حزب الله يؤمّن دفعاً للبنان في الايام الاخيرة بات تسليط الضوء الاعلامي والسياسي محصوراً بملفّ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المُحتلة على اعتبار انه يتفوّق بالاهمية على غيره من الملفات
وفي طليعتها الاستحقاق الحكومي، إذ يبدو أن ملف ترسيم الحدود البحرية مقبلٌ على كباش قد يكون سريعاً غير انه في الوقت عينه عنيفاً جداً قبل أن يحدّد ملامح المرحلة المقبلة.
وبالتوازي مع عودة الوسيط الاميركي آموس هوكشتين الى لبنان لاستكمال مهمّته بعد جملة تحذيرات رسمية من خطورة تمييع المفاوضات واستمرار الاستفزازات الاسرائيلية،
تبرز عدّة سيناريوهات سيشكّل احدها خارطة طريق للمسار المستقبلي للبلاد، حيث اعتبرت مصادر سياسية مطّلعة أنه من المفترض أن تكون زيارة هوكشتين حاسمة
وذلك بعد استماع الجانب اللبناني الى ما لديه من خيارات من جهة وابلاغه بالموقف الرسمي الموحّد على لسان رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة اخرى.
مما لا شك فيه أن تأخير الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة بات مرتبطاً بشكل مباشر بملف الحدود البحرية، لا سيما وأن هذا الملف قد يؤدي الى اشتباك مسلّح بين لبنان والكيان الاسرائيلي ما يعني وجوب تأهب القوى السياسية والمؤسسات الرسمية لأي تصعيد مُحتمل،
وبالتالي فإن تسمية رئيس جديد لتكليفه مهام تشكيل الحكومة قد تكون لزوم ما يلزم في ظلّ التوترات المشتعلة في لحظة سياسية بالغة الحساسية على لبنان والتي تستدعي تماسكاً وطنياً متيناً.
وبالعودة الى السيناريوهات المُرتقبة التي
سينطلق منها مسار ملف ترسيم الحدود
البحرية وذلك وفقاً لسلوك الموفد الاميركي
وربطاً بمقترحاته وما قد يستتبعها من
تطورات ترتكز على الخطاب الاخير لأمين عام ” حزب الله ” السيد حسن نصر الله والذي اطلق من خلاله جملة تحذيرات أساسها منع الكيان الاسرائيلي من التنقيب والاستخراج،
فإن ثمة خيارات من المحتمل أن يركن اليها الجانب
اللبناني الذي شدّد من خلال تصريحات رئيس
حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على
“عودة التفاوض على قاعدة عدم التنازل
عن حقوق لبنان الكاملة في ثرواته ومياهه”
وعلى “أولوية الحفاظ على استقرار الأوضاع في لبنان”.
الخيار الاول هو تنازل القوى السياسية اللبنانية والقبول بالخط 23 وهو ما ينتظره الموفد الاميركي، إذ ان ذلك يعني أن الخط 29 لن يكون متنازعاً عليه وبالتالي استمرار الكيان الاسرائيلي بالتنقيب عن النفط ما سيشكّل مانعاً جدياً امام ” حزب الله ” من التقدّم بأي خطوة تصعيدية في هذا الخصوص.
الخيار الثاني هو عدم اتفاق المسؤولين اللبنانيين
مع هوكشتين على طروحاته، الامر الذي قد
يؤدي الى تراجع العدوّ بشكل او بآخر
وانسحاب الباخرة واستمرار المباحثات
غير المباشرة عبر الوسيط الاميركي
من دون تدحرج الامور نحو توترات امنية
وعسكرية، ما يعني خسارة معنوية
للكيان الاسرائيلي واختلالا في موازين القوى.
الخيار الاخير قد ينطلق من احتمال الذهاب الى تصعيد عسكري في حال لم يتمّ التوافق مع الموفد الاميركي وتعنّت الكيان الاسرائيلي على عدم سحب الباخرة من مكانها الامر الذي من شأنه أن يوجّه ” حزب الله “
الى تنفيذ تهديده الذي ورد على لسان امينه
العام السيد حسن نصرالله وفي فحواه تصعيد
عسكري كبير قد يشكل ازمة في
المنطقة برمّتها وليس فقط في الساحة اللبنانية.
ايام قليلة تفصل لبنان عن تحديد المسار الذي
سيسير به في ملف ترسيم الحدود البحرية،
وعن الخيار الذي سيحدد بوصلة المرحلة المقبلة.
فهل سنكون امام مشهد مزدحم بالتصعيد، ام أن الورقة التفاوضية الرابحة التي يحملها “حزب الله” والتي ربما اعطت دفعاً قوياً للدولة اللبنانية
لحسم موقفها ستعيد الاطراف المتنازعة الى
المفاوضات وتسرّع إنهاء ملف الترسيم البحري
ضمن الثوابت اللبنانية المتعلقة بحدود لبنان وحقوق شعبه!
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/