ساعات حاسمة: إما التصحيح الحكومي وإما الفوضى!

ساعات حاسمة: إما التصحيح الحكومي وإما الفوضى!

ساعات قليلة على أفول عهد ميشال عون. ست سنوات كاملة من الحكم من خارج الصندوق، حيث لا مألوف ولا تقليد. رغم ذلك لا تزال وطأة حضوره ثقيلة على المنظومة الحاكمة. الدلائل على الثقل والحمل كثيرة،

أحدها الأداء في ما يخص تصحيح الوضع الحكومي. هي مستمرة في

رفض منحه أي كسب سياسي حتى لو قضى اللبنانيون، عقابا على ما أنزل بها على إمتداد سنواته الست.

عهد ميشال عون
رجل أتاها من خارج الإيستابليشمانت والمألوف، غريبا عنها وعن سيئاتها،

بعيدا من منطق التقاسم والقسمة. فرض عليها ما لم تكن تقبله يوما

(تصحيح التوازن في مجلس النواب، التدقيق الجنائي، إنتظام المالية العامة لو لحين، دحر الإرهاب، الترسيم البحري مع اسرائيل وضمانات إستخراج النفط والغاز بالمقارعة لا بالذل…).


قلّب ميشال عون المنظومة على نار الشيّ حتى تهلهلت. فأبرز للبنانيين وللخارج عوراتها.
في المقابل، ردّت الصاع. فقاتلتهُ بكل ما تملك من أدوات. فرضت التعطيل الحكومي لنصف عهده،

واستخدمت المال وحروب الجيل الرابع للتنكيل به وبصورته. نهبت المال العام وصحّرت الخزينة. هرّبت الأموال والودائع لإفلاس البلد وإثارة نقمة البسطاء ومن أفقرتهم بالحيلة والبونزي سكيم. ذهبت حدّ التآمر

مع الشيطان من أجل إفشاله. لكن القدر، متسلّحا بكثير من الجدّ والعلم والإدراك والشكيمة والصبر والأناة،

شاء أن يخرج ميشال عون من رئاسته قويا كما دخل. أتاهم

(من غير أن يدروا أو يدركوا كيف ومن أين ولماذا)، إتفاق الترسيم بالإحتضان الأميركي اللافت والإستثنائي،

فيما كان جو بايدن يشيد ويثني ويطمئن، وآموس هوكستين يعِد بفك الحصار وبأيام سعيدة آتية.


تقف الساعات القليلة المتبقية من عهد عون على مفترق خطر واستثنائي.

إما أن يصغر المتكابرون فيبادرون الى حكومة الحد الأدنى من التوازن والإتزان،

وإما يكرّسون فراغا على فراغ، القائد حتما الى تغيّرات بنيوية تمرّ بحوار في النظام و

الدستور والوثيقة والوفاق والصيغة. وحين ذاك يضحك كثيرا من يضحك أخيرا.


ولا ضير القول في هذا المجال إن الحريص على إتفاق الطائف ووثيقته للوفاق الوطني،

والمقصود بعض الخارج الذي يقدّم إنتخاب الرئيس على الحكومة،

تقع عليه مسؤولية كبرى وجسيمة لتصحيح أولوياته،

ومن ثم الضغط على نجيب ميقاتي للمبادرة الى إزالة التعقيدات المفتعلة وصرف النظر عن خلط الحكومة ببيزنيس الغاز والنفط (إستبعاد وليد فياض مثالا)،

والقبول بتشكيلة وفق الأصول حتى لو أذعن لشروط جبران باسيل

(كما يشيّع الفريق الحكومي ويحذّر)، لكي يتفادى فراغا كاملا سيؤدي حكما إلى عدم استقرار إجتماعي وأمني،

ويقود تاليا إلى مؤتمر تأسيسي لن يترك للطائف أثرا بعد عين.


قبل ساعات أُجهِضتْ محاولة قد تكون أخيرة لترتيب الوضع الحكومي.

وبصرف النظر عن محتواها، لا يزال المكان متسعا لمحاولة أخرى حتى منتصف

ليل 31 تشرين الأول. وكان رئيس الجمهورية واضحا في إطلالته التلفزيونية الخميس أنه على استعدادا لتلقي أي إقتراح عملي

وجدّي لحل الأزمة الحكومية حتى اللحظة الأخيرة من ولايته الرئاسية،

مما يعني انه سلّم باحتمال ألا يتسنى له ترؤس أول جلسلت الحكومة العتيدة

أو حتى التدخّل في صوغ بيانها، كل ذلك تحاشيا لمراكمة الفارغ الحكومي على الفراغ الرئاسي. لكن التعليق السيئ للمكتب الإعلامي

لرئيس الحكومة على إطلالة عون، وهو دأب ركيك ومستغرب

ينمّ عن قلة حياء وحيلة وخواء سياسي (وإلا كيف يقبل ميقاتي أن يعيّر فريقه اللصيق رئيس الجمهورية بعمره؟!)،

ينطوي على ما يختمر الرئيس المكلف من رغبة دفينة في أن يشكّل حكومته الخاصة،

وإلا فله أن يتملّك صلاحيات رئاسة الجمهورية بالتكافل والتضامن

مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيحكما ساعتئذ الجمهورية، سعيدين راضيين بما كتبا وفعلا.


في أيح حال، عون ينتظر على ضفة النهر. فإما أن يصحح ميقاتي مساره،

وإما فعليه أن يتوقّع المرّ، بدءا وليس انتهاء بإصدار رئيس الجمهورية

مرسوم قبول استقالته. وحينها لا مفر من الفوضى الدستورية والكثير من الضرب تحت الحزام.

صوت لبنان

لمشاهدة المزيد اضغط هنا

Exit mobile version