الحب في زمن الكوليرا اللبنانية
يقول أبو الطيب المتنبي في عظيم شعره: “لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق ان لم يسعد الحال”، ولا أبلغ من هذا البيت الشعري اليوم على لبنان شعبًا وحكومة منتقصة
تحت عبأه القوى السياسية الداخلية ومناكدات أولاد السياسة وفراغ رئاسي يبدو انه سيطول ويطول ويطول، فلا قدرة في
الداخل حيث العجز الظاهر حتى على المراهنة ولو على مرة واحدة في ترك لعبة النصاب
والحضور فالمقامرة خطيرة بحجم رئاسة في زمن إدارة افلاس الدولة، حيث لا مشروعية
لاحد أكبر من وجع الناس كل الناس, وهذا الداخل السياسي المنتظر دائمًا ام كلمة السر الخارجية على العادة ونادرا” ما تخرق العادة أو لحظة إقليمية تحمل الانفراجة الإيرانية- السعودية والتي تبدو
صعبة المنال راهنًا فالحديث المكشوف اليوم بين صراع الحفاظ على الطائف
او تعديل الطائف ضمن سلة إصلاحات سياسية برضى أوروبي ظاهر منذ كلام
ماكرون الشهير عن عقد سياسي– اجتماعي جديد ولكن كيف في زمن الازمات المتلاحقة؟!
وإذا بالغنا في المغالاة فلربما ننتظر التسوية الأكبر الأميركية الإيرانية على غرار
التجربة العراقية الوليدة مع كل ما حملته من فراغات للشهور خلت ودعوات
الى الشوارع واحتلالات برلمانية وحكومية ودعوات الى المواجهات واستقالات
لقوى سياسية والنار تحت الرماد, مهلا ومع انسجامنا ان بين العراق ولبنان الكثير
من التلاقي واللاعبين الا ان لبنان ذات تركيبة خاصة فريدة يتداخل فيها ما هو دولي إقليمي عربي لبناني وطني طائفي فئوي ليصل الى ما هو شخصي, واخ يا بلد على ما يقول الراحل خضر علاء الدين(شوشو).
بلاد تجتمع فيها الأزمنة الغابرة الممتدة من زمن الكوليرا وصولًا الى زمن الفراغ
بكل ما يحمله من معاني ومصاعب على المستوى الأمني والاجتماعي والشعبي
الذي جعل من اللبناني مثالا”: كسيخ الشاورما وجهه الاول ملفوح بالنار التي جعلته محترقًا امام لهيبها، وجهته الأخرى تحت مقصلة السكين الحادة لتبيعه في سوق الاكل والبازار السياسي المفتوح
بلا سقوف بكل ما هو مُلح من قضايا: فأزمة الفراغ الرئيسي في زمن الكوليرا
مفتوحة حتى اشعار الاتفاق المفقود!, وأزمة الاقتصاد والاتفاق مع صندوق النقد
مفتوحة حتى اشعار إقرار الإصلاحات مع من يماطلون حيث المثل الشهير (يا طالب الدبس من النمس)؟!, وأزمة القوانين الإصلاحية النائمة في الادراج على مستوى كل السلطات القضائية والإدارية
والحديث يطول!, وأزمة دولار يحلق ويحلق ثم يعود لبرهة” ليعود يحلق مجددًا على
بساط الريح وبلا سقوف الا من قرارات التدخل وهي مفقودة بفعل ضعف احتياطيات
المركزي اللبناني من جهة ومع الأيام ستزيد الحاجة تحت وطأة دخول الشتاء والحاجة
للسلع وفي مقدمتها المحروقات التي تحرق الأخضر واليابس وتلتهم رواتب الناس
بلا هوادة! وهنا نرفع الصوت عاليًا من لأهالي الأطراف في بعلبك الهرمل وعكار والبقاع الغربي وبشري واهدن وجرد كسروان وكل أهالي الجرود في زمن الصقيع القادم؟!.
ببساطة يا سادة اننا نعود الى الحب في زمن الكوليرا ولكن ليس على الطريقة
الكاريبية بل على الطريقة اللبنانية وإن كانت رواية “الحب في زمن الكوليرا” تسطر قصة حب مختلفة، قصة حب
مشحونة بالمأساة، وقلة الحيلة، والتعلّق الذي لا ينتهي، تعلّق كلما شارف على نهايته تهب ريح الحب العاتية فتبقيه على الحافة، لا هو يسقط فينتهي، ولا هو يبقى فيستمر ويزدهر، تعلّق يضع
الأبدية كأساس للعلاقات العاطفية، كذلك الحب في زمن الكوليرا اللبنانية
هو حب مشحون بالفقر و الذل على أبواب الافران ومحطات البنزين وابواب
المستشفيات والصيدليات و لا رياح ولا ضمير يهز أصحاب الحب الابدي في القلوب,
أصحاب حب الكراسي وما خلفها لينتشلوا الناس من خرابهم وصباحتاهم الباكية ولياليهم السوداء.
في زمن الإفلاس وأسئلة الناس لابد من الاستفادة من درس رواية الكاتب الكولومبي
الشهير غابرييل غارسيا ماركيز الحائز على جائزة نوبل: الحب في زمن الكوليرا وهي التي
نُشرت لأول مرة باللغة الإسبانية في عام 1985، والتي تعاد اليوم بصيغتها اللبنانية العملية،
والدرس المستفاد من كلا الروايتين: أن الكوليرا الحقيقة هي في معرفة قاعدة ذهبية:
لكي تُنهي علاقة حب هناك قاعدة واحدة فقط, وهي ألّا تبدأها من الأساس! وهذا ما لم يجري في الانتخابات اللبنانية أيار 2022 وعليه نقول و من الحب ما قتل, فاقتضى التوضيح.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا