للمقترضين بالدولار: هكذا يمكن منع المصرف من سحب رواتبكم الموطّنة
رفع السعر الرسمي للدولار إلى 15 ألف ليرة نزل كالصاعقة على المقترضين بالدولار،
لاسيّما موظفي القطاع العام الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة.
بحيث أضحت الدفعة الشهرية للقرض تتخطّى رواتبهم بأضعاف،
إذا ما تمّ احتسابها وفق السعر الرسمي الجديد. كيف لهؤلاء أن يسدّدوا قروضهم ويؤمنوا
مستلزمات العيش براتب يتراوح بين 70 و200 دولار؟
هذه الفئة كانت تسدد قروضها وفق السعر الرسمي المقدر بـ 1507،
وكانت محميّة بموجب التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان المتعلقة بآلية
سداد قروض التجزئة للمقيمين. تبدّل الوضع مع دخول السعر الرسمي
الجديد للدولار موضع التنفيذ، منذ بداية شباط الحالي.
قيمة السند تعادل راتبي
متعاقدة في إحدى دوائر القطاع العام، تتقاضى راتبًا يبلغ ستة ملايين ليرة مع الزيادة التي لحقته.
منذ بداية شباط الحالي، وجدت نفسها أمام كارثة على حدّ قولها، إذ تبقّى من قرضها الشخصي
مبلغ عشرة الآف دولار. قيمة الدفعة الشهرية 350 دولار، كانت تسدد السندات على 1500،
اليوم تبلغ قيمة السند 5250000 إذا ما تمّ احتسابها وفق السعر الرسمي الجديد المقدر بـ 15000،
بمعنى آخر معظم الراتب الشهري يذهب لتغطية السند. والأسوأ أن راتبها مُوطّن
في المصرف نفسه حيث اقترضت، بحيث يُسحب تلقائيًا في كلّ شهر عند أجل السداد.
ش. ج. موظف في “تلفزيون لبنان” يعاني المعضلة نفسها في تسديد قرض السيارة،
وهذه حال زملائه العاملين في المؤسسة والمقترضين بالدولار. تبقي 5 الاف دولار
من قيمة قرضه، الدفعة الشهرية تبلغ 300 دولار، أي ما يعادل 450000 وفق السعر الرسمي الجديد،
وهو مبلغ يتجاوز راتبه ويقضم زيادة النصف راتب وبدل النقل، بمعنى آخر لا يبقى قرش من الراتب.
الدفعة الشهرية تُحسم كل آخر شهر من راتبه المُوطّن في المصرف نفسه.
كان قد لجأ إلى استشارة محامي قبل استحقاق شباط، الأخير قال له “لا يمكن فعل شيء،
كون التخلف عن الدفع، أو إيداع مبلغ لدى كاتب العدل غير مجدي، طالما أنّ المصرف يتحكّم بفعل توطين راتبك لديه”.
هذه عينة عن المقترضين بالدولار من موظفي القطاع العام، علمًا أنّ المركزي
كان قد سمح للمقترضين في الفترة السابقة باحتساب السند وفق دولار 1500 ليرة
لكل قسط شهري قيمته 1000 دولار وما دون. ولكن هذا الإجراء سبق مرحلة تعديل الدولار الرسمي.
هل يُلزم هؤلاء بتسديد قروضهم بالسعر الرسمي الجديد؟
قيمة السند لا يجب ان تتجاوز 25% من الراتب
خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي لفت في حديث “لبنان 24” إلى
خيارات عدّة يمكن للمقترض أن يلجأ إليها، منها الدخول في مفاوضات مع المصرف لإعادة جدولة الديون.
ويستند المقترض إلى التعميم الصادر عن مصرف لبنان والمتعلق بشروط التسليف،
بحيث ألزم المركزي المصارف عند منح عملائها قروض تجزئة، التقيد بجملة معايير،
منها أن لا يتجاوز مجموع التسديدات الشهرية للقروض كافة نسبة 25% من المدخول الشهري.
وهو قرار قديم صادر عن مصرف لبنان وغير مرتبط بمدى زمني معين.
أضاف فحيلي “يجب أن يُصار إلى وقف العمل بتسديد القرض إلى حين إعادة جدولة الدين
بالتفاوض ما بين المقترض والمصرف، أو بين إدارة المؤسسة حيث يعمل المقترض والمصرف”.
في السياق نفسه يستفيد المقترض من تعميم صادر عن لجنة الرقابة على المصارف،
رقم 280 الذي أوجب المصارف عدم تجاوز التسديدات الشهرية للمقترض نسبة 35% من دخل العائلة،
وفي مطلق الأحوال نسبة 45% في حال وجود قرض سكني. وهناك تعميم صادر
عن جمعية المصارف يحمل الرقم 391 تاريخ 30 ايلول 2019، تمنّى على المصارف،
التعاون مع صغار المقترضين (قروض التجزئة) بالعملات الاجنبية،
لتسوية قروضهم بالليرة اللبنانية، في حال كانت مداخيلهم بالليرة.
لكل مصرف طريقة مغايرة
أضاف فحيلي أنّه وبمتابعته لحالات مشابهة وجد أنّ كلّ مصرف يتعامل
مع هذه الحالات بطريقة مغايرة للآخر. وفي عملية التفاوض يؤخذ بالإعتبار
الرصيد المتبقي من الدين والضمانات مقابل القرض.
إيقاف التوطين
وعن معضلة سحب المصارف للقروض من الرواتب الموطّنة لديها من دون العودة للمقترض،
لفت فحيلي إلى إمكان توقيف التوطين في المصرف الذي يتقاضى القرض من راتب الموظف،
في حال كان هناك ابتزاز من قبل المصرف، وقد حصلت حالات مشابهة عمدت
خلالها المؤسسة إما إلى نقل التوطين إلى مصرف آخر، أو تسديد رواتب الموظفين نقدًا.
قانون تمديد المهل
نقطة إيجابية إضافية لصالح المقترض يمكن اللجوء إليها، وهو قانون تمديد المهل
الصادر عن مجلس النواب، في حال لا زال ساري المفعول، بموجبه تمّ تعليق مفاعيل
البنود التعاقدية المتعلقة بالتخلف عن تسديد القروض، بحيث لا تسري على المقترض
أي جزاءات قانونية أو تعاقدية، بما في ذلك زيادة على معدل الفائدة بسبب التأخر
أو التعسر في تسديد قرض أو أي من أقساطه في المهل المحددة قانونياً أو تعاقدياً.
“هذا القانون يتيح للمقترض غير القادر على تسديد القرض، طلب تجميد تحصيل السندات
إلى حين الإتفاق على إعادة جدولة الدين. وهناك إشكالية بالنسبة لمن استفاد من تجديد المهل،
فتراكمت المستحقات والسندات، ومن غير الواضح ما إذا كانت المصارف ستلزم المقترض
المتأخر عن الدفع بتسديد المتأخرات على السعر القديم أي 1500 أو الجديد أي 15000، وهو أمر بحاجة إلى توضيح”.
بأي حال، هذه البلبلة تحتاج إلى تعاميم وقرارات تصدر عن مصرف لبنان
لحماية المقترضين من أصحاب المداخيل المتواضعة بالليرة اللبنانية، وعدم تركهم لأنياب المصارف،
خصوصًا أنّه عندما لجأ المواطن إلى الإقتراض، قَبِل بابرام العقود بالعملة الاجنبية،
وفعل ذلك بظل سياسة تسليفية بُنيت على سعر صرف مستقر وثابت عند 1515.
لمشاهدة المزيد اضغط هنا
المقترضين