لماذا استقالت “مفوّضة” باسيل في مصرف لبنان؟
منذ نحو شهر تقدّمت مفوّضة الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم باستقالتها إلى وزير المال ي
وسف خليل. أبقى الأخير طلب الاستقالة على طاولته إلى حين قبولها، ثمّ أصدر قراراً يوم الأربعاء الماضي
“من أجل حسن سير العمل وتأميناً للمصلحة العامة”، بتكليف موني الخوري،
مديرة الخزينة في مديرية المالية، بمهام مفوّض الحكومة و”بالأعمال التي يتمّ تكليفها بها”، وفق نصّ القرار.
طرحت استقالة واكيم في هذا الظرف علامات استفهام كبيرة، خصوصاً أنّها حصلت
في “عزّ” معركة العونيين لـ”قبع” حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من موقعه
والضغط لتعيين بديل عنه وفي لحظة بدء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.
تحدّثت المعطيات من جانب واكيم عن أنّ “الاستقالة أتت على خلفيّة قرارها
بالمغادرة للعمل في فرنسا. وتقاطعت هذه الرغبة مع واقع صعب واجهته
واكيم في عملها من خلال القرار بمحاصرتها من قبل الشبكة التي منعت
جميع مفوّضي الحكومة السابقين من القيام بمهامّهم.عملياً، باتت واكيم تتحمّل مسؤولية
ما لا ناقة لها فيه ولا جمل. ولم تتمكّن من إيقاف قرار واحد للحاكم أو للمجلس المركزي
أو إيقاف معاملة واحدة، وهو ما يدخل ضمن صلاحيّاتها”.
يُرجّح أن تكون أخذت الضوء الأخضر بالاستقالة من جانب النائب جبران باسيل
الذي دَعَمها كي تقف بوجه آلية العمل والقرار التي لطالما تحكّمت بنمط عمل الحاكمية،
لكنّها لم تتمكّن من النجاح في مهمّتها.
وتُطرح تساؤلاتٌ عديدة حول السبب الذي حال دون خوض باسيل معركته الفعلية
ضدّ “الحاكم” من خلال مفوّض الحكومة التي تملك صلاحيات هائلة تمكّنها من
الاعتراض على أيّ قرار يصدره، وصولاً إلى منع تنفيذه. مع العلم أنّ الغموض
لا يزال يكتنف الأسباب الحقيقية لاستقالتها.
ضعف واكيم؟ أو تواطئها؟
غالباً ما كانت تحضر واكيم اجتماعات رئيس الجمهورية مع وفد شركة التدقيق المالي
“ألفاريز أند مارسال”. ومَن اعترض من أوساط التيار الوطني الحرّ على تعيينها في
هذا الموقع وجد نفسه اليوم رابحاً لرهانه. إذ واجهت واكيم اعتراضات من أهل البيت
على أدائها الضعيف وشخصيّتها الخجولة وقلّة خبرتها في موقع يتطلّب شخصية
استثنائية تواجه حاكم مصرف لبنان وتكشف آلية العمل داخل المصرف المركزي التي عرّضت الحاكم لملاحقات داخل وخارج لبنان.
كان آخر الانتقادات التي تعرّضت لها واكيم عدم اعتراضها على ما وُصِف بـ”الرشوة”
من حاكم مصرف لبنان للقضاة عبر صرف رواتبهم على سعر دولار بـ8 آلاف ليرة،
وهو إجراء يتمتّع به القضاة وحدهم من بين موظّفي القطاع العام.
حتى إنّ واكيم لم تسلَم من ضغوط و”تمريك” خصوم التيار، إذ جاهر وزير المال
الأسبق علي حسن خليل قائلاً: “لماذا لا تبادر مفوّضة الحكومة لدى “المركزي”
التي قتل حاله باسيل وتياره لتعيينها إلى إيقاف أيّ قرار لحاكم المصرف؟!”.
ربّما يكون هذا الواقع هو الذي دفع واكيم إلى تقديم استقالتها لعجزها عن المواجهة وليس لعدم رغبتها بذلك.
شكّلت واكيم جزءاً من سلّة التعيينات المالية التي أُقرّت في 10 حزيران 2020 ضمن حصّة
رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب باسيل، وهي معروفة بقربها من الوزير العوني
السابق نقولا صحناوي. وحلّت واكيم آنذاك محل جورج المعراوي الذي كان يشغل
هذا الموقع بالتكليف وجرى تعيينه مديراً عاماً لوزارة المال بالوكالة في تموز الفائت بعد تقديم آلان بيفاني استقالته.
لمعرفة المزيد اضغط هنا