هذا هو دور رئيس الجمهورية… أهمّ من كل الصلاحيات
مشكلة البعض في لبنان، ومن بينهم الفريق السياسي الذي يحيط برئيس الجمهورية بإدارة مباشرة من “ميرنا الشالوحي”، أنهم لم يقتنعوا بعد بأن إدارة البلاد بعد إتفاق الطائف
لم تعد كما كانت قبله. بمعنى آخر أن المحيطين بالرئيس عون، وعلى رغم السنوات الست العجاف، لم يستوعبوا
بعد أن النظام في لبنان ليس رئاسيًا، بل برلماني بإمتياز،
حيث أن مجلس النواب الذي يمثّل الشعب اللبناني هو مصدر السلطات،
وعلى رأسها مجلس الوزراء بصفته السلطة التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ ما يرد في بيانها الوزاري، الذي على أساسه تنال ثقة المجلس.
ولأن هذا المجلس قائم بكل مواصفاته التشريعية والرقابية، على رغم تحوّله إلى هيئة ناخبة،
فإن في إستطاعة حكومة تصريف الأعمال، وهي ليست حكومة مستقيلة كما يحاول البعض
تصوير الأمور على غير حقيقتها، أن تتوكّل صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلّو سدّة الرئاسة لأي علّة،
في كل ما له علاقة بإصدار المراسيم والتوقيع عليها، على أن تبقى الصلاحيات
الحصرية المعطاة لرئيس الجمهورية، وهي كما جاءت في إتفاق الطائف، غير موكلة إلى مجلس الوزراء، وهي:
-لرئيس الجمهورية إقتراح إعادة النظر في الدستور فتقدّم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب (مادة 76).
-يصدر رئيس الجمهورية القانون المتعلق بتعديل الدستور ويحقّ له خلال المدّة المعينة للإصدار أن يطلب إلى المجلس بعد إطلاع مجلس الوزراء إعادة المناقشة في المشروع مرّة أخرى (مادة 79).
– يعتمد رئيس الجمهورية السفراء ويقبل إعتمادهم (مادة 53/7). ويتولى
المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة.
ولا تصبح مبرمة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء. على أن بعض المعاهدات لا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النواب (مادة 52).
-يرأس رئيس الجمهورية الحفلات الرسمية ويمنح أوسمة الدولة بمرسوم (مادة 53/8).
-يمنح العفو الخاص بمرسوم (مادة 53/9).
فإذا تعذّر تشكيل حكومة جديدة، وكما يُقال، كاملة الأوصاف،
للأسباب المعروفة، وإذا إستحيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية،
فإن حكومة تصريف الأعمال تتحّول تلقائيًا إلى حكومة موكلة إليها
صلاحيات رئيس الجمهورية في الأمور المتعلقة بتسيير شؤون الناس
وعدم ترك البلاد للفراغ إلى ما لا نهاية، من دون أن يعني ذلك أن وجود رئيس الجمهورية
من عدم وجوده سيّان. بل بالعكس فإن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة
ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة
أراضيه وفقاً لأحكام الدستور”، كما جاء في المادة 49 من الدستور.
فهذا الدور المعطى لرئيس الجمهورية لم يعطَ لأي مسؤول آخر. فهو رئيس الدولة
بكل ما فيها من مؤسسات وسلطات، وهو رمز وحدة الوطن. هذه هي أهمية
دور رئيس الجمهورية، “الذي يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه”.
فأمام عظمة هذا الدور المهم جدًّا المحصور فقط برئيس الجمهورية لا تعود الصلاحيات الأخرى،
التي إنتزعت منه وأعطيت لمجلس الوزراء مجتمعًا، ذات أهمية كبرى، لأن رئيس الجمهورية،
الذي هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، لا يعود في حاجة إلى أي صلاحية، خصوصًا إذا أحسن القيام
بهذا الدور المهمّ والتاريخي المعطى له دون سواه، في بلد مثل لبنان معرّضة وحدته للإهتزاز عند المفاصل الكبرى. فوجود رئيس الجمهورية على رأس الدولة ليس أمرًا عرضيًا أو هامشيًا،
بل هو ضرورة من ضرورات الحياة السياسية اللبنانية في تكامل أدوار السلطات فيها وتمايزها.
من هنا أهمية وضرورة إجراء إنتخابات رئاسية في موعدها الدستوري. لأن دور رئاسة الجمهورية
أكبر بكثير من مجرد توقيع المراسيم أو الإطلاع على جدول أعمال مجلس الوزراء أو إعتماد السفراء
وقبول إعتمادهم، أو المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها، أو ترؤوس الحفلات الرسمية ومنح أوسمة الدولة بمرسوم، أو بمنح عفو خاص بمرسوم. إنه رمز وحدة الوطن.
المصدر: خاص “لبنان 24”
لمزيد من المعلومات اضغط هنا