هل أصبحت الغسالة في لبنان مجرد تحفة فنية؟

كتب الروائي اللبناني شريف مجدلاني مقالاً في صحيفة “لا كروا” الفرنسية، تحت عنوان “الغسالة والغرامافون” عرض في خلاله حياة المواطن اللبناني في ظل أزمة انقطاع الكهرباء في لبنان.
وأخبر مجدلاني في مقالة قصة سيدة توقفت آلة الغسيل لديها عن العمل.

 وقال: “بدأ كل شيء عندما توقفت الغسالة عن العمل، ولا شك أنها ضحية لانقطاعات التيار الكهربائي التي باتت جزءاً من الحياة اليومية للبنانيين، في ظل اختلاف مصادر الطاقة: فلديك مولد الحي، ثم ما يسمى بـ”كهربا الدولة” وذلك لتمييزها عن المصادر الأخرى، كما ولديك ألواح الطاقة الشمسية التي قام أبناؤها بتركيبها على سطح المبنى الذي تقطنه، وسبب هذا الأمر بتوترات مع المالكين الآخرين، بعد أن وقعت خلافات حول المكان الذي يحق لكل مالك الحصول عليه لوضع لوحاته. باختصار، أدى التناوب بين مصادر الكهرباء المختلفة إلى تعطل الغسالة. وبعد أيام قليلة، اشترى لها ابنها غسالة جديدة ومتطورة، تتميز بكثرة خياراتها كما وأنها بيئية واقتصادية و”صامتة”.ولكن وجدت الأم، ومدبرة المنزل الفيليبينية، نفسيها أمام هذه الآلة عاجزتين قليلاً. في غضون ذلك، تمكن رجل من إصلاح الغسالة القديمة وإعادة تشغيلها. ووجدت السيدة نفسها وهي تمتلك آلتين. في ذلك الوقت، سأل العامل الذي تعتمد عليه لتلبية كل  متطلباتها، وهو سريلنكي، بخجل عما إذا كان بإمكانه الحصول على الآلة القديمة. فلم يكن منها إلا أن قدمت له الآلة بفرح”.


وتابع مجدلاني حكايته وقال، “في اليوم التالي، تعطلت الآلة الجديدة والقوية. فلمن يكن منها إلا أن تشعر بأن تعويذة أو لعنة قد ألقيت عليها.

فلم تكن تعلم أن الآلات المتطورة هي أكثر عرضة

للخطر خاصة في ظل تقلبات التيار الكهربائي.

فقامت بإحضار رجل لإصلاحها، وفي الأثناء،

قال لها العامل الوفي أنه سيعيد لها الآلة القديمة.

اعترضت السيدة عبثاً على قراره معتبرة أن ما أعطي قد أعطيَ وأن إعادة الشيء المعطى سرقة. لم يكن من هذا الرجل إلا أن أعاد الآلة. ولكن، لدى وصوله والآلة عتبة المنزل،

كان قد جرى إصلاح الغسالة الجديدة. لطالما

اشتكت السيدة من لطف وأدب عاملها ودائماً ما كانت تلومه على ذلك. واستمرت في التذمر وهي تهم بصعود السيارة.

ثم فوجئت بسماع سائقها يسألها عما إذا كان

يمكنه استعادة الغسالة، لأن العامل لا يريدها. وجدت السيدة طلبه وقحاً وجاء ردها على أن يتفقا سوياً.

وانزعجت مما حصل لأنها تعرف أن السائق

هو الذي سيفوز بالآلة، وذلك بسبب خجل ولطف الآخر”.

وأكمل مجدلاني القصة، “لدى عودة السيدة أدراجها مساء، علمت أن الآلة أصبحت ملكاً للسائق. كما وعلمت أنه، وأثناء إنزالها، انزلقت من بين أيديهم ووقعت أرضاً. لم تستطع إخفاء ابتسامتها التي تحمل في طياتها نوعاً من الرضا، ورأت أنها أصبحت جيدة الآن للسائق.

ثم عادت وغضبت من تصرفها، وشعرت بالذنب

حيال ما قامت به. وفي اليوم التالي، وهي في

السيارة، استفسرت من السائق عما إذا كانت الغسالة تعمل بشكل جيد،

واستعدت للاستماع للسائق الثرثار وهو يتحدث

عن الأجهزة المنزلية والعلامات التجارية وصفاتهم.

لكنه عاد وأجابها بأن الآلة لم تعمل حين أحضرها إلى منزله كما وأنها

لم تعمل في منزل العامل الخاص بها أيضاً، لأنه لا يمكن تشغيلها إلا عـ”كهربة الدولة”، وهي حالياً “مقطوعة”. وسألته السيدة: “ألست مشتركا مع أحد المولدات؟”

فأجابها السائق بنعم، لكن الاشتراك أصبح مكلفاً

للغاية وأنه لا يستطيع دفع تكلفة أكثر من

“خمسة أمبير” وأن الآلات لا يمكن تشغيلها

على هذا الاشتراك. وأخبرها

قصة رجل عاد من المهجر في عشرينيات القرن

الماضي، وأحضر “غرامافون” كهربائي ضخم معه

كهدية لعائلة خطيبته، لكنه كان عديمة الفائدة في ذلك الوقت،

فلم يكن هناك كهرباء بعد. 
وختم قصته ضاحكاً بالقول أن الغرامافون أصبح تحفة فنية، تماماً كالغسالة”.

مواضيع ذات صلة

https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af/

Exit mobile version