دولة عربيّة .. رُبع المواطنين تحت خط الفقر!
أقرّت الحكومة العراقية بارتفاع نسب الفقر في 2022 إلى 25% من إجمالي السكان، في أعلى نسبة تتبناها الجهات الرسمية العراقية حتى الآن، وسط تشكيك بكون الرقم المعلن أقلّ من الواقع، خاصة في المدن المنكوبة، شمالي وغربي البلاد،
التي شهدت معارك طاحنة خلال السنوات الماضية لطرد مسلحي تنظيم “داعش”.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي،
مساء أمس السبت، إن “هذه النسبة ارتفعت مقارنة بعامي 2019 و2020، حيث كانت لا تتجاوز 20%”،
مبينا، وفقا لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “ارتفاع نسبة الفقر يعود الى أسباب عدة،
من بينها تداعيات جائحة كورونا خلال 2020 و2021، وتوقف الأنشطة الاقتصادية،
بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية نتيجة خفض أسعار النفط (خلال الفترة ذاتها)، وتوقف المشاريع”.
وأشار الهنداوي إلى أن “هناك استعدادات في الجهاز المركزي للإحصاء التابع للوزارة
للشروع بتنفيذ المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسرة في العراق”، موضحاً أن
“هذا المسح من شأنه إعطاء نتائج ومؤشرات جديدة عن خط الفقر والبطالة،
حيث ستعتمد تلك النتائج خلال سياسات الوزارة”، مبيناً أن وزارة التخطيط
“تستعد في الوقت الحالي لإعداد استراتيجية خفض الفقر الثالثة في العراق خلال السنوات الخمس المقبلة”.
وأكد المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية أن “إعداد الاستراتيجية سيشترك فيه
عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وبعض الشركات الدولية ذات الاختصاص”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الحكومة اتخذت جملة من الإجراءات لدعم الشرائح الهشة والفقراء
في ما يتعلق بمستوى الدخل، الذي تمثل برفع رواتب المشمولين بالرعاية الاجتماعية
وزيادة سعة الشمول للأسر الفقيرة، بالإضافة إلى تحسين البطاقة التموينية،
وتنظيم توزيعها بشكل شهري، وإضافة مواد غذائية جديدة لها”.
معدلات فقر أعلى من المعلن
من جانبه، قال الخبير بالشأن الاقتصادي العراقي عبد الودود القيسي، لـ”العربي الجديد”، إن النسبة المعلنة، التي تشكل أكثر من 12 مليون عراقي من أصل 42 مليوناً مجموع سكان العراق، “غير دقيقة، وهي تخمينات بالعادة تكون قياسا لمدن محددة مثل بغداد والبصرة والموصل وكركوك”.
وأضاف القيسي أن “نسبة الفقر في بعض المحافظات، مثل نينوى وديالى والأنبار وصلاح الدين، تخطت عتبة أربعين في المائة، بفعل الدمار في المدن الذي أتى على المعامل والورش وأماكن تشغيل اليد العاملة”.
واعتبر الخبير العراقي أن إقدام الحكومة خلال الفترة الأخيرة على توفير وظائف حكومية للتخفيف من البطالة “غير علمي وليس مدروسا كفاية، إذ كان المتوقع منها التوجه لإعادة تشغيل المعامل والقطاعات القادرة على سحب أكبر قدر ممكن من اليد العاملة العاطلة، والتي تصل إلى 50 بالمائة في بعض تلك المدن”.
وتقاس نسب الفقر في العراق وفقا لمعدل دخل العائلة اليومي، وتبلغ بالحد الأدنى
ما يعادل 8 دولارات باليوم الواحد، وتشير إحصائيات برنامج الغذاء العالمي
إلى أن مليونين وأربعمئة ألف شخص في العراق بحاجة ماسة إلى الغذاء.
وفي السياق ذاته، قال عضو غرفة تجار بغداد عمر الكرخي، لـ”العربي الجديد”،
إن “العراق بحاجة ماسة إلى مسح اقتصادي لتحديد بقع أو مناطق الفقر الأكثر حرجاً في البلاد”.
واعتبر الكرخي التقديرات الحكومية التي تصدر مطلع كل عام حول نسب الفقر والبطالة
أنها “تفتقر للدقة والعلمية، ويجب أن تكون وفقاً لمسوحات ميدانية ومحددات مسبقة”،
لافتاً إلى أن “النسب المتوقعة للفقر بحسب الملموس أعلى مما أعلنته الحكومة”.
ومنتصف الشهر الماضي، كشف برلمانيون عراقيون عن أن نحو نصف سكان محافظة القادسية، جنوبي البلاد، يعيشون تحت مستوى خط الفقر، بعدما كانت المحافظة من بين أغنى المحافظات لما تمتاز به من إنتاج زراعي وصناعي.
أكدت عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة القادسية، ضحى القيصر، أن نحو نصف سكان المحافظة يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وأن الزراعة في المحافظة أصبحت شبه معدومة.
وقالت القيصر، في تصريح صحافي، إن المحافظة تُعد من بين المحافظات الفقيرة، ولا تمتلك مشاريع تنموية اقتصادية ونفطية أو منافذ حدودية يمكن من خلالها تشغيل الشباب العاطلين عن العمل.
كما أكد ذلك النائب عن محافظة القادسية فارس ونّاس، في حديث سابق لـ”العربي الجديد”، مبينا أن نسبة الفقر في المحافظة ستصل إلى أكثر من 50 بالمائة خلال الفترة المقبلة، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي الذي انعكس إلى حد كبير على الوضع المعيشي للمواطنين.
وكشف ونّاس عن أن نسبة البطالة في المحافظة تتجاوز 18 بالمائة، وتعد النسبة كبيرة جداً قياساً ببقية محافظات العراق، حيث لا تمتلك المحافظة مشاريع استراتيجية يمكن أن تستوعب الأيدي العاملة.
(العربي الجديد)
لمشاهدة المزيد اضغط هنا