هل يشعل الأقصى حرباً شاملة في المنطقة؟

يوم الخميس الماضي وبعد ساعات قليلة من إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة للمرّة الأولى بهذه الكمية منذ حرب 2006، كان رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين يتحدّث في احتفال تأبيني في مجمّع المجتبى في ضاحية بيروت الجنوبية قائلاً: “إذا كان الصهاينة يعتقدون أنّ بإمكانهم أن يدنّسوا المسجد الأقصى فعليهم أن يعرفوا أنّ السعي إلى تحقيق أهدافهم باستهداف المقدّسات أو استهداف المسجد الأقصى لهدمه أو إحراقه أو النيل من كلّ مقدّساتنا سوف يلهب المنطقة بأكملها”.


كان موقف صفي الدين منسجماً مع الرؤية التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله قبل حوالي شهرين خلال لقاء خاص مع عدد كبير من المفكّرين والإعلاميين العرب بدعوة من الرابطة الدولية للكتّاب والمحلّلين السياسيين عندما أكّد أنّ محور الممانعة يستعدّ للحرب الشاملة في مواجهة الكيان الصهيوني

الحزب لم يتبنَ ولم يدين

صحيح أنّ الحزب لم يتبنَّ إطلاق الصواريخ، لكنّه لم يصدر أيّ موقف إدانة له، كما أنه قبل ثلاثة أسابيع لم يتبنَّ عملية مجدو داخل الكيان الصهيوني، لكنّ الأمين العام للحزب حرص على إبقاء الغموض حول العملية، مؤكّداً في موقف له أنّ هذه العملية تدلّ على قدرات المقاومة المتنامية في مواجهة العدوّ الإسرائيلي.


لم يعد خافياً على أحد في لبنان والمنطقة وعلى الصعيد الدولي أنّ قوى محور الممانعة التي تضمّ الحزب وحركة الجهاد وحركة حماس وفيلق القدس ومجموعات أخرى من فلسطين والعراق وسوريا واليمن وصولاً إلى أفغانستان وباكستان أصبحت تعمل ضمن غرفة عمليات موحّدة، وخصوصاً بعد التطوّرات التي شهدتها الدول العربية في السنوات العشر الأخيرة، وأنّ التنسيق والتعاون بين هذه القوى قد تطوّرا كثيراً والعلاقات بين مجموعاتها شهدت مرحلة متقدّمة من التعاون في كلّ المجالات، والخطوط بين عناصره مفتوحة على أعلى المستويات.


الميليشيات تتجمّع

أعطى العديد من التطوّرات في الأشهر الماضية زخماً لقوى محور الممانعة ودورها في كلّ المنطقة. ومن بين هذه التطوّرات عودة حركة حماس إلى دمشق وتطوُّر العلاقات بين الحزب والجماعة الإسلامية في لبنان، وإعادة التواصل بين جهات إيرانية ومسؤولين في حركات الإخوان المسلمين، وإعادة تفعيل العلاقات بين الأحزاب العربية والمؤتمرات العربية الواسعة تحت عنوان أساسي هو العودة إلى اعتبار القضية الفلسطينية هي القضية المركزية ووقف الصراعات في المنطقة، والاتفاق السعودي – الإيراني برعاية صينية، والخطوات العملية لوقف الحرب في اليمن وتخفيف السجالات بين قوى محور الممانعة والدول العربية، ولا سيما دول الخليج، وتراجع الصراعات المذهبية.

في مقابل التنسيق والتعاون بين قوى محور الممانعة، كان الكيان الصهيوني يشهد تشكيل الحكومة الأكثر تطرّفاً ويمينيّةً منذ تأسيس الكيان، وتصعيد المواجهات بين الشعب الفلسطيني والعدوّ الصهيوني، إضافة إلى تصريحات مسؤولي العدوّ بعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني، وتنفيذ حرب عنصرية وتدميرية ضدّ الشعب الفلسطيني، والسماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى بدعم ورعاية من الشرطة والجيش الإسرائيليَّين وممارسة التنكيل والعنف بحقّ المصلّين والمعتكفين في المسجد.


إذاً نحن أمام معركة مكشوفة ومفتوحة بين قوى محور الممانعة وبين العدو الإسرائيلي، واختفت كلّ الشعارات التي كانت تُرفع في السنوات الماضية بأنّ إيران هي العدوّ الأساسي. وفي ضوء ذلك تشير كلّ المعلومات والمعطيات إلى أنّ تصعيد العمليات سيستمرّ في المرحلة المقبلة في الداخل الفلسطيني ومن الخارج، وفي حال استمرّ العدوّ الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى فإنّ كلّ الاحتمالات واردة والحرب الشاملة هي أحد الخيارات الموضوعة على طاولة القرار لدى المحور المذكور.

اساس ميديا

Exit mobile version