في قضية المطران الحاج: كثير من الفجور..ومخطط أبعد من “الرئاسة”
برر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لمفوض الحكومة القاضي فادي عقيقي ما قام به بقضية المطران موسى الحاج بحجة أنه يطبق القانون الذي يمنع حمل الأموال والأدوية
والمنتجات التي ضبطت مع المطران. الاتيان بأدوية لمرضى السرطان
الذين يحتضرون في لبنان لعدم قدرة دولتهم المتهالكة على تأمين الدواء
لهم استفز القاضيان عويدات وعقيقي فقررا وضع اليد على عبوات قد تنقذ
بعض الأرواح المحاصرة في بلد وصلت الوقاحة لا بل الفجور ببعض مسؤوليه
وقضاته لمحاولة قطع اليد التي تؤمن مقومات العيش والبقاء بحجة انها تأتي
من لبنانيين مقيمين في اسرائيل يتهمونهم بالعمالة. ترك القاضيان كل شيء
وأخذا يدققان بمصدر الادوية والأموال التي حملها المطران والتي تهدد الأمن
القومي وسيادة الدولة اللبنانية. لا يعني القاضيان الانصراف للتصدي لانقطاع لقمة
الخبز عن الناس، لا يعنيهما بشيء كل مظاهر التفلت الأمني واقتراب “الدويلة”
اكثر من اي وقت مضى من مرحلة ابتلاع الدولة التي اضمحلت لحد بات ابتلاعها
سهل وهضمها أسهل، لا يعنيهما كل مصائب اللبنانيين المحاصرين من دون اوراق رسمية وباسبورات…
ما يعنيهما ما حمله المطران وما حوت شنطه وأكياسه.
القاضي عويدات أبرز العالمين بمحتويات العنبر رقم 12 والتي أدت لتفجير
عاصمة برمتها وقتل أبنائها وتهجير أهلها والذي أعطى شخصيا إشارة بوضع
حراسة على العنبر وأعطى الأمر بتلحيم بوابته ما أدى على الارجح الى انفجار الأمونيوم،
توجه إلى السياسيين الذين ينتقدون الإجراءات المتبعة قضائيا بملف المطران الحاج قائلاً:
“لا تهاجموا القضاء الذي يطبق قانوناً أنتم من وضعه، وإذا أردتم عكس ذلك فعدلوا القانون
“…القاضي الحريص على تطبيق القوانين بحذافيرها لا يجد نفسه معنيا بما حصل في
المرفأ ولا بالدفع بالتحقيقات قدما. لا يستفزه ان يصول احد النواب الصادرة بحقهم مذكرة
توقيف بجريمة المرفأ ويجول غير آبه بقضاء وقوانين ودولة، متحصنا بغطاء
مرجعيته السياسية والى حد كبير الدينية. ما يعني القاضي عويدات تطبيق القانون بحق احد المطارنة الذي يقدم خدمات انسانية!!
الأرجح اننا بتنا في لبنان بحاجة لاعادة النظر بكثير من المفاهيم والمصطلحات.
بات تقديم المساعدات الانسانية جرم يعاقب عليه القانون والمشاركة عن قصد
او غير قصد بقتل وجرح وتشريد آلاف الابرياء مفخرة تدفع الآلاف للتصويت
في الانتخابات الاخيرة لمطلوب فار من وجه العدالة.
باتت سرقة أموال المودعين ومصادرة جنى عمرهم تندرج باطار منع انهيار القطاع المصرفي
واعلان افلاس الدولة، وحمل بعض الاموال من لبنانيين أجبروا على البقاء في اسرائيل
خوفا من الملاحقة والاعتقال الى أهاليهم في الداخل اللبناني الذين أفقرتهم
وجوعتهم سياسات المسؤولين البالية، جريمة لا تغتفر وجُب محاسبة المطران الحاج عليها.
اسقاط رئيس المجلس النيابي نبيه بري عام 2020 خلال اعلانه “اتفاق الاطار” مصطلحي
“العدو الاسرائيلي” و”فلسطين المحتلة” واستخدامه مصطلح اسرائيل “حاف”،
لم يستفز جمهور “المقاومة” المستنفر اليوم لاتهام المطران بـ”العمالة”، تهمة بات يحلو لهذا الجمهور وقياداته استخدامها ع “الطالع والنازل” لتحليل دم أخصامهم السياسيين ومؤخرا
ومن خلال قضية المطران الحاج لـ”هز العصا” للبطريركية المارونية التي
لم يعد تعجبهم مواقفها السياسية. فسنوات من تنقل المطران الحاج بين لبنان والاراضي
المحتلة وقيامه بمهام شتى بحكم موقعه لم تعن الحريصين على تطبيق القوانين،
الذين يعون انها لا تطبق على شخصيات بموقع المطران، شيئا..فجأة ونتيجة تفرغهم
وعدم انشغالهم بأي قضايا او ملفات أخرى في بلد يعيش أفضل أيامه على الاطلاق،
اكتشفوا ان المطران يُخل بالقوانين اللبنانية ووجب ردعه.
ولعل ابرز ما يدعو للاستفزاز في كل ما حصل، هو اصرار بعض المسيحيين
على التصرف كأهل “ذمة”. فرغم مواقف القيادات السياسية المسيحية الرافضة لما
حصل مع المطران، والتي تندرج بعضها باطار رفع العتب لا الا، تجد بعض المسيحيين
الذين يبررون للقاضي عقيقي ما قام به، نكاية ببكركي وبمواقف البطريرك بشارة الراعي
. فهم ان كانوا مدركين تبعات تبرير ما حصل والسماح بالتطاول على مرجعيات روحية
مسيحية خاصة اذا كانت بموقع مطران، باطار تركيبة سياسية – قضائية – امنية مشبوهة،
فأقل ما يقال فيهم انهم “أهل ذمة”، وان كانوا غير مدركين فالأجدى أن يصمتوا في
مرحلة بات يصح فيها اعادة النظر بكل شيء…وهنا بيت القصيد. اذ لا تستبعد مصادر
مطلعة على الملف ان يكون توقيف المطران في هذا التوقيت بالذات اي في مرحلة
هي الاخطر في تاريخ البلد، وعلى عتبة استحقاق رئاسي يدرك كثيرون انه قد لا يحصل
على “البارد”، دفع باتجاه مواجهة تتخذ طابعا اسلاميا – مسيحيا، تمهد لاعادة النظر
بالنظام ووضع كل الطروحات على الطاولة من المثالثة الى الفدرالية والتقسيم
وغيرها كثير من الأفكار..فهل من يكون على مستوى المرحلة والتحديات؟!
المصدر : Alkalima Online
لمزيد من المعلومات اضغط هنا