من المسؤول عن إسقاط التمديد للواء إبراهيم؟
من يجب أن يُسأل صراحة عن نسف “التمديد” للمدير العام للأمن العام اللواء
عباس إبرهيم، هو صديقه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وبدرجة أقل رئيس مجلس النواب نبيه بري. فهل تقاطعت مصلحة الرجلين؟
الفرضية الأولى: دور التيار الوطني الحر
زار اللواء عباس إبراهيم صديقه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
سمع الأول من الثاني أنه في صدد السير في جلسة تشريعية لغرض التمديد
له لكنه إشترط إيجاد مخرجاً تشريعياً يعفيه من المسؤولية أمام جماعته. جرى تأمين المخرج من خلال إدراج مشروع قانون الكابيتال كونترول ومواضيع مختلفة كإقرار تمويل الصندوق الكويتي للتنمية
العربية مشروعاً يتعلق بمياه الصرف الصحي والطرقات في البترون. بالتوازي، نقل إبراهيم هذه الاجواء إلى حركة أمل وحزب الله عبر “الخليلين”. تواصل الحزب مع باسيل وسمع منه “جهوزية”
في موضوع الجلسة التشريعية قبل أن يعود وينقلب على كل ما سبق ان وعد به.
عملياً، لم يكن السبب فقط “عظة الاحد” الاخيرة وسيفها الذي سلطه البطريرك
الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الجلسة التشريعية رافضاً تغطيتها
خلال فترة سريان الشغور الرئاسي، إنما موقف القوات اللبنانية الرافضة لفكرة الجلسة
من الاساس. إذاً كان لا بد لباسيل من المزايدة مسيحياً ولو على حساب صديقه عباس
إبراهيم الذي سبق له أن أحرقه لدى عين التينة ثم عاد وأحرقه مرّة جديدة على طريق مصالحه.
إسقاط التمديد للواء
الفرضية الثانية: دور حركة أمل
في الأساس، ما يعلمه الجميع أن الرئيس نبيه بري لم يكن ولن يكون راضياً عن
فكرة التمديد للواء عباس إبراهيم بالمطلق. لو أراد لكان مرّره خلال الجلسة التي
سبقت الشغور الرئاسي بإقتراح النواب الاشتراكيين. ليست المسألة شخصية وإنما سياسية.
رغم زياراته المتتالية، استمر إبراهيم في رفع الاسوار مع عين التينة، تارة حين أخذ يعتبر
نفسه أحد بوابات الجنوب، فكللها بإستقبال جبران باسيل حيث دشّنَ من دارته جولته الجنوبية
عام 2018، وتارة أخرى حين مضى يعزز علاقته مع باسيل على
حساب الآخرين بينما كان جبران يتخذها عنواناً “للتزريك” لعين التينة حتى سرت مقولة “باسيل في بعبدا و إبراهيم في عين التينة”، وما بينهما
تكرار إبراهيم المستمر لطموحه السياسي، الوزاري وفي مرحلة لاحقة النيابي،
من خلال طرح نفسه مرشحاً مقبولاً من حزب الله.
أكثر من ذلك، هناك من يعتقد أن إبراهيم، وحين تسللت إليه معلومات حول
عدم قناعة عين التينة سواء في تأجيل تسريحه أو التمديد له تعامل بإستعلاء شديد.
فعلى هامش مشاركته في لقاء بمستشفى المقاصد في بيروت الشهر الماضي قال:
” بعد شهرين يتوجب علي التقاعد وحتى الآن لم يصدر أي قرار بالتمديد ولكن لا نعلم
ما يمكن أن يحدث خلال شهرين وحتى لو تقاعدت انا مستمر بمهامي الوطنية”.
تلك العبارة كان لها وقع سيئ للغاية في عين التينة، وكأنها فهمت في منزل
تحدي المرجعيات الشيعية او الاستقواء على احد طرفيها بإستعانة من الطرف الآخر، والاستقواء عبر محاولة فرض النفس بالقوة.
إسقاط التمديد للواء
لعنة الطعن
يمكن أخذ الامور التقنية بمثابة مسؤولة في دورها عن عرقلة التمديد لابراهيم. الرئيس نبيه بري وعلى الرغم من عدم تشجعه للتمديد كفكرة لكنه سار به مسايرة لحزب الله. بقيت المشكلة تكمن في المادة القابلة للاستخدام لتمرير القرار التشريعي. لا يخفي مطلعون أن “الصيغة” (الصيغ) في مجملها إفتقدت إلى الحبكة. بدا جبران باسيل اكثر رغبة إلى تمرير المدراء العامون المحسوبين عليه من المدنيين قبل العسكريين مستفيداً من شكل الاقتراحات المفتوحة، ولم يكن صعباً الالتفات إلى أن مجموعة منهم ممن احيلوا إلى التقاعد مؤخراً قد يستفيدون بمفعول رجعي من اي قرار محتمل.
في مقابل ذلك، ظهر المكون السني طواقاً إلى تأمين تمديد للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان رغم بقاء عام ونصف العام في رصيده. كان التجييش الطائفي غالباً على المشهد. لذا لم يكن ممكناً إمرار القانون وفق صيغة إرضاء الجميع لصعوبة تأمين المراضاة اصلاً، فكان أن جاء أحدهم بفلسفة قوامها قانون يتعلق بتأجيل تسريح إبراهيم وعثمان وضابط مسيحي آخر، وفق صيغة القانون الخاص، ما عرضه لاحتمال الطعن من قبل مجموعة من النواب أمام المجلس الدستوري، لعدم جواز إقتصار أي قانون مشابه على شخصيات محددة بل يجدر أن يكون قانوناً عاماً، بعد ان كان اصلاً نواباً مسيحيون قد هددوا سلفاً بأنهم في صدد الطعن بأي قانون مماثل.
عملياً، هناك من كان يعتقد أن رئاسة المجلس، “المزروكة” في الوقت والطلبات بموضوع اللواء إبراهيم، كانت تطمح لتمرير جلسة تشريعية لانجاز المشروع. تتأتى النية من وراء قذف الموعد اسبوعاً إلى الامام في محاولة ما قبل نهائية لتأمين التوافق عليه وحشد ميثاقية مسيحية ضمن حدود معينة.
تريد عين التينة القول لجميع المستفيدين من اي تمديد مشابه انها تفعل ما في وسعها وما يتوجب عليها وتلبي إلتزاماتها ضمن نطاق إمكانياتها في هذا الملف لكنها لا تضمن الصيغة المستخدمة أو النتائج المستقبلية لها. فإذا كان مرورها محتملاً في مجلس النواب لن يكون كمثله لدى المجلس الدستوري، مع الاشارة إلى أنها نصحت بضرورة اعتماد صيغة شمولية أكثر مرونة لتأمين المزيد من عناصر القانون.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا