تظاهرات الأردن… هل تتوسع احتجاجات النفط لتصل إلى انتفاضة شاملة؟
وسط صمت حكومي مريب، وتدخل رسمي على استحياء،
لا تزال الاحتجاجات والإضرابات التي يقودها عمال النقل العام في الأردن مستمرة،
مع تحذيرات من انسحابها على قطاعات أخرى حيوية في المملكة.
وتزداد أزمة إضراب قطاع الشاحنات والنقل حيث توسعت صور الإضراب
لتصل إلى مجمعات رئيسية لحافلات النقل العام وأصحاب التكاسي الصفراء في العاصمة،
فيما لم ينجح قرار حكومي في زيادة دعم الحافلات وخطوط النقل (السرافيس)
والتكاسي الصفراء في تهدئة أزمة الإضراب الذي تشهده محافظات من المملكة،
ليتواصل إضراب سائقي الشاحنات في جنوب المملكة، وفقا لـ”لشرق الأوسط”.
النقل العام في الأردن
ومع العجز الحكومي عن حل الأزمة الراهنة، طرح البعض تساؤلات عن الحلول المطلوبة لوقف الإضرابات والاحتجاجات، وإمكانية توسعها لتتحول إلى انتفاضة كبيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية هناك، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
صمت حكومي
اعتبر حمادة أبو نجمة، الخبير العمالي الدولي، ورئيس بيت العمال الأردني للدراسات،
أن أزمة احتجاجات عمال النقل العام ليست كبيرة، والحكومة في جعبتها الكثير
لتقديمه من أجل حل هذه المشكلات التي أدت للتظاهرات، لكنها لم تقدم أي شيء حتى اللحظة.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، قطاع النقل من القطاعات المهمة والحيوية
التي لا يجوز زيادة الأعباء عليها، خاصة وأنه عانى مؤخرًا من أزمات متتالية سواء
نتيجة إغلاق الحدود ما بين الأردن والدول المحيطة بسبب النزاعات العسكرية،
أو جراء الإجراءات التي اتخذتها الدول للوقاية والحد من انتشار فيروس كورونا، على مدار السنوات الماضية.
النقل العام في الأردن
ويرى أن الحكومة إن كانت متمسكة بموقفها فيما يتعلق برفع أسعار المشتقات النفطية،
باعتبار هذه الارتفاعات على الأسعار العالمية للنفط، يمكنها مراجعة قيمة الضريبة المقطوعة على مشتقات النفط.
لفت إلى أن قيمة هذه الضرائب مرتفعة جدًا، وتبلغ كلفتها على المستهلك أكثر
من نصف سعر مشتقات النفط، حيث تبلغ لبنزين 95 أوكتان 57 قرشا ونصف للتر الواحد،
و37 قرشا لبنزين أوكتان 90، والكاز للتر الواحد 16 قرشا ونصف القرش.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المقبلة، استبعد أبو نجمة أن تتخذ الحكومة محاولات
جادة لاحتواء الأزمة، بينما توقع أن تطرح بالتعاون مع مجلس النواب حلولًا قد تكون مرضية بحدها الأدنى
قوانين مطلوبة
من جانبه اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني، وعضو مجلس النواب السابق، أن الحكومات السابقة والحالية تمادت في جباية الضرائب المرتفعة على كل ما يتعلق بالحياة المعيشية للمواطن الأردني، استجابة لأوامر صندوق النقد الدولي.
وبحسب حديثه لـ”سبوتنيك”، سياسة الحكومة الحالية، وخاصة كما يتعلق برفع أسعار السلع يعرض الأمن الاجتماعي للخطر، وتنعكس تداعياته ومخاطرة الكبيرة على أمن الوطن واستقراره، حيث تعد المشتقات النفطية من المواد الأساسية للنقل والإنتاج الوطني.
ويرى أن فرض الضرائب على هذه المشتقات ينسحب بدوره على أسعار المواد والسلع الأساسية
والاستراتيجية الضرورية لعيش المواطن، كما تضعف القوى الشرائية للدينار الأردني، محذرًا من تداعيات الأوضاع المعيشية المتردية للمواطنين الأردنيين بسبب سياسات الحكومة الاقتصادية.
ولفت إلى ضرورة وضع تشريعات وأنظمة عاجلة من قبل الحكومة للحد من الفقر والبطالة
والاتجاه نحو خفض الأسعار لا رفعها، في كافة المجالات، معتبرًا أن أي حكومة لا تعمل
على وضع التشريعات والقوانين التي تحقق قوت يوم المواطنين وتضمن لهم العيش الكريم،
وتحسن كافة الخدمات الموجودة وتحقق العدالة والمساواة بين أبناء الوطن
لا تستحق أن تكون موجودة، لأنها تلقي بثقل سياساتها على حياة المواطنين ولا تهتم بهم.
وقال النائب فراس العجارمة، رئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني،
إن إضراب سائقي الشاحنات ووسائل النقل العام جاء للتعبير عن الاستياء
من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، باعتبارها من أغلى الأسعار في العالم،
مؤكدًا أن تنفيذ الإضراب كان بطريقة حضارية، حيث لم يتم إغلاق أي طريق في المملكة.
وأضاف في تصريحات سابقة لـ”سبوتنيك”، أن السبب في ارتفاع أسعار المحروقات في الأردن،
هي الضريبة الثابتة المفروضة على المشتقات النفطية والتي تشكل ما يقارب 17% من موازنة الدولة،
وأنها ظهرت الآن مع قدوم فصل الشتاء في ظل حاجة المواطنين للوقود من أجل التدفئة.
ولفت إلى أن الظروف الصعبة التي يعانيها الأردن والمنطقة والعالم أجمع تدفع الحكومات
إلى أن تكون أكثر قدرة على استيعاب مثل هذه التحركات حتى لا تتدحرج
وتتوسع بشكل أكبر، مبديًا مخاوفه من توسع الإضراب الحالي ليشمل قطاعات خدمية أخرى.
وأوضح العجارمة أن “أصحاب الشاحنات باتوا يعملون فقط من أجل تحصيل
ثمن الوقود الذي يستخدموه، وأن الحكومة صمت آذانها عن أصوات المواطنين،
مضيفًا: “وضعت الحكومة الحصان أمام العربة، ولا تقدم أي حلول ولا تستمع للمواطنين،
وهي مصممة في غيها، ما ينعكس سلبا ويزيد من إصرار المضربين، ولا بد من أن تستمع لصوت الحكمة والعقل”.
وقال رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب الأردني إن هناك مذكرة قدمها 63 نائبا لعقد جلسة
خاصة لمناقشة الأوضاع الاقتصادية، مؤكدًا أنهم سيلوحون بإجراءات تصعيدية داخل المجلس النيابي حتى تبحث الحكومة
عن حلول للأزمات الاقتصادية بعيدة عن جيوب المواطن الذي يأن تحت وطأة التضخم
وتآكل الرواتب وعدم شمول موازنة 2023 لأي زيادة على رواتب الموظفين سواء مدنيين أو عسكريين، عاملين أو متقاعدين.
وعن الحلول السريعة لوقف الإضراب، يرى النائب الأردني ضرورة عقد الحكومة
جلسة حوار مع الممثلين الحقيقيين لأصحاب الإضراب، والوصول لحلول وَسَط،
مشيرًا إلى إمكانية خصم 7% من الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية،
ويتم توزيعها على سلع كمالية ترفد نفس المبلغ لخزينة الدولة.
ومضى بالقول: “هذه الحكومة تستدين ملياري دينار سنويًا من أجل إتمام الموازنة،
ولا يوجد مشكلة إذا ما استدانت 200 أو 300 مليون دينار من أجل تخطي هذه الأزمة، وتمرير فصل الشتاء هذا بدون رفع أسعار الغاز، الذي يستخدمه غالبية الشعب الأردني من أجل التدفئة”.
ويواصل سائقو الشاحنات في المملكة، إضرابهم عن العمل للمطالبة بزيادة أجورهم بعد ارتفاع أسعار وقود الديزل، بعدما قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية الشهر الماضي رفع سعر اللتر 35 فلسا، من 860 إلى 895 فلسا (1.26 دولار).
ويصل عدد الشاحنات في الأردن بما في ذلك نقل البضائع والحاويات إلى حوالي 21 ألف شاحنة وفق معطيات هيئة تنظيم قطاع النقل (حكومية).