هلعٌ في المؤسسات التعليمية بسبب ChatGPT … فما هو هذا البرنامج؟
لا تتوقف ثورات العالم الرقمي عن إذهال البشرية جمعاء. وآخر فصولها، روبوت تم تصميمه بواسطة الذكاء الاصطناعي للإجابة على أسئلة المستخدمين بطريقة إبداعية.
بهذا، بات عشاق التكنولوجيا على موعد دائم مع برنامج ChatGPT ،
في حال طلب منهم حلّ مسألة رياضية صعبة، تخطي المشاكل البرمجية،
وحتى في حال طلبوا نصائح حول العلاقات العاطفية، وغيرها من المجالات. ولكن أي تكمن خطورة البرنامج؟
الذكاء الإصطناعي… عاملان أساسيان
وقبل الغوص في حيثيات هذا التطبيق الذي شغل العالم في الوقت الحالي،
كان لا بدّ من إعطاء تعريف بسيط بشأن الذكاء الإصطناعي بشكل عام.
من هنا، قال المستشار في أمن وتكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمي
رولان أبي نجم إنه يمكن مقاربته مع الذكاء البشري، موضحاً أن “الطفل ومنذ ولادته،
يتمّ حشو دماغه بشتى المعلومات بشأن تعلّم اللغات،
الرياضيات المناسبة لعمره فضلاً عن الأفكار التي يتلقّاها من محيطه،
بحيث تصبح لديه Data أي بيانات مخزّنة، ومن خلال ذكائه الخاص، سيتمكّن في طور حياته من التحليل لاكتساب معلومات حديثة
وأكثر تطوّراً”.
وأضاف في حديث لـ”لبنان 24″: “الأمر سيّان بالنسبة للذكاء الإصطناعي
الذي يتكوّن من عاملين أساسيين. الأول، البيانات، والتي تقع مهمّة جديتها وصحّتها على الإنسان،
والعامل الثاني هو الخوارزميات، التي من شأنها تحليل
وجمع هذه البيانات مهما كانت قديمة العهد بهدف إعطاء أجوبة وحلّ مسائل يطرحها الإنسان في وقت سريع جداً”.
ما هو ChatGPT؟
وبالعودة إلى ChatGPT الذي طوّرته شركة “OpenAI” الأميركية، فقد ظهر للمرة الأولى في أواخر شهر تشرين الثاني الماضي،
وسرعان ما أصبح حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وحظي هذا البرنامح المتاح على أجهزة الهواتف الذكية والمتصفحات،
بقبول واسع في صفوف المستخدمين من حول العالم إذ تم تحميله أكثر من مليون مرة فقط
بعد خمسة أيام من إطلاقه، كما كشفت وسائل إعلام غربية أن ChatGPT يتبنى “لغة طبيعية” في حديثه مع المستخدمين.
من جهته، قال أبي نجم إنه “تطبيق يحتوي على معلومات ضخمة وهائلة إلا أنها تعود حصراً لسنة 2021،
مع العلم أنه ليس معروفاً كيف تمّ جمع هذه المعلومات وكيف تمّ تخزينها،
خاصة وأنه تمّ تسجيل إجابات خاطئة عدّة قدّمها هذا البرنامج للمستهلكين”.
وتابع: “يمكن لهذا البرنامج على سبيل المثال، حلّ مسائل رياضية كثيرة،
فضلاً عن حلّ مشاكل تقنية في البرمجيات، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يساهم أيضاً في القطاع الأدبي والفني”.
أمّا عن الغاية من استحداث برنامج مثل ChatGPT، فقال أبي نجم إنه تماماً مثل سائر التطبيقات والبرامج الإلكترونية،
لديه أهداف عدّة، كاشفاً أن الهدف الأساسي له هو جني الأرباح المادية.
واستطرد في هذا المجال قائلاً: “أطلق البرنامج في الفترة الأولية بشكل مجاني،
ثمّ بدأ بطلب الإشتراكات من المستخدمين،
تماماً كما حصل مع تطبيق المحادثات “واتساب” الذي عادت ” فايسبوك”
واستحوذت عليه بأكثر من 19 مليار دولار نظراً لأنه يحتوي على بيانات المستخدمين”.
وأضاف أبي نجم: “البيانات الآن باتت تعرف بـ”النفط الجديد”،
لأنه بقدر ما نملك من هذه البيانات والمعلومات، بقدر ما سنتمكّن من الاستفادة منها على مختلف الصعد”.
وأشار إلى أنه نظراً لأهمية فكرة برنامج ChatGPT،
دخلت على خطّ المنافسة شركتا “مايكروسوفت” و”غوغل” وغيرهما لأن الأفكار المتعلقة
بالذكاء الاصطناعي هي باب للوصل إلى عدد أكبر من المستخدمين وبالتالي جني المزيد من الأرباح”.
إيجابيات وسلبيات
وشدد أبي نجم على ضرورة معرفة كيفية وسبب استخدام هذا البرنامج في حياتنا اليومية ومتى يجب الإمتناع عن استخدامه، وهنا أعطى مثالاً عن أحد القضاة في كولومبيا الذي استعان ببرنامج ChatGPT ليسأله عمّا إذا كان يتعيّن على من يعاني من خلل عقلي، دفع الضرائب من عدمه، ليجيب البرنامج بما يفيد به القانون الكولومبي بأنه لا يتوجّب عليه دفع الضرائب.
وأضاف: “هذه الإجابة كانت كفيلة باتخاذ قرار قضائي، إلا أن المشكلة تكمن
بعدم معرفة القاضي أن هذه البيانات تصل فقط لعام 2021،
وبالتالي في حال تمّ تعديل القانون الكولومبي بعد العام 2021، قد يعتبر الحكم خاطئاً،
فضلاً عن أن لا دليل حسّي على أن الأجوبة التي يقدمها برنامج ChatGPT هي صحيحة بشكل تامّ”.
وهنا تحدّث أبي نجم عن إيجابيات وسلبيات هذا البرنامج، لافتاً إلى أنه يساعد في التعليم وإيصال المعلومات للتلامذة والطلاب،
كما أنه يساعد في الأبحاث العلمية وسواها من المواضيع
وسيقدم فرص عمل في مجالات الذكاء الاصطناعي والبرمجيات.
إلا أنه في الوقت نفسه، من أهمّ سلبيات هذا البرنامج بحسب أبي نجم أنه
قد يمنح معلومات خاطئة وهذا الأمر خطر على أكثر من صعيد، كما أن من شأنه أن يجعل الطلاب
أكثر خمولاً من ناحية جهودهم الدراسية، كما أن وظائف بشرية كثيرة ستختفي.
روبوت
وفي هذا الإطار، لفت أبي نجم إلى أنه مع التطور التقني والتكنولوجي،
تبدّلت الوظائف وباتت أكثر “ذكاء”، حتى استغنى عدد من المصانع عن موظفيه
بسبب حلول الماكينات مكان اليد العاملة البشرية،
كاشفاً أن من بين أكثر الوظائف المهددة بالزوال بشرياً بسبب ChatGPT،
الكتابة الإبداعية وكتابة المحتوى، والإستشارات القانونية وغيرها.
هلع في المؤسسات التعليمية
وبينما أثار برنامج الذكاء الإصطناعي ChatGPT هلعاً في مؤسسات تعليمية عدّة من حول العالم وأقيمت حملات مطالبة بإيقافه،
شدد أبي نجم على أنه في الإمارات العربية المتحدة، أوعز الشيخ محمد بن راشد
روبوت
لكل الجهات الحكومية بمتابعة كيفية الإستفادة من هذا الذكاء الاصطناعي.
من هنا، أكّد أنه “لا يمكن محاربة الذكاء الإصطناعي ولا إيقافه، إنمّا يجب التأقلم معه
وتغيير أطر التعليم بشكل يتماشى مع وجوده والإستفادة منه بهدف تطوير التعليم”.
وعن وصول واستخدام هذا البرنامج في لبنان، كشف أبي نجم “أن تقارير عدّة أكدت أن لبنان
هو البلد الخامس في العالم بعدد مستخدمي برنامج ChatGPT”
، مؤكداً أنه سيتمّ استخدامه في كل البلدان من حول العالم ولا يمكن معرفة
ما إذا كان التلميذ استخدم البرنامج أو لا، وبالتالي لا يمكن منع استخدامه بطريقة قاطعة.
وفي سياق متصل، وفي حين لم يخرج عالمنا بعد من صدمة الزلزال
الذي ضرب سوريا وتركيا مؤخراً وخلّف وراءه دماراً هائلاً في البشر والحجر،
وبينما انهمك كثر بنشر فيديوهات العرّافين الذي “توقّعوا” حدوث هكذا كارثة طبيعية،
كان لا بدّ من التساؤل عن دور الذكاء الإصطناعي في “الكشف” عن أي حادث مرتقب.
من هنا، أكّد أبي نجم قدرة الذكاء الاصطناعي على توقع حدوث الزلازل والكوارث الطبيعية إذا ما تمّ جمع البيانات اللازمة له.
وشدد أبي نجم على أن هذا النوع من الذكاء قادر على تخزين بيانات ضخمة وتحليلها، بشرط أن تكون المعلومات موثوقة وصحيحة، إلا أن الأمر قد يختلف بالنسبة للكوارث الطبيعية نظراً لأنها قد تحتاج إلى مجموعة من العوامل السابقة والحالية ودراسة كافة الظروف الجغرافية والديموغرافية وغيرها.
لمشاهدة المزيد اضغط هنا