خطر يُهدد طبيعة لبنان.. ملف المقالع والكسارات يعود إلى الواجهة
في زيارته الأخيرة إلى المجلس الوطنيّ للجيوفيزياء في بحنس أشار وزير البيئة ناصر ياسين إلى ان ما سجّلته أجهزة رصد المركز من إشاراتٍ غير منطقيّة عبر السّنوات، وبعد تحليلها أظهر تمركز هذه الإشارات وتوقيتها بعمل المقالع المخالفة التي تستبيحُ الجبال عبر تفجيرها.
وقال ياسين: “قمنا بعشرات الدَّعاوى ضدّ أصحاب المقالع المخالفة وطلبنا إقفالها بالشّمع الأحمر، وسنُرسل هذه المعلومات العلميّة لهيئة القضايا لضمّها إلى ملفّات الدّعاوى، ومع وزارة الداخليّة لتنفيذ قرارات الإقفال”.
كلام ياسين أعاد إلى الواجهة ملف المقالع والكسارات التي شوّهت طبيعة لبنان وخسرت خزينة الدولة تعويضات يجب أن تُدفع ورسوماً تُقدر بمليارات الدولارات.
وفي هذا الإطار، أشارت الناشطة البيئية ورئيسة جمعية “غايا” غادة حيدر في حديث لـ “لبنان 24” إلى انه “مهما حاول المُشترع أو السلطة وضع ضوابط لعمل المقالع والكسارات والمرامل سيبقى الأثر السلبي لعمل هذه المؤسسات طاغياً فكيف إذا كنا في بلد تراجع فيه حضور الدولة وأجهزتها الى أضعف مستوياته ويعاني من غياب الرقابة والمحاسبة؟” .
وتابعت: “التأثير السلبي لاستثمار المقالع والكسارات والمرامل على البيئة بشكل عام وعلى مصادر المياه بشكل خاص، لا يختلف عليه اثنان، لا سيما عندما تكون مخصصة لتوفير المادة الأولية لصناعة الترابة والتي يمكن أن تستمر لمدة طويلة تناهز القرن؛ كما انه يشكّل اعتداء على توازنات الطبيعة والبيئة عندما يكون عشوائياً ويغلب عليه طابع الاعتداء بإستعمال المتفجرات ونهب الموارد بالمبالغة في الحفر وتجويف الجبال والتلال والصخور الكلسية الصديقة للمياه، وقضم رؤوسها وقممها من دون وعي وإدراك للأضرار التي تنتج عن هذا الاستثمار.”
وأضافت حيدر: “من هنا كان تنظيم استثمار المقالع والكسارات والمخططات التوجيهية بموجب نصوص قانونية تبدأ بتصنيف المناطق بغاية حماية الغابات والاشجار والجبال ومصادر المياه السطحية والجوفية، ولهذا الغرض تم إنشاء مجلس وطني للمقالع والكسارات ضمن إطار وزارة البيئة ويرأسه الوزير وتتمثل فيه مختلف الوزارات المعنية بنتائج هذا الاستثمار: الطاقة والمياه، الزراعة، التنظيم المدني، الآثار والمالية ويتولى مهمة اصدار وضع الضوابط والموافقة على إعطاء تراخيص استثمار، شرط إعادة تأهيل المواقع وتحليلها وزراعتها، ومتابعة الالتزام بإعادة التأهيل”.
وسألت حيدر: “لكن إلى أي حد يلتزم أصحاب الرخص بشروط الترخيص؟”، مؤكدة ان “هناك العديد من هذه الشركات تخالف نص الترخيص لجهة إعادة التجليل أو التشجير أو التتريب وليس هناك من يراقب ويحاسب”، كما قالت.
أما بالنسبة لنوعية الأضرار التي يمكن أن تلحق بالبيئة والطبيعة والغابات ومصادر المياه، فتعددها حيدر كالتالي: “تلويث الهواء بالغبار والضجيج، انتهاك قواعد الطبيعة وآلياتها في إعادة التوازن كما هو الحال بالنسبة لرؤوس الجبال والقمم التي تلعب دوراً في الاستمطار عند اصطدام الغيوم المتكاثفة بها، أو في إحداث انكسارات وتفسخات في الطبقات الجوفية نتيجة التفجير وتغيير مسار مجاري المياه والمسارب التي تغذي الأحواض الجوفية للمياه والينابيع، أضف إلى ذلك القضاء على الغابات والاشجار المعمرة، وتلويث مصادر المياه والأنهار وضفافها”.
وتابعت: “يجب ألا ننسى الأضرار التي تنتج عن جرف طبقات الرمل التي تحفظ جذور أشجار الصنوبر وغيرها، وتلعب دور الاسفنجة التي تمتص وتحتفظ بكميات كافية من مياه الامطار وتسمح بامتصاصها وتسربها مع الوقت لتغذية جذور الاشجار والمصادر الجوفية للمياه”.
وذكّرت حيدر بدور المجلس الوطني للمقالع والكسارات في تأمين التوازن بين الحاجة للبحص والرمل لحاجات البناء والمشاريع الانشائية، الذي ينتج عن الاستثمار ضمن الحدود المعقولة التي تحفظ الطبيعة والبيئة ومصادر المياه وتحول دون نضوبها وتلوثها وغيرها من الاضرار التي يمكن ان تلحق بها، على أن تقترح البدائل المتاحة مثل توفير الرمال والترابة من مصادر خارجية.
أما عن الزلازل، فلفتت إلى إمكانية أن ينتج عنها فجوات هائلة يمكن ان تخلق او تغير احجام الانهار والبحار.
وشددت حيدر على ان وزير البيئة هو المسؤول الأول عن متابعة هذه الملفات ولكن هذا لا يعفي البلديات من المسؤولية ولا القضاء في حال تكوّن لديه أي ملف أو شكوى”.
وفي الختام لا بد من الإشارة إلى ان مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش قامت في كانون الأول 2021 بمسح مواقع المقالع والكسارات في لبنان وسلّمت الخرائط والنتائج إلى وزير البيئة، وبدأت حينها دراسة كيفية احتساب مستحقّات قطاع الكسارات لخزينة الدولة، لا سيما كيفية تحديد كلفة الهدر البيئي وسط تقديرات بوصولها إلى 7 مليارات دولار.
لبنان 24
لمشاهدة المزيد اضغط هنا