ما هي الدلالة السياسية من تعيين محمد بن سلمان رئيسا للحكومة السعودية؟

ما هي الدلالة السياسية من تعيين محمد بن سلمان رئيسا للحكومة السعودية؟

سؤال مباشر: ما هي الدلالة السياسية للأمر الملكي بتعيين الأمير محمد بن سلمان رئيساً لمجلس الوزراء السعودي؟

منذ عهد الملك المؤسّس عبد العزيز آل سعود مؤسّس الدولة السعودية الثالثة، فإن هذا التعيين هو السابقة التاريخية الثالثة.

ولمن لا يعرف فإنّ النظام الأساسي للحكم الذي بدأ تدشينه في عهد الملك

فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، هو بمثابة قاعدة الحكم الأساسية التي لا تحتمل التباساً.

يقول النظام في مادّته الخامسة: “يعيّن الملك وليّ عهده، وهو الذي يعهد إليه بالاختصاصات، وهو الذي يعفيه من منصبه”.

في السعودية يخطئ من لا يفهم أنّ الملك هو الملك.

وكما قال أمين الريحاني من خبرته في التعامل مع الملك عبدالعزيز: “دولة آل سعود تقوم أساساً على التراضي”.

وكما أوردنا في مقالنا السابق على هذا القرار والذي جاء بعنوان “جواب الأسئلة”، فإنّ كلّ شيء محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً يسير لصالح تدعيم مراكزه في الداخل والخارج.
لكن لا بدّ هنا من إعطاء بعض الملاحظات التي تشرحها المصادر المطّلعة في الرياض:

1- القرار دعم وتأكيد رسمي لواقع فعليّ يُمارَس منذ سنوات بشكل متصاعد

يلعب فيه الأمير محمد بكفاءة الدور الرئيسي في الملفّات التنفيذية محليّاً

وإقليمياً ودوليّاً. وظهر ذلك بوضوح في زيارة بايدن الأخيرة لجدّة التي كان فيها الأمير محمد هو الفاعل الأساسي في

الحدث.

2- يعطي الملك سلمان رسالة لا لبس فيها في الداخل (عائلة، رأي عامّ، مجالس رسمية، أجهزة دولة)، مفادها أنّ رهانه الأساسي والوحيد في المستقبل هو على الأمير محمد بن سلمان.

3- إنّ إعادة تشكيل مجلس الوزراء فيها تأكيد وتجديد ثقة بالأمراء الشبّان الذين يتولّون مناصب حكومية (الخارجية، الثقافة، الطاقة، الرياضة والشباب).

4- إنّ تعيين الأمير خالد بن سلمان في منصب وزير الدفاع هو مكافأة واضحة

لِما حققه هذا الأمير الشابّ في عدّة ملفّات، أهمّها: العلاقات مع واشنطن،

ملف اليمن، علاقات التسليح المهمّة. ويأتي هذا التعيين في منصب وزير الدفاع ليعطي مساحة أكبر للأمير محمد بن سلمان للتفرّغ أكثر لمهامّ رئاسة الحكومة السعودية.

5- يعطي القرار الملكي دعماً فعليّاً ومعنويّاً للأمير محمد في لقاءاته

مع نظرائه في المنطقة أو في حسم أيّ ملفّات ثنائية أو في أيّ لقاءات دولية مثل قمّة العشرين التي تشارك فيها المملكة وتقوم بدور فعّال فيها.

6- ومن المتعارف عليه دوليّاً أنّ المنصب التنفيذي الرفيع المستوى يعطي صاحبه حصانة ومكانة تفوق الألقاب الممنوحة.

7- قرار الملك سلمان، في فحواه، يُحدث نقلة ذكية وفعليّة في حاضر

ومستقبل الحكم في المملكة، ويعطي نوعاً من استقرار الأذهان، ويؤكّد بشكل واضح جدّاً على نظاميّة السلطات في الحكم السعودي.


في النهاية يصبح على عاتق الأمير محمد مهامّ كبرى في الداخل والخارج في الفترة القريبة المقبلة.

هنا نقطة جوهرية لا بدّ من التوقّف أمامها بتركيز شديد، وهي تركُّز مفاصل

السلطة في هذا العهد، في يد الملك ووليّ عهده، من دون وجود أيّ أجنحة قويّة تدخل في حساب تشكيل القرار. (أجنحة من العائلة، أو هيئة كبار العلماء).

المتأمّل لكلّ العهود من عهد الملك المؤسّس عبد العزيز (من 1902 إلى 1953)،

إلى عهد الملك سعود (من 1953 إلى 1964)، ثمّ عهد الملك فيصل (من 1964 إلى 1975)،

مروراً بالملك خالد (من 1975 إلى 1982)، وصولاً إلى عهد الملك فهد (من 1982 إلى 2005)،

ثمّ عهد الملك عبد الله (من 2005 إلى 2015)، يعرف أنّه لم يكن الحكم مرتكزاً في مركز حكم محدّد كما هو الآن.

هنا يمكن القول أنّ القرار الرئيسي في المملكة لا يخضع لصراع إرادات أو إدارات، لكنّه شفّاف واضح محدّد كما جاء في الرؤية الخاصة بـ2030، ومعروف للجميع في الداخل والمنطقة والعالم مَن هو صاحب الباب الملكي الذي يفتح الأبواب في الطاقة والأمن والاستثمارات والعلاقات الثنائية.

باختصار شديد: محمّد بن سلمان، مرّة أخرى وأخرى، هو “جواب الأسئلة” لفترة طويلة.


عماد الدين أديب – اساس ميديا

لمزيد من المعلومات اضغط هنا

Exit mobile version