بعد الليرة اللبنانية..الدولار الأميركي نحو الانهيار؟

بعد الليرة اللبنانية..الدولار الأميركي نحو الانهيار؟

بين امكانية تشكيل حكومة والتخوف من فراغ رئاسي، وبين الكلام عن ترسيم قريب والتخوف من اندلاع حرب. يبقى الدولار الهم الأكبر لدى اللبنانيين الذين ينتظرونه يومياً بفارغ الصبر لكي

يتمكنوا من تحديد أولويات حاجياتهم على أساسه.
وفي ظل التحولات الجديدة على صعيد الاقتصاد العالمي، ما مصير الدولار الأميركي؟

وكيف سيؤثر ذلك على حياة اللبناني؟

في هذا الاطار، اعتبر استاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة أن الدولار

يتحسن على الصعيد العالمي نتيجة رفع الفوائد في الولايات المتحدة الأميركية،

لكن تحسنه هذا سينعكس سلباً على لبنان. فمحلياً وبعد الظروف التي عصفت في

البلد والانهيار الذي أصابه على الأصعدة كافة، عمدت الحكومة الى منع مصرف

لبنان من تطبيق السياسة النقدية المناسبة في هذا الوقت، والتي تطبق في العالم حالياً،

وهي رفع الفوائد، علماّ ان هذه السياسية النقدية هي اداة شرعية لِلَجم الكتلة النقدية

بالليرة اللبنانية. ففي الفترة التي رفع فيها مصرف لبنان الفوائد، استطاع ان يزيد من

حجم الاستثمارات ورؤوس الاموال في لبنان وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة الآن.

وفي السياق، أشار د. عجاقة الى أن الدول العربية وتحديداً الخليجية منها قد

رفعت فوائدها كما الولايات المتحدة من اجل الحفاظ على استقرار في سعر

صرف عملتهم مقابل الدولار وعلى رؤوس الأموال لديهم، عبر عدم السماح

لها بالانتقال الى الولايات المتحدة الأميركية بسبب فوائدها.

هذا ورأى د. عجاقة أن تصريح رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم بأول كان

واضحاً عندما افصح عن نية الولايات المتحدة بالاستمرار بهذه السياسة الاقتصادية

لحين انخفاض التضخم حتى نسبة 2% وهو المعدل المقبول على الصعيد العالمي،

واضعاً الأولوية للتضخم على حساب النمو الاقتصادي. ما يؤكد على أن الدولار

سيبقى العملة الأولى في العالم، عملة ملاذ وسبب لهجرة رؤوس الاموال الى الولايات المتحدة،

خصوصاً وأن الاقتصاد الأميركي لا يزال وسيبقى الاضخم، بالإضافة الى أن قسم كبير

من السلع والمواد الاولية يتم التداول بها بالدولار ما يساعد في المحافظة هذه العملة على مكانتها.

أما محلياً فالازمة موجودة، وليس هناك من رؤوس أموال جديدة تدخل البلاد في الوقت الحالي،

أي ان ظاهرة التخوف من هروب رؤوس الاموال وعدم دخول الاستثمارات، كما تدهور سعر الصرف

التي يعاني منها الخارج، سبق وتخطيناها بحسب د. عجاقة. الاّ أننا نستهلك

الكثير من الدولار ما يعني اننا نخفف من الكتلة النقدية بالدولار مقابل

الكتلة النقدية بالليرة، وهذا الأمر له تداعيات كبيرة على سعر الصرف.

وعن تأثير الدولار العالمي على لبنان، قال د.عجاقة أنه عندما يرتفع الدولار عالمياً

هناك ظاهرتين متناقضتين، فالدولار يصبح أقوى ما يدعم القدرة الشرائية بالعملة الأجنبية

، الا انه وفي المقابل تنخفض قدرة الاستحصال على هذا الدولار. ما يعني أن الجانب السيئ

سيتفوق على الجانب الإيجابي محلياً مع ارتفاع الدولار عالمياً.


وتعليقاً على طرح مجلس النقد بربط العملة الوطنية أي الليرة اللبنانية بالدولار ميكانياً،

قال د.عجاقة أنه ومع انعدام الافق والحلول ومع عدم القدرة على تأمين أموال المودعين،

ما من حل لدى المصارف سوى باللجوء الى مصرف لبنان، الذي بدوره لا يملك المال

وسيعمد الى طباعة العملة من أجل تأمين هذه الأموال للمودعين، ما من شأنه أن

يخلق ضرر كبير على صعيد المجتمع ككل. اذاً لا إمكانية لاعتماد “الدولرة” في ظل غياب حلول اقتصادية واضحة وشاملة.

وعن العوامل السياسية وتأثير تشكيل الحكومة على حل الازمة،

اشار د.عجاقة الى أن الدستور اللبناني منح حصرية القرار الاقتصادي

الى الطبقة السياسية الممثلة بالحكومة، اذاً من يضع السياسيات

العامة ومن يطبقها هي الحكومة اللبنانية.
الا ان المشكلة في لبنان تكمن في أن الحكومات معطلة ما يعني أننا لا نعرف على اي اساس يتم اتخاذ القرارات. كما أن فرضية حل الأزمة لبنان عبر تشكيل الحكومة ليست منطقية. فالحكومة تعاني من انقسامات ما يجعل من توحيد قرارها أمر صعب، الا اذا تعرضت الى الضغط من صندوق النقد. وبمعنى آخر لن يكون هناك نقاش على الخطط والموازنات، بل ان الحكومة ستلتزم اقرار خطة صندوق النقد كما هي، دون البحث بها. وهذا لا يعني الانتقاص من دور الحكومة ولكن اذا لم يتوافق القسم الأكبر من المسؤولين على خطة ورؤية اقتصادية موحدة لن نصل الى اي حل. ان الاطار السياسي في لبنان أصبح معقداً لدرجة أنه تخطى مشكلة الحكومة.

ومع تلهي المسؤولين السياسيين بالكيديات الشخصية، يبقى السؤال: كيف لنا أن نصل الى تطبيق الاصلاحات الاقتصادية الضرورية للنهوض بالبلد كتوحيد سعر الصرف، وتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء والحد من التهريب الذي يستهلك نصف الاستيراد في لبنان، أو حتى اللجوء الى محاربة الاحتكار والتلاعب بالأسعار؟ وماذا عن القوانين الموقعة والتي لم يتم تطبيقها؟

سحر الزرزور – الكلمة أونلاين

لمزيد من المعلومات اضغط هنا

Exit mobile version