اخبار محلية

هذه هي حدود جبران باسيل

ما كُتب عن جبران باسيل خلال سنوات عهد الرئيس ميشال عون لم يُكتب عن أي سياسي آخر.  
من بين الذين يكتبون عنه مديحًا يرون فيه “رجلًا إستثنائيًا لم يجُد الزمن بمثله”. أمّا المغالون من بين هؤلاء فيذهبون إلى أبعد من ذلك حين يضعون الرجل في مصاف القديسين المجردّين من أي غاية أو مصلحة. حتى أن البعض الآخر يستعيد كلامًا من الإنجيل المقدّس حين يقولون إن ليس من نبّي مكرّم في مدينته.  


فللرجل محبّوه ومناصروه ومؤيدوه ولهم الحقّ في أن يروا فيه ما لا يراه الآخرون الذين يخالفونهم الرأي. 
فجبران باسيل بالنسبة إلى الآخرين، أي الذين لا يناصرونه أو يؤيدونه أو يحبونه، هو بالفعل “رجل إستثنائي”، من حيث إمتلاكه مهارة فائقة في تحوير الحقائق، ومن حيث قدرته على الإيحاء بأنه هو دائمًا الضحية، ويقولون عنه إنه إستفزازي ودونكيشوتي وإستعلائي. 

ما لنا وكل هذا. فلنا رأينا في الرجل ولكننا نحتفظ به إنطلاقًا من إيماننا بأن الأوطان لا تُبنى على الضغائن والأحقاد والمؤامرات وحتى التسويات التي قد تطيح بعض الأحيان بالمبادىء والقيم الأخلاقية. فلكل رأيه، سلبيًا كان أم إيجابيًا. لا نناقش في خيارات الآخرين، فلكل رأيه ولكل خياراته وقناعاته وتطلعاته وظروفه ومعطياته. 

ما يهمّنا في كل ما يقوله جبران باسيل ،ومن حقّنا

الطبيعي أن نناقش في السياسة ما يتناوله من

مواضيع حسّاسة ، وبالأخصّ في ما له علاقة

بالإستحقاقات المفصلية، ومن بينها مسألة تشكيل الحكومات. 
فلهذا الإستحقاق أصوله وأدبياته وهي واردة في

صلب الدستور، الذي يلزم رئيس الجمهورية بأن

يأخذ بنتيجة ما يجمع عليه النواب حين يُدعَون إلى إستشارات نيابية ملزمة،

فيصدر مرسومًا بتسمية الشخصية السنّية التي

ستكّلف تشكيل الحكومة كما ينص عليه الدستور وفقًا للمادة 64 الفقرة 2 “يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.

وعلى الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً،

من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها. ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال”. 

فلجبران باسيل، كونه رئيس كتلة نيابية وازنة، كما لغيره

من رؤساء الكتل أو النواب المستقّلين، أن يسمّي

من يراه مناسبًا لتشكيل الحكومة، وهو حقّ مقدّس ومكرّس في الدستور،

ولا يحقّ لأحد مناقشة هذا الحقّ. ولكن ما لا يحقّ لجبران أو لسواه التعاطي به لا من قريب ولا من بعيد هو أن يكون له شأن في عملية تشكيل الحكومة المحصورة مهمتها بشخصي الرئيس المكّلف ورئيس الجمهورية فقط لا غير. 


من حق النواب الذين يستشيرهم الرئيس

المكّلف فور تسميته في الإستشارات الملزمة إعطاء رأيهم بكل صراحة وحرية في شكل الحكومة ومهامها، من دون أن يكون هذا الرأي ملزمًا للرئيس المكّلف، الذي تعود له وحده مهمة التشكيل، من حيث شكل الحكومة

، سواء أكانت سياسية أو تكنوقراطية

أو تكنوسياسية. فهذا الأمر يعود أمر

حسمه إلى الرئيس المكّلف بعد التفاهم

مع رئيس الجمهورية كونه المعني أيضًا بإصدار مراسيم تشكيل الحكومة. 


من حقّ جبران باسيل الاّ يسمي الرئيس نجيب ميقاتي، وهو لم يسمّه في المرّة السابقة، ولكن في حال تمّ إختياره من قبل أكثرية نيابية فجّل ما يُسمح ل لباسيل ولغيره هو أن يبدي رأيه غير الملزم في الإستشارات التمهيدية التي يجريها الرئيس المكّلف، سواء أكان الرئيس ميقاتي أو غيره فقط لا غير. 


هذه هي حدود “اللعبة الدستورية”. وهذه هي

حدود جبران باسيل وغيره من القوى السياسية.

وما عدا ذلك فـ”تخبيص” خارج الصحن الدستوري. 
هذا ما تبّلغه جميع المعنيين. وهذا ما يمكن إعتباره “شروط ما قبل التكليف”.  

https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى