التنقيب عن الغاز في المتوسط يسرّع الزلازل؟
هل من علاقة بين زيادة النشاط الزلزالي وعمليات استخراج الغاز؟ وهل من احتمال أن تعرّض عمليات التنقيب عن الغاز والنفط، لبنان لخطر الزلازل في المستقبل؟
سؤال مطروح بقوة في الأيام الماضية، ولكن الإجابة عليه، تبقى رهن الدراسات العلمية التي تناولت هذه العلاقة، وأجمعت كلها حتى اليوم إلى أن الإحتمالات محدودة ولا تتجاوز المنطقة الجغرافية القريبة من حقول الغاز، حتى أن تأثير عمليات التنقيب، لا يتجاوز تأثير تفجير الصخور أو مرور شاحنة قرب المنازل.
مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الخبيرة لوري هايتيان، تكشف أن “هذه العلاقة، كانت من أحد الأسباب التي دفعت هولندا، إلى وقف التنقيب في أية حقول نفط وغاز برية جديدة، بهدف السعي الى الحدّ من المخاطر المتعلقة بالنشاط الزلزالي”.
وتشير هايتيان لـ”ليبانون ديبايت” إلى أن هولندا أعلنت منذ نحو أسبوعين عن
وقف منح التراخيص لاستخراج الغاز على اليابسة، وكذلك قررت وقف عمليات
الإنتاج في الحقول الكبيرة، وذلك بعد سجالٍ سياسي في البلاد، علماً أنها تمتلك 175 حقلاً برياً صغيراً للغاز وبإمكانها توفير 400 مليار متر مكعب من الغاز، وهي أحد المورّدين الرئيسيين لأوروبا.
وتضيف هايتيان أن الحكومة الهولندية ستوقف اعتباراً من العام المقبل أيضاً، العمل
في حقل الغاز الأضخم فيها، على أن تسمح بمواصلة التنقيب في بحر الشمال، بحسب ما أعلنت حكومتها.
ومن ضمن هذا السياق، ومن الناحية العلمية، فإن دراسةً حديثة، أفادت
أن عملية استخراج الغاز تتمّ عبر ضخّ سوائل مضغوطة (ماء ورمل ومواد كيميائية)
في البئر المحفورة، بهدف تكسير الصخور وإنشاء ممرات صغيرة في الصخور الجوفية،
وذلك من أجل فتح الطريق للغاز أو النفط للخروج من بين الصخور، ومن شأن هذه العملية، أن تسبّب زلازل دقيقة بالكاد يمكن الإحساس بها.
فهل يعني هذا الأمر أن ما من خطورة حقيقية؟,
تكشف دراسة منشورة في مجلة Science،
أن ضخّ المياه في مناطق الصدوع الموجودة أصلاً، لم ينتج زلازل عند نقطة
الإنزلاق الأولية، ولكنه يزيد الضغط تدريجياً على أجزاء أبعد من الصدوع، ما يؤدي إلى حدوث زلازل على مسافة أبعد بكثير من بئر الغاز.
دراسة أخرى حديثة في هذا الشأن، وهي دراسة كندية نُشرت عام 2021،
أظهرت وجود أدلة على العلاقة بين استخراج الغاز وبين زيادة النشاط الزلزالي
في المناطق المحيطة. إلاّ أن مسؤول رصد الزلازل في المعهد القومي للبحوث في
مصر محمود الحديدي، كان أكد أن الزلازل لا تنتج عن أعمال الكشف والتنقيب عن الغاز
والنفط في المتوسط، وأوضح أن زلزال تركيا الأخير، هو الأقوى منذ العام 1975 حيث كانت الزلازل تتراوح ما بين 7،4 و7،7، لكن الزلزال الأخير جاء بقوة تصل إلى 7،8 على مقياس ريختر.
البحر الأبيض المتوسط بشكل عام هو منطقة تكتونية معقدة للغاية، حيث تصطدم
الصفيحة التكتونية الإفريقية، وتنخفض تحت الصفيحة الأوراسية. كذلك توجد في منطقة
شرق المتوسط، بعض الميزات الجيولوجية القليلة، التي تتفاعل مع بعضها نتيجة وجود بعض الصدوع الكبيرة.
ونتيجة لهذه الحركة ينشأ على الحدود بين الصفيحتين صدعان، كلاهما يبدأ من نقطة مشتركة
غرب بحيرة فان شرق تركيا، ثم يسلكان طرقاً منفصلة. يمتدّ صدع شمال الأناضول غرباً على طول الجزء المتبقي من شمال تركيا، وكان مسؤولاً عن بعض الزلازل الأكثر عنفاً في البلاد، أبرزها زلزال عام 1999.
بينما الصدع الآخر، وهو صدع شرق الأناضول، يتجه نحو الجنوب الشرقي من نقطة البداية المشتركة،
لينتهي في البحر الأبيض المتوسط، شمال شرق قبرص، وهو المسؤول عن الزلزال الذي ضرب
منطقة كهرمان مرعش، فجرالإثنين الماضي.
ومن هنا، من المؤكد أنه لا توجد دراسة واضحة تُظهر الآثار المترتبة على عمليات استخراج الغاز
الواسعة المتوقعة في منطقة شرق المتوسط على النشاط الزلزالي في المنطقة، لكن
الدراسات المشابهة في مناطق أخرى يمكن أن تسلّط الضوء على بعض المخاوف أو القلق،
والذي يحتاج إلى دراسات حقيقية في أسرع وقت، حتى لا تحدث زلازل قوية في المنطقة.
يشار إلى أن الدراسات العلمية المرتبطة بعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز لا تشمل
جميع المناطق، وتحدث فقط في الدول التي يتواجد فيها باحثون وعلماء يهتمون بمثل هذه المساحات العلمية، كما حصل في هولندا التي ستركّز على التنقيب في البحر.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا