أي حكومة تريدون !!!و كنا في زمن عادي لكان كل هذا الضجيج المثار حول التكليف والتأليف أمرًا طبيعيًا، ولكنا ربما قد تفهمّنا المواقف التصعيدية لبعض القوى السياسية. لكن ما نعيشه هذه الأيام هو أولًا زمن رديء،
من حيث حاجة الناس إلى أدنى مقومات الصمود اليومية، وثانيًا لأن هذه الأيام هي أيام إستثنائية دستوريًا، إذ أن عمر الحكومة العتيدة لن يتعدّى أربعة اشهر في حال سارت الأمور في شكلها الطبيعي،
تكليفًا وتأليفًا وإعدادًا للبيان الوزاري
ونيلًا لثقة مجلس النواب وممارسة لدورها
قبل الإستحقاق الرئاسي المفترض
حصوله بين شهري آب وأيلول المقبلين.
فلو كانت الأمور تسير طبيعيًا كما هو مفروض لما كان لكل هذا الغبار المثار من قِبل البعض حول التكليف قبل التأليف ضروريًا.
فالمنطق السليم يقول إن أمر هذه الحكومة القصيرة العمر لا يستأهل أن تُشّن حولها كل هذه “الحروب”، إذ كان من المفروض أن يدعو رئيس الجمهورية
فور إعتبار الحكومة الحالية حكومة
تصريف أعمال إلى الإستشارات الملزمة لكي يسمّي النواب الشخصية السنّية التي يرونها مناسبة لهذه المرحلة، وبالتالي تسهيل مهمة الرئيس المكّلف،
الذي يكون قد إختارته الإرادة النيابية، في
عملية التأليف المفترض أن تكون سريعة
من دون لجوء البعض، كما هي العادة،
إلى وضع شروطه المعرقلة لهذه العملية.
فالناس لم يعودوا يحتملون المزيد من الضغط،
على رغم أن إقبال السياح والمغتربين اللبنانيين
بكثافة على تمضية فصل الصيف في الربوع اللبنانية قد يخفّف بعضًا من هذا الضغط.
صحيح أن حكومة تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق لهذه الإعمال تقوم بأقصى ما يمكنها من أجل تجنيب لبنان واللبنانيين المزيد من الإنهيارات الدراماتيكية،
ولكنها تبقى مهمتها محصورة بهذا المفهوم المحدّد دستوريًا لما يمكن أن تقدم عليه من خطوات ترميمية.
الأمور على خطورتها تستوجب معالجات تقوم بها حكومة أصيلة ومتكاملة الأوصاف، منسجمة في ما بينها ومتصالحة مع نفسها بالنسبة إلى ما هو مطلوب منها في هذه المرحلة الإنتقالية، خصوصًا أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قامت بالخطوات التي كانت مطلوبة منها، على رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهتها. فالإنتخابات النيابية جرت بسلاسة وفي أجواء طبيعية، مع أن كثيرين كانوا يشكّكون بإمكان حصولها.
وموازنة العام 2022 أرسلت إلى مجلس النواب بعدما أشبعت درسًا في جلسات ماراتونية في السراي الحكومي. وكذلك كانت الحال بالنسبة إلى المفاوضات المباشرة مع صندوق النقد الدولي والتوصل معه إلى توقيع إتفاق مبدئي، بالإضافة إلى إعداد مشروع قانون لـ”الكابيتول كونترول”، وغيرها من مشاريع وخطوات عملية.
فكل ما قامت به حكومة “معًا للإنقاذ” يمكن
التأسيس عليه لإنطلاق عمل الحكومة الجديدة، إذ أن المنطق السليم يقول بأن المفروض على هذه الحكومة “القصيرة العمر” أن تستكمل ما بدأته الحكومة الميقاتية السابقة،
وبالأخصّ في ما يتعلق بالمفاوضات مع الصندوق
الدولي، لأن إقرار الموازنة العامة وقانون
الـ”كابيتال كونترول” يبقى من مسؤولية السلطة التشريعية
.
أمّا إذا كان في خلفية البعض أن الإنتخابات
الرئاسية لن تحصل في موعدها الدستوري، أي قبل شهرين من إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون،
وأن الحكومة العتيدة ستكون ” حكومة الصلاحيات الرئاسية”،
فإن الأمور تختلف وتصبح كل هذه الضجّة
وكل هذا الغبار السياسي المثار حول التكليف قبل الوصول إلى التأليف أمرًا قابلًا لـ”الهضم” والإستيعاب.
فهذا البعض، وهو بات معروفًا بالإسم ولا يحتاج المرء
إلى الكثير من الإجتهاد لمعرفة هويته،
يسعى بكل ما تبقّى له من “قوة” و”سلطة” لفرض شروطه،
من أجل ضمان إستمرارية حضوره وإمكان لجوئه إلى تعطيل أي قرار لا يتناسب مع مشاريعه الملتبسة، وخاصة في قطاع الكهرباء، والتي باتت على كل لسان وشفة.
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a9/