لم يكن مقدراً للمضمون الجديد والنوعيّ الذي ألقى به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في البركة الراكدة لمعادلات الداخل والخارج،
أن تحدث أقل مما أحدثت من اهتزازات وارتدادات لا تزال في بداياتها.
فالمضمون جديد والموقف حاسم، المضمون يقوم على تفنيد وتشريح ملف النفط والغاز للوصول الى خلاصة قوامها أولويّة وقف الاستخراج الإسرائيلي على أي بحث آخر بالترسيم والمرسوم،
حيث لا قيمة للمفاوضات فيما العدو يستخرج النفط والوقت معه، والاستخراج شمال الخط 29 والخط 23 سيان طالما الحقل واحد ومتصل تحت الماء، فيما لبنان عاجز عن بدء التنقيب والاستخراج في البلوك 4 الواقع قبالة جبل لبنان،
فكيف في سائر البلوكات غير المتنازع عليها، وحتى لو كان توجّه الحكومة للقبول بالخط 23 فلا قيمة لهذا القبول طالما أنه سيبقى على الورق،
بينما العدو قادر على تجفيف أحواض الغاز من أي نقطة يبدأ الاستخراج منها وصولاً للخط 23 أيضاً والبلوك 9 جزء من حوض واحد مع حقلي قانا وكاريش والبلوك 8. وبالتوازي كلام السيد نصرالله ليس اقتراحاً،
كي يقتصر التفاعل معه وتقف حدود ارتداداته عند
مستوى إبداء الرأي، فهو التزام من مقاومة
قويّة قادرة موجودة لحماية الحقوق بأنها لن
تقف مكتوفة الأيدي، وهي طالما أن الأمر لم يعُد بأن تقول الدولة أين هي حدودها،
بل صارت بمنع العدو من نهب مستقبل فرصة
لبنان بالتنقيب والاستخراج لا تحتاج أن تنتظر أين
سترسو سفينة النقاش الرسميّ اللبنانيّ عند الخط 23 او الخط 29.
وهذا يعني دخول المقاومة كفاعل جديد على ساحة الاشتباك الكبير، وبثقلها وحجم قدرتها على التأثير والتغيير وفرض المعادلات ستتحوّل الى اللاعب الأول.
أولى نتائج التداعيات على الداخل، ظهور مؤشرات
على تضعضع الجبهة الرئاسيّة والسياسيّة، في ظل
الانقسام بين الدعوة لأولوية إيقاف العدو عن
استخراج النفط والغاز من حقل كاريش، والدعوة
لاستثمار المناخ الجديد لتسريع الترسيم بقبول
الخط 23 على قاعدة إنكار وجود شيء اسمه الخط 29.
وقد ظهرت مواقف حكوميّة وسياسيّة تتحدّث عن
أولوية العودة للمفاوضات وتجاهل ما تفعله حكومة
الاحتلال وما قد تفعله، واعتبار مجيء الوسيط الأميركي
آموس هوكشتاين فرصة لا يجب أن تضيع للعودة إلى
المفاوضات، مقابل من يعتبر أن هوكشتاين لم يقم بتلبية نداء استغاثة لبنانيّ،
بل جاء لحماية ما يمكن حمايته من المصالح الأميركية الإسرائيلية المشتركة
في ملف حساس كملف تأمين النفط والغاز لأوروبا المأزومة بدلاً من الغاز والنفط الروسيين،
في ظل حجم الكميات الجاهزة للضخ من حقل كاريش، والتي باتت تحت رحمة تهديدات المقاومة، السيد وهو ما رتب تبدلاً في لهجة هوكشتاين من الحديث عن أن الكرة في الملعب اللبناني،
الى الدعوة للتهدئة ومنع التصعيد والتلويح
بإمكانية رشوة لبنان بتسهيل السير باستقرار
الكهرباء الأردنيّة والغاز المصري بعد التعطيل الأميركي المتعمّد،
كما فهم من شهادته أمام لجنة فرعيّة للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس.
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/