هل ينتهي العام بتوزيع الإفادات؟
القطاع التربوي
مع الانجراف التعليمي الذي يطال القطاع التربوي في لبنان، يتبدى مستقبل كارثي أمام التلامذة كافة، والعلّة المتفاقمة قطاع التعليم الرسمي حيث يبقى مصير التلامذة مرهوناً بـ”همّة” الحكومة
ووزارة التربية لتأمين متطلبات الأساتذة بغية استئناف الدروس، لكن التمنيات
شيء والواقع شيء آخر. ووسط السلبية التي تحكم الملف، واستمرار الإقفال بسبب الإضراب، بات السؤال يُطرح عن مصير السنة الدراسية؟
في حديث تلفزيوني، يكشف وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي،
عن أن لديه تأكيدات بأن جلسة لمجلس الوزراء ستعقد في الأيام القليلة المقبلة لبحث الملف التربوي.
لكنّه تخوّف من أن لا يتجاوب الأساتذة مع ما يمكن ان يقرره مجلس الوزراء، لأن كلفة الطلبات المقدمة
من الأساتذة كبيرة جدا وإن كانت محقة، بحسب قوله، ولكنه أشار إلى رغبة في التوافق لأن التمادي في الانقطاع عن التعليم سيطيّر العام الدراسي.
وشدد على ان الدولة التي أمّنت 100 مليون دولار لتأمين 3 ساعات كهرباء، لا يجب إلا ان تصرف أموالاً جاهزة لوضعها بتصرف وزارة التربية لإعادة الأساتذة الى التعليم وإنقاذ العام الدراسي.
وفي السياق، نشرت مؤسسة “هيومين رايتس واتش” تقريراً يبيّن أنّه “مع الانهيار الاقتصادي في لبنان،
أصبح التمويل الأجنبي للتعليم أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع ذلك تراجعت المساعدات الإنسانية
للتعليم منذ 2018. وتبلغ ميزانية التعليم في الخطة الإنسانية 2022 الممولة من المانحين
للبنان 182 مليون دولار، أي أعلى من ميزانية التعليم المخطط لها للبنان بأكملها
والتي تبلغ 125 مليون دولار (3.39 تريليونات ليرة)”، وبالرغم من الخطة الإنقاذية للعام الفائت كان الوضع مماثلاً لهذا العام في حين فُتحت ال#مدارس الرسمية 34 يوماً فقط في العام الدراسي 2021-2022 حتى 31 آذار”.
فريحة
وفي هذا الإطار، يقول الخبير التربوي الدكتور نمر فريحة في حديث لـ”النهار” إنّ “وضع ال#قطاع الرسمي متأزم أكثر من القطاع الخاص، حيث تنعكس مشاكل البلد بشكل سلبي جدآً على القطاع التربوي”.
وفي ما يخصّ تأثير الإضراب يلفت فريحة إلى أنّ “الوقت يلّي بروح ما بيتعوّض”، مضيفآً: “لا تتوقف الخسارة على الصعيد المادي فحسب، بل تداعياتها تكون فتاكة على المستوى العلمي،
هناك خسارة وقت وسنوات دراسية ومن الصعب تعويضها، كما أنّ الحكومة غير مبالية،
فضلاً عن الوضع المتأزم للمعلمين في حين أن راتبهم يساوي صفيحتي بنزين، فكيف من المتوقع أن يستمروا بالتعليم”.
ويشير إلى أنّ “الخاسر الأكبر هو التلميذ، وبعد ثلاث سنوات سيكون المستوى التعليمي
قد تراجع بشكل كبير، وهذا الواقع حاضر بالرغم من المساعدات المالية التي مُنحت
للقطاع التربوي والتعليم الرسمي ومن غير الواضح كيف “تبخرت”، إذ ليس هناك اهتمام بالقطاع الرسمي من قبل أصحاب القرار ولديهم مقاربة خرافية للأمور.”
وعن احتمال أن يُختتم هذا العام بإفادة دراسية، يؤكد فريحة أنّه “لا يزال من المبكر البت
بهذا الأمر، خاصةً أنّ البلد يمّر في ظروف استثنائية ومن الصعب تنبؤ المستقبل، فضلاً عن العوامل العديدة التي من الممكن أن تحدث وتغيّر مجرى الأحداث”.
وبحسب النشرة الإحصائية التي نشرتها وزارة التربية لعام 2022 اتضح أنّ “التعليم الرسمي يشكّل نسبة تصل إلى 32 في المئة”.
النسبة المئويّة — قطاع التّعليم
31.34% — التعليم الرسمي
12.15% — التعليم الخاص المجاني
52.93% — التعليم الخاص غير المجاني
3.57% — التعليم الخاص األونروا
وكانت اعتبرت أنّ “نسبة الالتحاق في التّعليم الخاصّ غير المجاني هو أعلى بنسبة 53 في المئة،
وتقدّم هذا القطاع على غيره من القطاعات الأخرى، دليل على أنّ اللّبناني حريص جداً على نوعيّة التعليم
وجودته على الرّغم من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلد”.
جواد
من جهته، أكّد رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد في حديث مع “النهار”،
أنّ الاضراب مستمّر إلى حين اجتماع مجلس الوزراء، وإقرار رواتب الأساتذة على سعر صيرفة،
فضلاً عن المطالب المعلنة أي بدل النقل والاستشفاء.
وفي ما يخصّ تعويض الأيام الدراسية خلال هذه السنة، لفت جواد إلى وجود طريقتين،
أولا، عبر تمديد العام الدراسي للتعويض عن أيام العطل، مع التذكير
أننا لم نعطّل إلاّ 15 يوماً حتى الآن، ولا يزال بإمكاننا تعويض الخسارة، وثانياً، بإعطاء أيام اضافية”.
وعن الإفادة الدراسية، لفت جواد إلى أنه في حال انتهى العام الدراسي بإفادة أو بترفيع آلي، ستكون “ضربةً قاضية للقطاع التربوي”، وليس من العدل أنّ يخوض بعض التلامذة امتحانات رسميّة، في حين أنّ البعض الآخر يترفعون تلقائياً.
محفوض
أمّا بشأن الخوف من أن تمتد عدوى الإضراب من المدارس العامة إلى الخاصة، فاعتبر نقيب المدارس الخاصة نعمة محفوض عبر “النهار” أنّ العديد من المدارس استهلت عامها الدراسي بالإضراب
احتجاجاً على الوضع المأسوي وعلى ما آلت اليه الظروف، مضيفاً: “لا يحصل المعلمون
على الحدّ الأدنى لمعيشة لائقة، وهذا الأمر مرفوض، هناك عجز في الذهاب إلى المدارس والتعليم”.
وأضاف: “كنقابة أبرمنا اتفاقاً مع أصحاب المدارس منذ ثلاثة أسابيع وطالبنا بأن تكون
رواتب الأساتذة بالليرة اللبنانية ثلاثة أضعاف على ما هي عليه اليوم، فضلاً عن إعطائنا منحاً بالدولار،
ومساعدة صندوق التقاعد من أجل إبقاء الأساتذة المتقاعدين على قيد الحياة،
لكن العديد من المدراس لم تطبّق هذه الشروط، والتي هي متطلبات بديهية”.
ونتيجة لذلك، قال: سنصوت يوم الأربعاء على إعلان الإضراب، وفي حال لم يعط نتيجة،
معنى ذلك أنهم حكموا على العام الدراسي بالانهيار، وسنتجّه إلى خطوات تصعيدية
أخرى ولن تتوقف فقط على توقيف العام الدراسي، فقد بتنا عاجزين على الاستمرار”.
وفي ما خص الإفادة الدراسية، أو الترفيع الآلي، اعتبر محفوض أنّ “السنين التي مرّت على البلاد كانت كارثية ولم يتمكن الطلاب من تعلّم أي شيء، ففي حال طُرحت مسألة الإفادة الدراسية
يكونون قد أعدموا القطاع التربوي و”راح جيل بكامله”، بالتالي يجب أن تتم الامتحانات
من أجل الشهادة الدراسية وأن ينتهي العام الدراسي، ونحن حريصون على إنهائه بأقلّ خسائر ممكنة، لكن يحتاج هذا الحرص إلى حدّ أدنى من المقومات”.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا