النزيه، دعا الجانب اللبناني إلى البدء بالتنقيب، وتعهد بتوفير الحماية للشركة التي تقوم بالعمل.
بذلك يحقق الحزب مكسبًا أساسيًا: استدراج كل خصومه
إلى لعبته، وتبنيهم موقفه، أي الخطّ 29. وإذا وقعت
الدولة اللبنانية اتفاقًا ينص على اعتماد الخطّ 23،
فإن الحزب يعتبر أن حقوق لبنان أبعد من ذلك،
ويعلن عن ضرورة تحرير المساحة البحرية الباقية.
حينذاك لن يتمكن خصوم حزب الله ، سواء من كتل سياسية تقليدية أو نواب الثورة والتغيير من مواجهته وانتقاده. وهو سيعلن التمسك
بسلاحه لتحرير تلك المساحة المائية (كمزارع شبعا البرية) والتي اعتبرت الكتل السياسية والتغييرية أنها حق للبنان، يدافع عنه
حزب الله بسلاحه.
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/