بوتيرة مخيفة..5 هزات صادمة للعملة اللبنانية! ما حقيقة بلوغ الدولار 150 ألف ليرة؟
دخلت الليرة اللبنانية منعطفاً خطيراً هذا الأسبوع مع تسارع وتيرة انهيارها بشكل فاق جميع التوقعات،
على وقع أحداث سياسية وقضائية فاقمت الأوضاع المستعصية، التي تعاني منها البلاد منذ 4 سنوات.
ولامست الليرة اللبنانية اليوم حاجز الـ 61 ألف ليرة للدولار الأميركي الواحد في السوق السوداء،
في وقت تنهال فيه التحذيرات، أن هذا المستوى ليس إلا مجرّد بداية في مسار عنيف
من الانهيار الذي ينتظر العملة اللبنانية في عام 2023، وما يؤكد ذلك أن الليرة
بدأت الشهر الأول من 2023 عند مستوى 42 ألف ليرة للدولار،
وهي في مسارها لإنهاء الشهر بما يفوق مستوى 61 ألف ليرة للدولار،
ما يعني انها تراجعت خلال أيام معدودة نحو 30 بالمئة من قيمتها المسجلة بداية كانون الثاني.
خمس هزات لليرة
كان السعر الرسمي لليرة اللبنانية يبلغ 1520 ليرة للدولار وهو سعر بقي ثابتاً
ومعتمداً لسنوات طويلة، إلا أن العملة اللبنانية سلكت مسارها الانحداري في خمس هزات
منذ نهاية عام 2019، مع دخول البلاد في أزمة سياسية واقتصادية حيث بدأت العملة
في خريف 2019، بالتراجع نحو مستوى 2000 ليرة للدولار،
لتستقبل عام 2020 عند مستوى 2300 ليرة للدولار وتستكمل مسيرة السقوط مسجلة 8500 ليرة للدولار
في كانون الثاني 2021 وصولاً إلى مستوى 30 ألف ليرة في كانون الثاني 2022 ومن ثم 60 ألف ليرة للدولار في كانون الثاني 2023.
عوامل الانهيار
العوامل المسببة لانهيار الليرة اللبنانية لا تُعدّ، وجميعها باتت معروفة أبرزها الفراغ الرئاسي
وحكومة وبرلمان عاجزين، وبنك مركزي ومصارف كلاهما لا يملكان احتياطيات بالعملة الصعبة،
لتنضم في الساعات الماضية عوامل جديدة وغير متوقعة، تمثلت بإنقسام مفاجئ وحاد في القضاء اللبناني تجاه قضية تفجير مرفأ بيروت،
إضافة إلى فرض الخزانة الأميركية عقوبات على مؤسسة مالية مرخصة
من البنك المركزي اللبناني تسهل نشاط مالي لحزب الله، حيث يتم استغلال كل عامل
من هذه العوامل من قبل المضاربين في السوق السوداء لتعميق انهيار العملة اللبنانية وتحقيق أرباح.
ويقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”،
إن مضاربي السوق السوداء باتوا يتحكمون بمسار العملة اللبنانية، وباتوا الجهة الأساسية
لتحديد اتجاهها وسط غياب تام للسوق الرسمي، في حين أصبحت منصة “صيرفة” التابعة لمصرف لبنان
محصورة بعدد محدد من الأفراد، الذين يقومون بشراء الدولار على سعر 38 ألف ليرة،
لبيعه لاحقاً في السوق السوداء، وتحقيق أرباح كبيرة من فارق السعر.
لا مبرر لارتفاع الدولار
ويشدد شمس الدين على أنه لا يوجد أي مبرر علمي أو اقتصادي لارتفاع سعر صرف الدولار بهذا المستوى،
مشيراً إلى أن الليرة تراجعت بواقع مخيف خلال نحو 26 يوماً فقط،
حيث استثمر مضاربو السوق السوداء الوضع المتأزم الذي يعاني منه لبنان
والذي تفاقم في الأيام الأخيرة، وهذا ما دفع باللبنانيين إلى التهافت على السوق السوداء،ط
لاستبدال العملة المحلية بالدولار الأميركي مقابل أي ثمن.
إقبال على مصدر واحد
وبحسب شمس الدين فإن هناك طلباً قوياً جداً على الدولار في السوق اللبنانية
نتيجة لجوء أربع جهات اساسية وهي مصرف لبنان والمصارف والتجار والأفراد العاديين
إلى شرائه من مصدر واحد وهي السوق السوداء، في حين أن من يملك الدولارات،
بات يتردد ببيعها بإنتظار تحقيق أفضل سعر قد تحمله له الأيام المقبلة،
لافتاً إلى أن استمرار هذا الوضع، يعني أن الليرة ستشهد المزيد من الانهيار،
في ظل أزمة سياسية وقضائية تغذي هذا الاتجاه.
الدولار 150 ألف ليرة؟
ويضيف شمس الدين في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”،
إن التوقعات ببلوغ سعر صرف الدولار في لبنان مستوى 100 ألف أو 150 ألف ليرة للدولار الواحد،
هي توقعات لا تستند على أي أسس علمية أو اقتصادية وهي أرقام يتم رميها جزافاً،
مشيراً إلى أنه لا يمكن لأحد معرفة مستوى الانحدار الذي من الممكن
أن تصل له العملة اللبنانية وسط التفلت الحاصل وغياب أي إجراء رادع من المصرف المركزي.
ويعتبر شمس الدين أن المستوى الذي وصلت إليه العملة اللبنانية،
والتي لامست حاجز الـ 60 ألف ليرة للدولار، لم يكن ليصدقه أحد في السابق،
على اعتبار انه طرح غير علمي ولكنه حصل، وهذا ما يفتح مجالاً لتكرار سيناريو الأرقام
غير العلمية في 2023، نتيجة المضاربات واستغلال أي عامل سلبي ينتج عنه
مزيدٌ في الأرباح لدى الممسكين في السوق السوداء ما يظهر أن المسألة ليست اقتصادية.
ويختم شمس الدين حديثه بالقول إن مصرف لبنان ساهم من خلال إجراءاته برفع سعر صرف الدولار
في السوق السوداء، عبر طبع العملة اللبنانية وضخها في الأسواق،
مؤكداً أن المركزي اللبناني يملك القدرة على التحكم، أو إعادة ضبط الوضع في السوق ولكنه لم يقم بذلك الآن لأسباب مجهولة.
سوق غير مراقبة وغير شفافة
من جهته، يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي د. نسيب غبريل
في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن السوق السوداء هي سوق غير قانونية وغير مراقبة وغير شفافة،
يتحكم بها المضاربون ومستغلو الهزات السياسية التي تحدث، مشيراً إلى أن الانهيارات
التي حصلت لليرة اللبنانية في الأيام القليلة الماضية، هي انهيارات غير مسبوقة
وسط حال من التهويل التي تزيد الوضع سوءاً، وبالتالي يدفع ذلك الناس إلى الخوف،
ويخدم الاتجاه الذي يسعى لتحقيقه المضاربون، وسط عدم اكتراث من قبل السلطة
التي تجاهلت إقرار أي خطة إصلاحية يمكن لها أن تساهم في مسار إعادة ضبط الوضع.
ويضيف غبريل إن انهيار العملة اللبنانية يترافق مع ارتفاع جنوني في أسعار جميع السلع،
من مواد غذائية ومحروقات وغيرها من السلع التي تعد أساسية،
فمثلاً قررت وزارة الطاقة اللبنانية إصدار جدولين يومياً لأسعار المحروقات،
تفادياً لاقفال المحطات التي باتت تواجه خسائر مع تغير سعر الصرف على مدار الساعة،
مشيراً إلى أن لبنان يستورد معظم حاجاته الاستهلاكية ولذلك فإنه وبمجرد ارتفاع سعر صرف الدولار،
سيقابله ارتفاع في أسعار مختلف السلع وخاصة الأساسية مثل الدواء.
التضخم 170 بالمئة
ويكشف غبريل أن مؤشر أسعار السلع في لبنان سجّل ارتفاعاً بنسبة 170 بالمئة في 2022،
متوقعاً حدوث مزيد من التضخم في الأسعار خلال الفترة المقبلة،
والذي سينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطن بسبب انخفاض الأجور مقارنة مع التضخم الحاصل للأسعار.
ورفض غبريل تحديد أي اتجاه لسعر العملة اللبنانية في المرحلة المقبلة،
مشيراً إلى أن المضاربين في السوق السوداء يستغلون أي سعر يتم توقعه على أسس غير علمية،
لتحويله إلى واقع يعمق من انهيار العملة اللبنانية، رافضاً تحميل عبء ما يحصل فقط لمصرف لبنان،
أذ يحاول الأخير المحافظة على ما تبقى من احتياطات بالعملات الاجنبية
والتي وصلت إلى مستوى 9.99 مليار دولار أميركي في 15 كانون الثاني 2023.
لمشاهدة المزيد اضغط هنا