الحزب يستثمر “لعبة الردع” إزاء إسرائيل… و”تحذيرٌ استراتيجي للحرب”!
الحزب يستثمر “لعبة الردع” إزاء إسرائيل… و”تحذيرٌ استراتيجي للحرب”!
أثارت نتائج ودلالات العدوان الإسرائيلي ضد حركة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة، نقاشاً
بين الخبراء الإسرائيليين بشأن الانعكاسات المحتملة على الساحة الشمالية،
ولا سيّما بما يتعلق بالنزاع البحري مع لبنان، وتهديدات حزب الله على خلفية استخراج الغاز من حقل “كاريش”.
القراءة التي قدّمها عدد من الباحثين، توقفت عند انعكاسات العملية على تعزيز مفهوم الردع الإسرائيلي،
إزاء حزب الله، والمعضلة الإسرائيلية الناشئة من أزمة الحدود البحرية،
بين تجنّب “إسرائيل” مواجهة عسكرية لا مصلحة لها فيها، وبين انعكاسات ذلك على الردع ومصالح “إسرائيل” الاقتصادية.
فيما يبدو واضحاً تشكيك الخبراء الإسرائيليين بإمكانية صرف الإنجازات المدّعاة للعدوان
الأخير في كل ما يتعلق بميزان الردع وحرب المعادلات مقابل حزب الله في لبنان.
رأى فريق من الباحثين في معهد السياسة والإستراتيجيا التابع لجامعة رايخمن،
يرأسه اللواء احتياط عاموس غلعاد، أن الحزب يحرص على استثمار لعبة الردع إزاء “إسرائيل”
في معركته الداخلية، وهو يستفيد من المفاوضات البحرية “ليثبّت موقعه كحامي للبنان،
ويحرص في أي سيناريو على ترسيخ صورته في السّاحة اللبنانية
كتنظيم يحافظ على حقوق الدولة أمام العدوانية الإسرائيلية”.
ففي حال تبلور الاتفاق، يستطيع الأمين العام لـ حزب الله” حسن نصر الله، بحسب فريق الباحثين نفسه،
أن يقول إن ” قوة ردع الحزب وصموده الجبار في وجه “إسرائيل” هما ما حفظ حقوق لبنان بموارده الطبيعية.
أمّا إذا لم يتبلور اتفاق، فحزب الله يمتلك الأدوات العسكرية التي تستطيع برأيه،
ردع إسرائيل عن الشروع في استخراج الغاز من منصّة كاريش.
إضافة إلى هذا، أكّد نصر الله مراراً وتكراراً في خطاباته خلال الشهر الماضي أنّه
“في حال استخرجت “إسرائيل” الغاز من دون اتفاق فهذا سيشكّل ذريعة للحرب
والحزب لن يتردد في التحرك وحماية حقوق الدولة. في هذه المرحلة، يبدو أنّ مصالح الدول، التدخّل الأميركي والأوروبي،
وجاهزية “إسرائيل” للتسوية، ستؤول إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية وتقاسم أرباح الغاز،
لكنّ للمرة الأولى منذ العام 2006، لا تستطيع “إسرائيل” إلغاء تصاعد خطر التدحرج إلى تصعيد عسكري شامل مع حزب الله”.
وفي ضوء الرؤى والتوجّهات التي تداولها عدد من الباحثين المنتمين إلى مراكز أبحاث متنوعة الاتجاهات، ترتسم معالم “معضلة إسرائيلية” متأتية من أزمة الحدود البحرية مع لبنان، وذلك ضمن مُحددَين:
تجنّب “إسرائيل” خوض مواجهة عسكرية مع حزب الله ليس لها مصلحة فيها، من جهة، وعدم قدرتها على “الخضوع لإملاءات حزب الله التي تشذّ عن سياق الاتفاق المطروح، بحيث تفسّر وكأنّها استسلام،
وتؤدّي إلى المسّ بالردع الإسرائيلي وبمصالح إسرائيل الأمنية والاقتصادية”، من جهة أخرى.
كما تزداد المعضلة تعقيداً- بنظر الباحث في “المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب”،
نفتالي غرنوت ( نائب رئيس الموساد سابقاً)- في ضوء حقيقة أن “إسرائيل” تمرّ الآن في فترة حملة انتخابية.
بالرغم من تشعّبات وتفرعات النقاش الإسرائيلي بشأن ، فإن الخيط الرابط بين الصراع على معادلة الردع بين “إسرائيل” وحزب الله، وبين سلوك وحسابات كلٌ منهما فيما يتعلّق بالنزاع البحري الحالي واضح.
وبحسب الباحثة الكبيرة في معهد أبحاث الأمن القومي أورنا مزراحي، يسعى حزب الله إلى “إظهار مساهمته التي لا تُعوّض، كدرع لبنان في حماية مصالح الدولة وسكّانها”.
ويعزو الباحث في “المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب” نفتالي غرنوت ( نائب رئيس الموساد سابقاً)،
التفسير السائد لتهديدات السيد نصرالله الأخيرة، التي يصفها بأنها “تحذير استراتيجي للحرب، لأنها تلبي جميع العناصر الأساسية للتحذير: النيات والقدرات والتوقيت”، يعزوها غرنوت إلى اعتبارات، داخلية وخارجية:
– داخلية- لبنانية، على خلفية الوضع الاقتصادي في لبنان، وكذلك محاولته الإبقاء على قبضة الحزب وسيطرته على عملية صنع القرار.
– خارجية- إيرانية، تهدف إلى “ردع “إسرائيل” عن مواصلة الحملة السرية التي تشنها…
ضد المشروع النووي في إيران، ورداً على تهديدات “إسرائيل” العلنية بمهاجمة المنشآت النووية عسكرياً”.
وبحسب غرنوت فإن تهديدات نصر الله المرتبطة باستخراج الغاز الاسرائيلي “تشكل انحرافاً
وتصعيداً واضحاً عن معادلة الردود التي تحاول المنظمة فرضها على “إسرائيل” كجزء من الردع المتبادل”. بحيث “يعكس ذلك الثقة المتزايدة في القوة العسكرية التي اكتسبها حزب الله.”
يلفت الباحث في “المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب” نفتالي غرنوت (نائب رئيس الموساد سابقا)
إلى أن الأضرار التي يُشكّلها حزب الله على منصة “كاريش” توفّر “شرعية قانونية في الرأي العام الدولي والإسرائيلي لهجوم وقائي على كامل المجموعة العسكرية لحزب الله في لبنان”.
ويضيف غرنوت أنه “يمكن للجيش الإسرائيلي الدخول في صراع مفروض علينا في وقت مبكر
بدلاً من مواجهة تهديد خطر بثمن باهظ في وقت لاحق. وخاصة إذا كان لديه كتلة حرجة من الصواريخ الدقيقة، لأن هذا الصراع سينطوي على صراع أكثر صعوبة في المستقبل”.
ويشير غرنوت إلى أن “إضعاف الحزب من خلال إلحاق أضرار جسيمة بقدراته العسكرية
يخدم “إسرائيل” حتى في مواجهة تهديد وجودي في شكل المشروع النووي الإيراني،
ومن الأفضل لـ”إسرائيل” أن تتعامل مع عدوان حزب الله اليوم أكثر مما كانت عليه
في الوقت الذي كانت فيه إيران تصبح دولة ذات قدرة نووية تردع إسرائيل عن التعامل
مع التهديد الوشيك الذي يشكله حزب الله”.
المصدر: الميادين
لمزيد من الاخبار اضغط هنا