10 ملاحظات على منصة صيرفة!
ماذا حققت منصة صيرفة من أهداف؟ سؤال يسهل الرد عليه إذا تتبعنا المؤشرات المالية والنقدية والاقتصادية منذ انطلاقة هذه المنصة قبل نحو اقل من سنتين الى اليوم.
أولاً: لم تستطع المنصة لجم صعود سعر صرف الدولار. فعند انطلاقتها
في ايار 2021 حدد السعر عليها بـ 12 الف ليرة للدولار، وها هو السعر اليوم 38 الفاً،
وفي السوق الموازية نحو 48 ألفاً. فالغرض الأول كان لجم صعود الدولار وتقريب
السوق الموازية من سعر المنصة، فاذا بالعكس يحصل. وها هي المنصة تلهث وراء السوق السوداء.
ثانياً: فشلت تلك المنصة بلجم التضخم المتصل بتدهور سعر صرف الليرة. فاستمر
غلاء الأسعار يأكل القليل المتبقي من قدرة شرائية لأصحاب المداخيل بالعملة الوطنية.
ففي سنة تقريباً زاد التضخم 142%، ليبلغ المتراكم منذ بداية الأزمة أكثر من 1500%.
ولم تنفع الزيادات الاخيرة على الرواتب في التخفيف من حدة تآكل القدرة الشرائية.
فبين تاريخ اقرار الموازنة التي تضمنت تلك الزيادات واليوم
، فقدت الاضافات على الرواتب ثلث قيمتها والحبل على الجرار.
ثالثاً: في غياب قانون لضبط السحوبات والتحويلات (كابيتال كونترول)
ساهمت المنصة بخروج الدولارات من لبنان. فمعظم ما يضخ عليها ويذهب للتجار
والمستوردين يجد طريقه الى الخارج وتحديداً للاستيراد.
رابعاً: يشتري مصرف لبنان الدولارات من صيارفة بسعر السوق مع عمولة للشركات
المتعاقدة معه لتأمين العملة الصعبة، ثم يضعها على المنصة بأسعار أقل بنسب
تراوح بين 15 و30% حسب تطور الأسعار في السوق الموازية، ووصلت الفروقات
في بعض الأحيان الى 30%. فهذا الفارق مع العمولات يسجله مصرف لبنان في ميزانيته خسارة .
خامساً: كان مصرف لبنان يضطر احيانا للتصرف بدولارات مما بقي لديه من احتياطي
(هو عمليا ما تبقى من اموال المودعين)
، ويعتبر ذلك خسارة ايضاً اذا لم يستطع تعويض ما صرفه من الاحتياطي.
وهذه الخسارة تضاف الى سابقتها (الفرق بين السعرين) لتفاقم حجم الفجوة
الهائلة في حسابات البنك المركزي وعلى الدولة معالجتها عاجلاً ام آجلاً.
سادساً: لم تعد تنفع البيانات التي يعلنها مصرف لبنان بين الحين والآخر، لا سيما
اعلانات فتح سقوف التداول على منصة صيرفة. وخير مثال ما حصل قبيل انتهاء
السنة الماضية بأيام، عندما تحدث عن امكان افادة الافراد حتى مليار ليرة،
ثم تراجع الى 200 مليون، ثم الى 100 مليون مع عراقيل وتأجيل ومبالغ
كبيرة عالقة بانتظار تبديلها بدولار على سعر المنصة. وكان سعر الصرف تراجع في السوق الموازية قبل 3 اسابيع الى 42 الف ليرة للدولار، لكن وفي موازاة اتضاح عجز مصرف لبنان عن الوفاء
بما وعد به من فتح للسقوف، عاد السعر في «الموازية» الى الارتفاع وبات الفارق بين السعرين اليوم نحو 26%.
سابعاً: مع شبه انعدام الشفافية على منصة صيرفة ، تبين ان هناك تربحاً
ملاحظات على منصة صيرفة
غير مشروع يحصل على قدم وساق. فهناك من يصلون الى الافادة السريعة قبل غيرهم ، مقابل آخرين ينتظرون بالساعات ولعدة أيام، وربما لا يحصلون على مبتغاهم ابداً كما يحصل هذه الايام.
ثامناً: سمح مصرف لبنان للمودعين بالافادة من المنصة في محاولة منه
ومن المصارف للتعويض عليهم قليلاً مما خسروه، لكن الافادة الاكبر هي للمصارف التي تحصد عمولات قدرت في العام الماضي بنحو 360 مليون دولار، وهذا لا يشمل ر
بح مصرفيين جنوا ثروات من المنصة بأسهل طرق التحايل.
تاسعاً: لا يخفى على أحد ان هناك «سياسة» بين اهداف المنصة
لجهة افادة موظفي القطاع العام منها، وتعويضهم القليل مما فقدوه
من قدرة شرائية لرواتبهم بالليرة. وربما هذا هو الهدف الوحيد الذي لا
يستطيع حاكم مصرف لبنان التخلي عنه لأن رعاته من السياسيين يصرون على افادة الموظفين بطريقة ما، لأنهم ناخبون ومحازبون ومن جمهور احزاب السلطة.
عاشراً: أوهم مصرف لبنان الناس عبر منصة صيرفة انه يعالج شيئاً من تداعيات الأزمة،
وأدخل معه في هذه الدوامة مئات الآلاف من اللبنانين الذين لا هم لهم يومياً الا
الربح من المنصة العتيدة. حتى بات يقال ان معظم اللبنانيين صرافون
بشكل أو بآخر. لكن في نهاية الأمر لا معالجة ولا من يحزنون . فالفجوة المالية البالغة حاليا 75 مليار دولار تزيد كل يوم … وسيأتي يوم الحساب لا محالة.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا