مرّ نصف شهر على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة. ولكن تبدو الدينامية مفقودة فيما تدخل البلاد عطلة عيد الأضحى وسط جمود في عملية التأليف تخرقه من حين إلى آخر بعض الإتصالات التي تبقى في إطار تبادل الرسائل ولا ترقى الى مستوى المبادرات أو الطروحات الجدية لاستيلاد الحكومة.
من خلال المعطيات التي توافرت لـ”ليبانون فايلز”،
يتأكّد أنّ الرئيس المُكلّف غير مستعجل على تأليف حكومة جديدة.
ويرسم زواره نقلا عنه السيناريو الآتي: فلنفترض أن الحكومة تشكّلت غدا.
أول أعمالها الاجتماع التقليدي الأول ومن ثم تعيين لجنة لصوغ البيان الوزاري،
وهي ستستهلك كل الوقت القانوني المتاح لها من أجل الإتفاق على صيغة
البيان قبل أن تجتمع الحكومة لإقراره مقدمة لمثولها أمام مجلس النواب طلبا للثقة.
كل ذلك يتطلب لكي يتحقق أقله أسبوعين الى ثلاثة، ونكون قد دخلنا شهر آب.
لكن ماذا لو إنتخب المجلس رئيسا جديدا مع بدء المهلة بداية أيلول؟ عندها نكون
في صدد حكومة الشهر الواحد. ماذا سيكون عليه بيانها الوزاري وبرنامج عملها، فيما هي لن تعمّر أكثر من شهر واحد؟
ويرى الزوار أن رسم ميقاتي هذا السيناريو مؤشر واضح على
عدم حماسته للتأليف، بصرف النظر عن مسودته والمقترحات السرية اللاحقة.
هذه الضبابية في المشهد الحكومي تعكس ضبابية أكبر في المشهد السياسي
في الداخل كما في الإقليم. في وقت يرى مراقبون أنّ أيّ حكومة ستتشكّل اليوم
ستكون الحكومة التي ستتسلّم صلاحيات الرئاسة فيما لو حلّ الفراغ في قصر بعبدا ولم يتّفق الأفرقاء على اسم الرئيس المقبل للجمهورية.
يبدو أصحاب النظريّتين على حقّ، ما يزكّي فرضية بقاء حكومة تصريف الأعمال
في الشهرين المقبلين ويوضح بشكل لا لبس فيه سبب عدم رغبة الرئيس المكلّف
في الدخول في معمعة تأليف حكومة جديدة وطرحه تغييرا طفيفا بالشكل كبيرا
في المضمون يعلم مُسبقا أنّ رئيس الجمهورية لن يقبل به. إضافة الى تبادل
إقتراحات هي الأخرى غير قابلة للتطبيق ولا تُصرف لا في الداخل ولا في الخارج.
إزاء هذا الواقع، يعتبر الرئيس المكلّف أنّه في موقع الرابح، سواء شكّل حكومة جديدة
أو بقي على رأس حكومة تصريف الأعمال، بإنتظار إتّضاح المشهد الإقليمي والدولي،
وفي المحطّة الأقرب زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة الأسبوع المقبل
. وما يتردّد في الأوساط الأميركية بأنّ ما بعد هذه الزيارة لن يكون كما قبلها.
ولعلّ أكثر ما يعني الغرب في المشهد اللبناني اليوم ليس الحكومة أو الرئاسة
إنما مصير ملفّ الترسيم البحري بين بيروت وتل أبيب والذي يُفترض أن يُبتّ قبل شهر أيلول،
وبعد ذلك لكلّ حادث حديث.