الدولار “يرتفع” هستيريا.. هل يقرّب موعد الحلول المؤجلة؟
تزدحم “الروزنامة السياسية” بالأحداث والمواعيد هذه الأيام، التي خرقتها “العودة المؤقتة”
لرئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري التي تصدّرت الاهتمامات، ولو أبقاها تحت سقف
“تعليق نشاطه السياسي”، مع ما حملته من لقاءات “معبّرة” في أكثر من جانب، ولا سيما ذلك الذي جمعه مع وفد “القوات اللبنانية” والذي وُصِف بـ”الودّي”، فضلاً عن زيارته إلى عين التينة، حيث استبقاه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى مائدة الغداء.
وإلى جانب زيارة الحريري، انشغل الرأي العام بـ”جولة السفراء” التي جاءت لتكسر الجمود
على خطّ ملف الاستحقاق الرئاسي، وذلك استكمالاً للقاء باريس الشهير، الذي بقي بلا بيان
ختامي، ما فتح باب “التكهّنات” على مصراعيه، كما بقيت الجلسة التشريعية التي لم تُعقَد
محور أخذ وردّ، في ضوء ما قيل إنّها “محاولات” لتليين موقف بعض القوى، ولا سيما “التيار الوطني الحر”، بما يتيح التئامها في القادم من الأيام، وتحديدًا الأسبوع المقبل.
لكنّ كلّ هذه الأحداث والاستحقاقات، على أهميتها، بدت “تفصيلاً” لا يقدّم ولا يؤخّر الكثير،
أمام الصعود “الجنونيّ” الذي شهده الدولار في الساعات الماضية، حيث سجّل سعر الصرف
المزيد من الأرقام “القياسية” في رحلة “تحليقه”، بعدما تجاوز عتبة الـ75 ألفًا، مقتربًا من
تسجيل أول مئوية له، في موعدٍ قد لا يكون بعيدًا، إذا ما استمرّ بالارتفاع في الوتيرة
نفسها التي شهدها أخيرًا، حيث ارتفع نحو عشرة آلاف في غضون أيام فقط.
ارتفاع “طبيعي”؟!
أربك “الصعود الجنوني” للدولار الساحة على مختلف المستويات، لتستنفر كلّ القطاعات
من دون استثناء في محاولة لمواكبته واللحاق به، فسُجّلت “الفوضى” في كلّ مكان،
من محطات المحروقات، التي قرّر بعضها مخالفة القوانين والتسعير بالدولار،
أو رفع الخراطيم على جري العادة، إلى المخابز والأفران، مرورًا بالسوبرماركت،
التي كان أرجئ العمل بخطّة “دولرة الأسعار” فيها، فكان البديل رفعًا تلقائيًا للأسعار فيها.
لكنّ هذا “الإرباك” لا يعكسه الخبراء الاقتصاديون الذي يضعون الارتفاع الحاصل،
على خطورته، في سياق “طبيعي”، حيث يشيرون إلى أنّ ما سُجّل في الساعات الماضية لم
يكن “استثنائيًا” أو “غير مسبوق”، بل إنّ معدّل الارتفاع لا يزال نفسه منذ بداية الأزمة،
لكنّ الفارق أنّ الناس بدأت تشعر به أكثر، من منطلق “نسبي”، فبضع مئات من الليرات
على سعر صرف 1600 ليرة، لا بدّ أن يتضاعف مع تضاعف سعر الصرف مرّات ومرّات.
أما أسباب الارتفاع، فلا تزال على حالها أيضًا منذ بدء الأزمة، وهي ترتبط بالكثير من العوامل،
من بينها الطلب المتزايد على العملة الأجنبية، مع تآكل تلك الوطنية التي أصبحت برأي كثيرين “بلا قيمة”،
وما يحصل بالتالي في سوق العرض والطلب، فضلاً عن استمرار التهريب،
وغير ذلك من العوامل الاقتصادية، التي قد يكون إضراب المصارف لعب دورًا على خطها،
من دون نسيان حالة “عدم الاستقرار” على المستوى السياسي، في غياب أيّ مؤشرات لانفراجة قريبة.
“الانتفاضة المؤجّلة”
ولعلّ ما بدا مُستغرَبًا للكثيرين، ربما أكثر من التحليق “الجنوني” لسعر الصرف
الذي بات يتكرّر بين الفينة والأخرى، فيكمن في أنّ الناس باتت تتعامل مع هذا
الوضع بلا مبالاة، بدليل أنّ الدعوات “المحدودة” للنزول إلى الشوارع احتجاجًا
والتي بقيت “محصورة” كالعادة في مناطق محدّدة، لم تلقَ أيّ تجاوب، في حين
لم يتردّد البعض في اللجوء إلى إطلاق النكات، كما يحصل مع كلّ ارتفاع للدولار، ربما على طريقة “المضحك المبكي”.
امزيد من المعلومات اضغط هنا