“الأكذوبة الكبرى”: ما فات هوكستين… وسلاح “الطاقة”
لم تُعكّر المسيّرات ولا الفيديو من فوق حقل كاريش صفو المفاوضات الإيجابي الذي أكّده كل من الوسيط الأميركي أموس هوكستين بعد لقائه الرئيس ميشال ورئيسَي مجلس النواب والحكومة،
بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
موقف هوكستين المستعجل وكذلك اسرائيل للتوصّل إلى اتفاق يضمن
أمن كاريش لاستخراج الغاز، قابله موقف موحّد تظهّر في حضور الرؤساء، على غير عادة،
وتأكيدهم معادلة “كاريش – قانا” إضافة إلى الخط 23 والتمسّك بحقوق لبنان النفطية.
في الشكل، أثنى هوكستين “المبتسم” على لقائه الرؤساء، إذ لم يحصل ذلك في السنوات
الماضية من المفاوضات، مبدياً امتنانه. في المضمون، أعلن عن تقدّم في محادثات
الترسيم وعن اقتراب التوصّل إلى اتفاق عند عودته إلى بيروت المرّة المقبلة.
أبعد من كل ذلك لم يتردّد هوكستين بلعب ورقة “لو توصّل
لبنان إلى اتفاق منذ العام 2016 لكان اليوم جزءاً
من الحلّ لأزمة الطاقة والغاز الطبيعي في أوروبا الذي كان سيبيعه بأغلى
وأعلى الأسعار ولكان أمن كهرباء بكلفة رخيصة 24 ساعة في اليوم إضافة
إلى النشاط الاقتصادي الذي كان سينعم به”.
لكنّ عينه على المستقبل وكيفية الوصول إلى قرار يسمح لإسرائيل بالاستمرار بنشاطها وللبنان الدخول في سوق الطاقة.
وقد فات هوكستين، أنّ السلطة في العام 2016 كانت تبحث عن كيفية “سرقة”
أموال المودعين تدريجاً والاستمرار بالفساد والمحسوبية، وأنّها تنهب ما في جيب
المواطنين ومقدرات الدولة قبل أن تضرب عينها على الأموال المتأتية من النفط والغاز.
حقل كاريش ليس جديداً على الخريطة إنّما يعود إلى العام 2013، وقد لفت الوسيط الأميركي
إلى أنّ هذا الحقل “شهد قدراً هائلاً من النشاط على مدى الـ9 سنوات الماضية من دون إعاقة العمل به”.
وهذا الكلام أكبر دليل على تخلي لبنان عن الخط 29 منذ أكثر من 9 سنوات،
وأنّ تمسك لبنان بمعادلة “كاريش – قانا” ليس إنجازاً ولا حتى مرحلة جديدة
بفعل معادلة قوة وضعتها الدولة وتنفذها المقاومة، كما وصّفها رئيس “التيار الوطنيّ الحرّ”
جبران باسيل. بعد معادلة القوّة برّاً، معادلة قوّة بحراً يرسمها باسيل والسلطة ومن ورائهما “حزب الله”،
يرى نتائجها باسيل في الأشهر المقبلة والتي ستعطي لبنان الازدهار وليس
فقط الاستقرار حتى نستفيد من ثرواتنا.
إشادة باسيل بدور “المقاومة” أتبعها بدعوة مبطنة لحزب الله بالعودة إلى كنف الدولة بقوله:
“من يخرج على الدولة “يبرد” والمقاومة التي لا تستظل الدولة “بتجلد” ولا يعود هناك
سريان للدم في عروقها”. فهل نسي باسيل أنّ اتفاق مار مخايل “فرعن” الحزب
ومدّه بالصلاحية المطلقة ليتحرك اليوم من أصغر الملفات إلى أكبرها ومنها ملف ترسيم الحدود؟
باختصار، كأنّ ما يحصل مقرّر له وهو إقرار فاضح بأن “المقاومة” ليست خلف
الدولة كما حاول أن يمرّر أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله قبيل المسيّرات،
إنّما العكس تماماً. فوصول هوكستين إلى لبنان سبقه موقف من كبير المفاوضين
الإيرانيين علي باقري كني الذي أعلن عن تقديم مقترحات لتسهيل الاتفاق النووي وعن
استعداد بلاده لاتخاذ خطوات نهائية سريعًا إذا كانت أميركا جاهزة. وقبلهما زيارة الرئيس
الأميركي جو بادين إلى السعودية ومن ثمّ مصافحة ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان مع قادة دول أوروبية، والتحولّات العربية في مواقفها من اسرائيل يؤكّد المؤكّد،
وهو أنّ المنطقة إلى تغيّر شامل ولبنان جزء أساسي من هذا التغيير، ونقطة الصفر اقتربت.
فهل كان يجب أن يكون لبنان أرضاً محروقة وأن يموت اللبناني “مئة موتة” في اليوم،
ليصنع “العهد” والحزب مسرحية الترسيم وأكذوبة إنجاز مفاوضات ستعيد لبنان إلى
خارطة العالم من باب النفط والغاز ويفرض المتسلّح بـ”الطاقة” داخليّاً صيغة جديدة؟
مريم حرب : موقع mtv
لمزيد من الاخبار اضغط هنا