عمليّة مُبرمَجة لتصفية هذه المصارف… هل يدفع المودعون الثمن؟
لماذا وقعت مأساة السيولة الخانقة في القطاع المصرفي؟ إنّه السؤال العريض الذي تنطلق منه الأزمة مروراً باقتحامات المصارف وصولاً إلى الأيّام
الثلاثة من إغلاق أبواب فروعها بينما إداراتها تعمل بشكل طبيعي.
ولكن، هل اقتحام المصارف فإعلان إغلاقها عمليّة مبرمجة؟
أوساط إقتصاديّة مواجِهة للمصارف تُفيد لـ”سبوت شوت” بأنّ “تهريب
الأموال إلى الخارج قبل وبعد 17 تشرين الأوّل 2019 شكّل سبباً رئيساً لأزمة
السيولة التي وصلت إليها البنوك، ما يعني أنّها وقعت ضحيّة نفسها وأوقعت المودعين في هوّة لا قيامة منها في المدى المنظور”.
الأوساط نفسها تفنّد آثار إغلاق المصارف على الإقتصاد على المدى القصير،
حيث تجزم أنّه “على هذا المنوال سيصبح التعامل بالنقد بين الوحدات الإقتصادية كافّةً،
أيّ أنّ الأفراد والشركات سيستعملون وسائل الدفع الموجودة في منازلهم وصناديقهم،
كما أنّ الرواتب والأجور الموطّنة في المصارف ستُحوَّل إلى دفعات نقديّة مباشرة.
فضلاً عن أنّ المودعين الذين يعتمدون على سحب المسموح لهم من أموال لن
يستطيعوا فعل ذلك، الأمر الذي سيؤثّر سلباً على استهلاكهم ومشترياتهم.
أمّا على المستوى المالي، فسيجرّ إغلاق المصارف إلى تأجيل دفعات الرسوم والضرائب المستحقّة،
ووقف حركة الإستيراد والتصدير وتحويل الرساميل من وإلى الخارج،
والأسوأ الإرتفاع الناري المرتقب لسعر صرف الدولار مقابل الليرة.
أمن وسلامة موظّفي المصارف يبقى من الأولويّات، وما الإضراب سوى
التصعيد لتجنّب أيّ احتكاك مباشر بين المودعين الغاضبين والموظّفين، تبعاً لمصادر مصرفيّة.
مصادر مصرفيّة أكّدت لـ”سبوت شوت” أنّ “إغلاق المصارف هدفه بالدرجة
الأولى حماية المؤسسات والموظفين من اعتداءات مبرمجة ومنظّمة،
فليس من الصدفة بتاتاً أن يُقدم عشرة أفراد على اقتحام مصارف في مناطق
مختلفة وفي يوم واحد”، على اعتبار أنّه “كان الأجدى بهؤلاء التوجّه إلى السياسيين
المسبّبين للأزمة والذين لم يتجرّأوا على تنفيذ أيّ إصلاح”، واصفةً الحديث عن
“مؤامرة إبقاء الإدارات مفتوحة وإغلاق الفروع” بـ”السخيف إلى درجة الهبل”.
“إنّها عمليّة ممنهجة لتدمير القطاع المصرفي، فالسلطة تسعى لتصفية المصارف
غير القابلة للإستمرار، ومَن سيدفع ثمن هذا المخطّط هو المودع دون سواه”، تقول المصادر.
في المقابل، ينقل مصدر في جمعيّة “صرخة المودعين”، لـ”سبوت شوت”،
أنّ “المصارف تمارس ضغطاً مُشدّداً على الدولة وتُهدّد بمعاقبتها على
طريقتها في حال لم يتمّ تأمين الحماية الأمنيّة والقضائيّة الكاملة لها،
على قاعدة “بلّشنا سوا من 17 تشرين، منكمّل سوا”.
“الملق رح يفلت عالآخر إذا كمّل العنف وهيدا اللي ما بدنا نوصلو”،
يقول المصدر، لذلك، فإنّ المواجهة مستمرّة بأساليب مختلفة ستظهر في الايّام القادمة.
فكيف سيُترجَم سيناريو الإقفال في الساعات الـ48 المقبلة وما بعدها على الأرض عشيّة نهاية عهد ملتهب؟
شاركونا تعليقاتكم.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا