“محمد المدني” – محمد المدني
لعلّ النائبة نجاة عون صليبا، هي الأقلّ دهاءً وحنكةً بين زملائها “التغييريين”. فضحت كلّ شيء بتصريحٍ واحد، أظهر هشاشة نواب “الثورة” وضعفهم، أقلّه سياسيًا، كما عزز فرضية أن يكون لهؤلاء النواب ارتباطات سياسية مع زعماءٍ وقادة، حكموا البلاد حتى سقطت، وذلّوا العباد حتى جاعت.
وقعت عون في المحظور، وتصدّرت مواقع التواصل الإجتماعي، إثر تعرّضها لهجومٍ حاد نتيجة تصريحها عن الرئيس نبيه برّي، حين قالت: “الرئيس برّي مدرسة وانشالله أقدر أتعلم منه”، هذا التصريح أوضحته عون بتغريدة ليتها لم تكن، فلم تسلم من انتقادات داعمي الثورة والتغيير ولم تنل رضى مناصري الأحزاب.
بصرف النظر عن أخطاء نواب “التغيير”، التي لا تعدّ ولا تحصى في العديد من الملفات والقضايا الوطنية والسياسية، وبغضّ النظر عن ارتباط بعضهم بالسفارات الأجنبية والأحزاب السياسية،
إلاّ أن هناك ما هو أخطر من “زحطات” هؤلاء النواب، وهي ممارستهم لما
يُسمى الترهيب الفكري مع الإعلاميين والناشطين وحتى المواطنين غير
المثقفين سياسيًا، تمامًا كما تفعل أحزاب المنظومة مع من يخاصمها.
يعمل نواب “التغيير” على ممارسة الترهيب الفكري مع كلّ من يوجه لهم
انتقاداً أو لوماً أو حتى تغريدةً مسيئة. يعتبرون أنفسهم أنبياءً أو قديسين
لا يحقّ لأحد انتقادهم بأي طريقة كانت، وعندما يحصل هذا الأمر يصبح المنتقد
بنظرهم “عميلاً” للمنظومة ومناهضاً للثورة والتغيير والنهوض والإصلاح.
وهذا ما أحسنت فعله السلطة نفسها وعلى مدار سنوات طويلة، عندما
مارست كل أساليب الترهيب الفكري والقمع الجسدي
للنيل من الأصوات المعارضة لها.
لن يكون “التغيير” ولو لمرة واحدة مرهوناً بأشخاص، ولن يكون حب الوطن
والعمل على تعافيه وازدهاره مشروطاً بإعلان الولاء لنجاة عون صليبا، ومارك ضو،
وابراهيم منيمنة، وبولا يعقوبيان، ووضاح الصادق، وسينتيا زراير، أو رامي فنج،
وياسين ياسين، وملحم خلف، وفراس حمدان، وحليمة القعقور، أو الياس جرادي وميشال الدويهي.
اللبنانيون لا يريدون آلهةً بل مسؤولين كفوئين يعملون بجدّ بعيداً عن الشعبوية
والوقوف على أطلال الناقورة. واللبنانيون ليسوا بوارد إجراء فحوصٍ وطنية في
مختبرات من يطلقون على نفسهم “نواب الثورة”. اللبنانيون لهم كامل الحق
في التعبير عن رأيهم ومحاسبة ممثليهم في المجلس النيابي دون أن يكونوا
“عملاء” للمنظومة، لذلك على النواب الجدد أن يتمتعوا برحابة الصدر وأن لا يكونوا مرآةً للسلطة الحاكمة.
لم يعد خافياً على أحد، إرتباط ملحم خلف بالرئيس برّي منذ ما قبل تولّيه منصب نقيب المحامين،
وبات معروفًا أن ابراهيم منيمنة اليساري قد نال حصةً وازنة من أصوات تيار “المستقبل”
في بيروت بعدما نجح بإبعاد حسن سنو. أمّا فراس حمدان وحليمة القعقور ونجاة عون،
فنجاحهم كان بحاجة لـ”قبّة باط إشتراكية”. كذلك ياسين ياسين الذي خاض إنتخابات
البقاع الغربي كمرشّح رأسمالي وزع الهدايا والمكافآت على الناخبين يمينًا ويسارًا،
لذلك وكما يقول المثل الشعبي “حارتنا ضيقة ومنعرف بعض”، فلا داعي للترهيب
والتخوين علّ التغيير يصبح واقعًا لا حلماً صعب المنال.