تكاد تجمع القوى السياسية كافة أن ما قبل أيلول المقبل ليس كما بعده، وكأن كلمة سر وصلت إلى المعنيين على مختلف الجبهات السياسية ، دفعت بهم في مجالسهم ولقاءاته
إلى القول ان الخريف المقبل ربما يكون ساخنا في حال سلكت الازمات مسارا تصعيديا.
في المبدأ، ستبدأ إسرائيل استخراج الغاز من حقل كاريش في أيلول المقبل
عبر سفينة إنيرجين باور، وهذا ما اعلنته وزيرة الطاقة الاسرائيلية كارين الحرار، ردا على مسيّرات حزب الله ملوحة
باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائل المتاحة للرد على أي محاولة
لاستهداف حقل كاريش، في حين ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حذّر من عدم التوصل
إلى اتفاق بين لبنان والعدو الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية قبل أيلول المقبل،
مشدداً على أن الفرصة الذهبية لاستخراج لبنان نفطه وغازه «هي الآن».
يأتي ذلك وسط تأكيد الوسيط الاميركي خلال لقائه الحرار انه لم ينقل
أي رسالة مهمة من الجانب اللبناني إلى اسرائيل، مع تشديده على “دور
بلاده في المساعدة للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يخدم مصالح البلدين”.
مستجدات كثيرة طرأت في الشهرين الماضيين على مستوى التحالفات
والتي من شأنها ان تحاصر لبنان. فتحالف شرق المتوسط الذي يضم 7 دول أعضاء هم مصر، واليونان،
وقبرص، وفلسطين، وإسرائيل، والأردن، وإيطاليا، وحده سيكون
قادرا على تصدير الغاز إلى أوروبا، فهذه المنظمة اعلنت الشهر
الماضي أنها تعمل من أجل التكامل الإقليمي لاستغلال موارد
الغاز التي تزخر بها منطقة شرق المتوسط لتحقيق أقصى فائدة. وبالتالي
فإن حزب الله، وفق مصدر سياسي مطلع على ملف الترسيم لـ “لبنان24″، لا يمكنه الحديث عن امكانية الاستعانة بشركات
ايرانية او سواها، فايران محاصرة، ووجدت نفسها مجبرة على الدخول
الى أسواق مشبوهة بالنسبة اليها لبيع نفطها ووقعت اتفاقا لتطوير حقول
النفط والغاز المشتركة مع أذربيجان التي يربطها باسرائيل تحالف استراتيجي،
وتشكل موطئا لقواعد عسكرية اسرائيلية.
والغازية واهمية استخراجها لما لذلك من انعكسات ايجابية للخروج
من الازمة الاقتصادية، بيد ان استخراج الغاز دونه عقبات كثيرة ابرزها امتناع الشركات الدولية
عن التنقيب عن الغاز في اي بلوك من دون ضوء اخضر اميركي ، وهذا الواقع يسلم
به المعنيون في الداخل ومن ضمنهم حزب الله قبل سواه،
مرورا باقتناع القوى المعنية كافة ان الوسطاء الأميركيين على خط الترسيم،
قطعوا الطريق على اي نقاش في حقوق لبنان النفطية والغازية في الخط 29،
وهناك معلومات ان الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين لن يزور لبنان قبل ايلول المقبل،
علما ان اجواء اخرى تشير الى ان هوكشتاين سيعود الى بيروت بعد انتهاء
جولة الرئيس الاميركي جو بايدن في المنطقة.
في خضم المستجدات المتسارعة على خط ” حروب الغاز” والمفاوضات الدولية – الاقليمية،
ثمة من يعتبر ان المرحلة المقبلة ستشهد سخونة على الجبهات،
فاسرائيل لن تسير بتسوية لبنان لملف الترسيم وبالتالي اما ان
يرضخ لبنان لطروحات اسرائيل ويحصل الاتفاق بينهما، وبالتالي تبدأ الشركات المعنية
توتال وايني ونوفاتيك باستخراج الغاز من البلوكات الجنوبية، واما أن يقرن حزب الله اقواله
بالافعال ويوجه ضربة لسفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه انرجيان بور،
في اطار الضربات المحدودة والمحسوبة النتائج لجهة تجميد التنقيب واستخراج الغاز من كاريش ،
علما ان هذه الخطوة قد لا تكون محسوبة النتائج إذا ردت اسرائيل بضرب لبنان. وبحسب المصدر
السياسي نفسه، فإن السيد نصر الله تجاوز الخطوط الحمر، عندما طالت تهديداته اوروبا وتجاوزت إسرائيل،
خاصة وأن الازمة اليوم لم تعد بين لبنان واسرائيل حول الثروات النفطية والغازية،
انما وصلت إلى التهديد بضرب امدادات وصول الغاز إلى اوروبا، وبالتالي
من الخطأ الرهان ان اسرائيل ليست مستعدة للدخول في اي حرب، فالمعطيات
التي يتحدث عنها المصدر نقلا عن اجواء اميركية تشير إلى ان اسرائيل قد تلجأ إلى
ضربة استباقية قبل ايلول المقبل من أجل افشال ما يصبو حزب الله إلى تحقيقه ما بعد كاريش.
دخل لبنان في مرحلة الترقب لمسار الامور على خط المعسكرات شرقا وغربا
في ظل الازمات المفتوحة دوليا وحروب الاستنزاف، فضلا عن المفاوضات الاميركية – الايرانية المتعثرة.
وزيارة الرئيس الاميركي الى تل ابيب، ثم المملكة العربية السعودية ومشاركته في قمة جدة التي تضم
إلى دول الخليج، العراق ومصر والاردن وما ستخلص اليه من نتائج ومقررات، من شأنها ان تحدد
البوصلة التي سترسم مستقبل التطورات في المنطقة ولبنان، تصعيدا أو تسوية. فلبنان
أسير مسار لعبة الشطرنج المتعددة الساحات,وبالتالي لا أحد يضمن ان تنجح الوساطات
الاوروبية والعربية في تجنيب لبنان الانزلاق نحو الأسوأ ومغامرات الحروب، وفق ما يقول سياسي لبناني.
المصدر: خاص “لبنان 24”