أحداث التسونامي العنيفة تهدد “المتوسط”… اليكم التفاصيل
كشفت دراسة جديدة احتمالات حدوث زلازل في حوض المتوسط
تؤدي إلى أمواج تسونامي مدمرة أكبر مما توقعه العلماء في السابق.
وأكد الباحثون الذين توصلوا لأول مرة إلى تحديد موضع الحدود الفاصلة
بين الصفيحتين الأفريقية والأوروبية-الآسيوية غرب البحر الأبيض المتوسط،
أن هذا الاكتشاف الجديد يرفع من احتمالات حدوث هذا النوع من الكوارث المدمرة،
التي توقع العلماء أن يشهد البحر المتوسط واحدة منها خلال العقود الثلاثة القادمة.
Advertisement
مناطق نشطة جيولوجيا
ويعتبر البحر الأبيض المتوسط إحدى المناطق النشطة جيولوجيا
نتيجة اصطدام الصفيحة الأفريقية بالجزء الغربي من الصفيحة الأوروبية-الآسيوية.
وأدى هذا التصادم المستمر
منذ حوالي 65 مليون عام إلى تشكل جبال الألب وتقلص البحر المتوسط،
في وقت تواصل فيه الصفيحة الأفريقية
التحرك شمالا بحوالي 2.5 سنتيمتر سنويا مندسة تحت الصفيحة الأوروبية،
مما ينجر عنه أنشطة زلزالية وبركانية متواترة.
ورغم أن البنية الجيولوجية تحت سطح المتوسط درست على نطاق واسع،
فإن البيانات التي توفرت إلى حد الآن لبعض المناطق
لم تكن كافية لمعرفة الحدود بين الصفيحتين بشكل دقيق، وفهم النشاط التكتوني حولها.
وبحسب بيان صحفي نشره معهد علوم البحار في برشلونة
(Institut de Ciències del Mar) في الـ23 من الشهر الماضي، فإن الورقة العلمية الجديدة –
التي نشرت مؤخرا في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications)-
حددت
ولأول مرة الهندسة
المعقدة لنظام الصدوع النشطة تحت سطح حوض البوران (Alboran)
الواقع غرب المتوسط بين السواحل المغربية والجزائرية والإسبانية،
ووصفت كيفية تحركها على مدى 5 ملايين سنة الماضية.
ومكنت دقة البيانات، التي اعتمدت عليها الدراسة،
من توصيف تفصيلي لنظام الصدوع النشطة الممتدة لأكثر من 300 كيلومتر،
وأظهرت النتائج أن أنظمة الصدوع في المنطقة
تمتص معظم التشوه الناجم عن تصادم الصفائح الأوروبية-الآسيوية والأفريقية.
واعتبر الباحثون أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة
تعد أساسية لإعادة تقييم مخاطر الزلازل وأمواج تسونامي
التي تتعرض لها المناطق الساحلية في غرب البحر الأبيض المتوسط،
لاسيما وأن معظم الدراسات السابقة حول مخاطر الزلازل والتسونامي
لم تأخذ في الاعتبار أهمية الصدوع الموجودة تحت بحر البوران بسبب نقص البيانات.
أمواج تسونامي
موجات التسونامي في تاريخ المتوسط
تاريخيا شهد البحر المتوسط العديد من أحداث التسونامي العنيفة
نتج أغلبها عن زلازل قوية وانزلاقات أرضية حدثت
تسونامي
في أنظمة الصدوع على طول الحدود بين الصفيحتين الأفريقية والأوروبية-الآسيوية.
ومر ما يقرب من قرن على آخر تسونامي كبير في أوروبا،
وهي موجة وصل ارتفاعها إلى 13 مترا نتجت عن زلزال
وقع تحت أعماق المتوسط قبالة سواحل صقلية عام 1908 وتسببت في مقتل نحو ألفي شخص.
لكن موجات تسونامي في البحر الأبيض المتوسط
يمكن أن تكون أكثر تدميرا،
وفق مقال لماثيو بلاكيت
أستاذ الجغرافيا الطبيعية والأخطار الطبيعية بجامعة كوفنتري (Coventry University)
البريطانية منشور على موقع “غريك ريبورتر” (Greek Reporter).
وأدى انفجار بركاني كبير في جزيرة سانتوريني
منذ حوالي 3500 عام إلى موجة دمرت حضارة مينوان بالكامل،
وربما أدت الحادثة إلى ظهور أسطورة اختفاء حضارة أتلانتس.
كما ضربت مجموعة من الزلازل بلغت شدة بعضها 8.5 درجات على مقياس ريختر،
ساحل جزيرة كريت في عام 365 بعد الميلاد.
ودمرت أمواج تسونامي بعض المدن القديمة في اليونان وإيطاليا ومصر،
مما أسفر عن مقتل حوالي 5 آلاف شخص في الإسكندرية وحدها.
أما في غرب المتوسط وليس بعيدا عن حوض البوران
الذي شملته الدراسة الأخيرة،
فإن آخر تسونامي شهدته المنطقة يعود إلى عام 2003 عندما ضرب زلزال قوي
منطقة بومرداس على الساحل الجزائري أدى إلى نشوء موجات تسونامي
وصل ارتفاعها حوالي المترين،
وتسببت بأضرار على شواطئ
جزر البليار الإسبانية التي تبعد قرابة 300 كيلومتر شمال مركز الزلزال.
ماذا عن المستقبل؟
وبحسب تقديرات نشرتها صحيفة “الغارديان” (The Guardian) قبل صدور نتائج الدراسة الأخيرة نقلا عن خبراء
في منظمة اليونسكو،
فإن خطر حدوث تسونامي كبير في غضون 30 عاما القادمة
يفوق خلاله ارتفاع الأمواج المتر الواحد يقارب 100%.
وتضرب هذه الأمواج على الأرجح مدنا كبيرة
على ساحل المتوسط مثل مرسيليا والإسكندرية وإسطنبول.
ويتوقع العلماء أن يزيد ارتفاع مستوى سطح البحر
من مخاطر حدوث تسونامي في البحر الأبيض المتوسط.
وأظهرت دراسة علمية أن ارتفاعا بقدر 45 سنتيمترا في مستوى البحر
يمكن أن يضاعف خطر الفيضانات الناتجة عن اجتياح مياه البحر لليابسة بحوالي مرتين ونصف المتر.
وبحسب بلاكيت، فإن المخاطر تتفاقم أيضا
بسبب حقيقة أن البحر الأبيض المتوسط صغير نسبيا ومغلق،
مما يعني أن أي تسونامي يمكن أن ينتشر في جميع أنحاء الحوض
الذي يعيش على سواحله ما يزيد عن 130 مليون نسمة.
كما أن أوقات التحذير الضرورية لتقليل الخسائر البشرية ستكون قصيرة أيضا.
وبحسب الغارديان، فإن جميع التجمعات السكنية المهددة
ستكون جاهزة للاستجابة بحلول 2030
للتعامل مع مثل تلك الأحداث بفضل نظام الإنذار المبكر
الذي تعمل اليونسكو على تركيزه منذ عام 2004.
وبما أن المخاطر التي كشفتها الدراسة الجديدة لم يتم أخذها بعين الاعتبار،
فمن المرجح أن تدفع المشرفين على نظام الإنذار إلى إعادة النظر
من جديد في قائمة التجمعات السكنية المهددة بشكل مؤكد بموجات التسونامي. “الجزيرة”
المصدر: االجزيرة
لمشاهدة المزيد اضغط هنا