“يرغب بخروج آمن”…سلامة يقنّن استخدام ما تبقى من احتياطي

“يرغب بخروج آمن”…سلامة يقنّن استخدام ما تبقى من احتياطي

سلامة يقنّن استخدام ما تبقى

قبيل اندلاع الأزمة النقدية بحوالى الشهرين من العام 2019، كانت الموجودات بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان اكثر من 30 مليار دولار. وبعد ثلاث سنوات ورغم التدخلات المزاجية في سوق القطع،

والإنفاق على الدعم، وتمويل قطاعات عامة بالعملة الصعبة، لا يزال «المركزي»

يصر على أن الموجودات لديه تقارب 15 مليار دولار.

بحسب الميزانية نصف الشهرية للبنك المركزي عن النصف الاول من شهر تشرين

الأول الفائت بلغت الموجودات بالعملات الأجنبية أكثر قليلاً من 10 مليارات دولار.

وقيمة هذه الموجودات ترتفع بالحسابات إلى أكثر من 15 ملياراً في ما لو أضيفت

محفظة السندات السيادية بالعملات الأجنبية «يوروبوندز» التي يحملها «المركزي»

وتقدر بـ 5.03 مليارات دولار. وترجح مصادر متابعة ان استراتيجية حاكم مصرف

لبنان رياض سلامة قبيل خروجه من الحاكمية التقنين قدر المستطاع في استخدام

ما تبقى من احتياطي عملات اجنبية وذلك في اطار ما يسمى استراتيجية الخروج الآمن الذي يفضله سلامة.

محدودية القابل للإستخدام

تشريح هذا الرقم الذي «يدغدغ» أحلام البعض بإمكانية إستخدام بعضه في أي لحظة

من قبل الحاكم لتخفيض سعر الصرف إلى مستويات قياسية، يشبه إلى حد كبير

«ذرّ الرماد في العيون». ذلك أن الاحتياطي القابل للاستخدام الفعلي لا يتجاوز

بضع مئات من ملايين الدولارات في أحسن الاحوال اذا اخذنا في الاعتبار الاحتياطي

الالزامي وما تبقى من حقوق السحب الخاصة. وهو رقم جرى تجميعه في الأساس

من خلال ضخ تريليونات من الليرات المطبوعة في السوق، والتي أدت إلى

إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى أرقام قياسية. بعبارة أخرى تجمّع

من خلال مضاربة «المركزي» على العملة الوطنية. ومع هذا، يبقى السؤال

الذي يحير الجميع، هو: كيف سيتصرف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة

بهذه الموجودات، هل يتركها كـ»خميرة» لمن يأتي من بعده في تموز 2023،

أم يستعملها جزئياً؟ وفي حال قرر استعمالها، فما هي اللحظة التي سيختارها،

وبأي حجم ولأي أهداف؟ وتباعاً ما هو مصير سعر الصرف بعد خروج سلامة، خصوصاً إن كنا لا نزال في مربع الأزمة نفسه.

مكونات الموجودات بالنقد الأجنبي

تتكون الموجودات المتبقية من العملات الأجنبية من أربعة مصادر أساسية، وهي:

– محفظة السندات السيادية بالعملات الأجنبية «يوروبوندز» بقيمة 5.03 مليارات دولار. إلا أنه مع انخفاض قيمة السند الواحد إلى 7 سنتات للدولار فان مجمل هذه المحفظة لا تساوي فعلياً أكثر من 350 مليون دولار.

– حقوق السحب الخاصة «SDR».

– عمليات المركزي الخاصة والتي تقدر بحدود 600 مليون دولار جمعها مصرف لبنان من خلال شراء الدولارات من السوق الموازية خلال الاسابيع القليلة الماضية.

– توظيفات المصارف الإلزامية بالعملة الأجنبية. فبحسب متطلبات المركزي، على البنوك إيداع 15 في المئة (خفضها الحاكم مؤخراً إلى 14 في المئة) من ودائعها بالدولار كتوظيفات إلزامية لديه. وهذه التوظيفات ممنوعة من الإستعمال. وبالأرقام فان آخر تقدير لحجم الودائع بالعملة الأجنبية في القطاع المصرفي يبلغ 96.5 مليار دولار. ما يعني أن التوظيفات الإلزامية عليها يجب أن تكون 13.5 مليار دولار. لكن تبعاً للأرقام فان هذه التوظيفات لا تتجاوز نظرياً 8 مليارات دولار، إذا استثنينا «حقوق السحب الخاصة» و»اليوروبوندز»، وما اشتراه «المركزي» من السوق. ويكون بذلك قد خفض نسبة التوظيفات إلى حدود 8 في المئة. وهذا ما يقلص إمكانية إرجاع الودائع إلى مستحقيها.

التصرف بالباقي


«إن طريقة إستعمال الباقي من الاحتياطي من قبل الحاكم رياض سلامة ستختلف باختلاف الطريقة التي سيخرج بها من سدة حاكمية المصرف المركزي في تموز المقبل»، يقول خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي. «فإذا كان القرار بالتخلي عن المسؤولية عائداً إليه شخصياً، مع توفير السلطة ضمانات بعدم الملاحقة والتعرض له، سيحضر الارضية من دون إحداث أي مشاكل على قاعدة «يا رايح كثّر الملايح». أما إذا كان خروجه مخالفاً لإرادته وناتجاً عن ضغوط سياسية، فقد يعمد إلى اعتماد «سياسة الارض المحروقة»، أي أنه لن يؤمن إنتقالاً سلساً وأرضية ملائمة للعمل لمن سيخلفه».

«كل الإشارات لغاية الآن تشي بعدم نية أغلبية مكونات السلطة السياسية التخلي عن رياض سلامة، ومن غير المستبعد أن تجدد له على قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات». فسلامة من وجهة نظرها «يعرف البئر وغطاه»، وهو الأقدر على السير وسط دخان الحرائق التي أشعلها»، يقول فحيلي. و»على الرغم من عدم الإرتياح الكبير للسياسات النقدية التي اعتمدها خلال السنوات المنصرمة فان خروجه سيحدث أزمة في السوق». ذلك أنه أسس على سبيل المثال من خلال التعميم 161 لتمويل الدولة اللبنانية زيادة الرواتب من جهة، والحصول على سكوت موظفيها من جهة ثانية، من دون أن تدفع من جيبها. وهذه العملية على عيوبها الكبيرة خففت الضغط عن الطبقة السياسية وأرضت الموظفين نسبياً ولم تحدث ارتفاعات مخيفة ومفاجئة وسريعة بسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. و»على الرغم من التوقعات التي تشير إلى إمكانية ارتفاع الدولار في السوق الموازية إلى ما بين 45 و 50 ألف ليرة للدولار الواحد مع نهاية الفصل الأول من السنة المقبلة نتيجة الزيادة على الرواتب التي ستمول من الطباعة، فان هذا الارتفاع ليس كبيراً (حوالى 16 في المئة) فان سعر الصرف سوف يستقر لمدة على هذا السعر»، بحسب فحيلي.

خالد أبو شقرا – نداء الوطن

لمزيد من المعلومات اضغط هنا

Exit mobile version