لأصحاب الرواتب بالدولار : الدولة تساويكم بالتجار ضريبياً
لأصحاب الرواتب بالدولار
طويت صفحة موازنة 2022، وبدأت مفاعيلها تتجلى الواحد تلو الآخر. رسوم وضرائب وضغوط على المكلّفين تصل إلى حد الإقتصاص من الموظفين، فلا يمكن تفسير الآلية الجديدة التي أقرتها وزارة المال لاحتساب ضريبة الدخل سوى بعملية اقتصاص من الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار على وجه الخصوص.
ولا مبالغة بالقول أن الدولة ساوت إلى حد كبير، بين التجار والموظفين لجهة نسب الضريبة المفروضة إن على الأرباح أو الدخل، علما أن لا تقارب بين الطرفين على الإطلاق. فالأول تقع عليه ضريبة على الربح الصافي، أما الثاني فعلى دخله والفارق كبير بين الاثنين.
الضريبة على الموظفين
حدّدت وزارة المال طريقة استيفاء ضريبة الدخل من الموظفين الذين يتقاضون
رواتبهم بالدولار الاميركي، بعد تحويلها إلى الليرة على أساس سعر دولار منصة صيرفة وبعد تنزيل أجزاء الراتب المسموح بتنزيلها، وطرح التنزيل العائلي المتوجب للمستخدم. وقد حدّدت الوزارة شطور ضريبة الدخل بشكل تصاعدي إضافة إلى رفع مستوى التنزيل العائلي.
وحسب موازنة 2022، ارتفعت قيمة التنزيل العائلي من 7.5 مليون ليرة للفرد إلى 37 مليون و500 ألف ليرة، كما ارتفعت قيمة التنزيل على الولد الواحد من 500 ألف ليرة إلى 2.5 مليون ليرة، أي أنها ارتفعت 5 أضعاف. كما ارتفع التنزيل على الزوجة إلى 12.5 مليون ليرة.
في المقابل، فقد ارتفعت قيمة الشطور الضريبية 3 أضعاف وأصبحت كالآتي:
ضريبة بنسبة 2 في المئة على الرواتب التي تقل عن 6 ملايين ليرة.
ضريبة بنسبة 4 في المئة عن الرواتب بين 6 و15 مليون ليرة.
ضريبة بنسبة 7 في المئة على الرواتب بين 15 و30 مليون ليرة.
ضريبة بنسبة 11 في المئة على الرواتب بين 30 و60 مليون ليرة.
ضريبة بنسبة 15 في المئة على الرواتب بين 60 و120 مليون ليرة
ضريبة بنسبة 20 في المئة على الرواتب بين 120 و225 مليون ليرة
ضريبة بنسبة 25 في المئة على الرواتب التي تتخطى 225 مليون ليرة.
من هنا يبدو الخلل في الآلية الجديدة واضحاً، فالشطور تضاعفت 3 مرات، والتنزيل العائلي تضاعف 5 مرات، أما التضخم فارتفع بأكثر من 15 ضعفاً.
التطبيق الفعلي
عملياً كيف اختلفت آلية تطبيق ضريبة الدخل على موظف يبلغ راتبه على سبيل المثال 1500 دولار؟
كان راتب الـ1500 دولار يساوي على أساس سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، نحو مليونين و250 ألف ليرة. وبالتالي، كان يقع في الشطر الثاني من ضريبة الدخل أي أن الموظف الذي يتقاضى 1500 دولار كان يتكلّف نسبة 4 في المئة من مدخوله السنوي كضريبة دخل.
أما اليوم بعد القرار المذكور بات راتب الـ1500 دولار يساوي 45 مليوناً و450 ألف ليرة (على اساس سعر منصة صيرفة 30300 ليرة)، وعليه بات الموظف يقع في الشطر الرابع من جدول ضريبة الدخل وبالتالي يقع عليه نسبة 11 في المئة ضريبة دخل من مدخوله السنوي.
لا شك أن من الإنصاف أن تفرض الدولة ضريبة دخل على الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، على أساس سعر صرف المنصة أو حتى سعر الصرف الحقيقي، لكن كيف يمكن أن تقرأ وزارة المال الإجحاف الذي لحق الموظف بالشطور.
إجحاف بحق الموظفين
قرار مجحف جداً بحق الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، فبالإضافة
إلى تعديل الضريبة من دون لحظ مسألة الشطور، يرى خبراء ضريبيون بأن نسبة
ضريبة الدخل على الرواتب والأجور كبيرة جداً، بالنظر إلى غياب الحماية الاجتماعية
ونظام نهاية الخدمة.
كما أن الضريبة على دخل الموظفين تصل إلى 25 في المئة، في حين أن الضريبة
التي تقع على أرباح التجار تبلغ النسبة نفسها، أي 25 في المئة. علماً أن التاجر حين
يسدد الضريبة يحسم من مجمل مداخيله الأكلاف والنفقات التشغيلية وحتى صيانة المعدات، ويتكلّف بالضريبة فقط على ربحه الصافي. أما في حالة الموظفين، فالضريبة تقع على مجمل دخله، فكيف يحسم الموظف استهلاك قدرته وجسده وعمره؟ من هنا يستغرب كثر كيف يمكن لوزارة المال أن تتعامل مع الربح
كالدخل، وكيف يمكن للموظف أن يوضع بمصاف التجار؟
لمزيد من الاخبار الرجاء الضغط هنا