المشطاح أساس موائد الإفطار والسحور في رمضان

المشطاح أساس موائد الإفطار والسحور في رمضان

جاء في “نداء الوطن”: لم تلغ الأزمة المعيشية الخانقة المُشطاح، يحضر خجولاً على موائد إفطار وسحور الصائمين في رمضان، بعدما كان يتربّع ملكاً بين أصناف الخبز المتنوّعة الأشكال، ارتفعت أسعارها واصبحت تقتصر على نوع واحد وربما تغيب قسراً عن عائلات كثيرة بسبب الفقر والفاقة.

ويعتبر المشطاح خبز رمضان المفضّل لدى الصائمين وهو عبارة عن عجينة محلاّة طحين إكسترا، سكر، حليب، يانسون وشمّر، يُخبز في الأفران فجر كلّ يوم، وترشّ فوقه حبّة البركة السوداء والسمسم الأصفر، ليعطيه شكلاً جميلاً ونكهة خاصة لذيذة.
وإعداد المشطاح ومعه الكعك بالتمر، يكاد يكون ماركة مسجّلة باسم عائلة كعيكاتي، التي تملك ثلاثة أفران في صيدا القديمة، يديرها الشقيقان حسن ومحمد اللذان ورثا المهنة عن والدهما أحمد، وقد امتدّت إلى الحفيد خالد الذي يشرف اليوم على أحدها في حيّ الكنان.

ويروي خالد كعيكاتي (30 عاماً) أنّه رافق جدّه أحمد منذ نعومة أظافره في طفولته، قائلاً لـ»نداء الوطن»: «كان عمري 7 سنوات حين نزلت إلى فرن جدّي لأساعده، تعلّمت منه إعداد المشطاح والكعك بالتمر وواصلت العمل مع والدي حسن، إلى أن أصبحت أشرف على إدارة الفرن من دون إدخال أي تعديلات على طريقة صناعته التقليدية».

لا ينفي خالد أنّ الاقبال على شراء المشطاح تراجع مع تفاقم الأزمة المعيشية، فـ»بعض الناس ما زالوا يشترونه لأنّهم اعتادوا على تناوله في شهر رمضان المبارك، فهو محلّى ويساعدهم على تحمّل الجوع»، مشيراً إلى «أنّنا اشتغلنا قبل الأزمة في صناعة الحلويات الشامية، والبرازق وجوز الهند، ولكنّنا توقّفنا بسبب الغلاء، كلّ المكوّنات باتت بالدولار الأميركي والناس لا قدرة لها على شراء الحلويات، باتت من الكماليات وفي آخر سلم الأولويات».

تختلف أشكال المشطاح منها الدائري والمستطيل الأكثر اقبالاً، وتستغرق صناعته نحو ساعتين بين الرقّ والعجن والخبز، وتباع القطعة الواحدة منه بـ 60 ألفاً بالجملة وبـ 90 ألفاً بالمفرّق في المحال وعلى العربات الجوالة أو البسطات في الأسواق والحارات الشعبية.

ويقول خالد: «إنّ العمل شاق لأنّه يبدأ فجر كلّ يوم، ونسلّم الباعة المشطاح وكعك التمر في الصباح، لينطلقوا في بيعه وغالبيتهم على عربات جوّالة، نسلّمهم بالجملة ويبيعونه بالمفرّق سعياً وراء قوت يومهم، فهذه المهنة لا تموت، قد تتراجع مع استفحال الأزمات وضائقة العيش، ولكنها أصبحت كنوع من التراث نحرص على الحفاظ عليه أكثر من كونها مهنة نعتاش منها».

على إحدى العربات الجوّالة في شارع الشاكرية، يقف إبراهيم منعم وهو ينادي على المشطاح وكعك التمر، يرشّ فوق بعضها جوز الهند الابيض المبروش كي يجذب زبائنه، يقول لـ»نداء الوطن»: «البيع تراجع ولكنّه في شهر رمضان عاد لينتعش قليلاً، الناس تفضّله عن باقي الخبز وتأكله مع اللبنة والجبنة لأنّه يقاوم الجوع خلال ساعات الصوم»، معتبراً أنّ ««رمضان شهر الخير ويعوّض علينا الركود الذي نعاني منه طوال أيام العام».

في صيدا القديمة لم تصمد أفران إعداد الخبز البيتي السبعة بخلاف المشطاح والكعك، أقفل الواحد تلو الآخر مع استفحال الأزمة الاقتصادية، وهي: الساحة، العربي، الأسمر، المعني، أطرق (ابو نخلة)، والسبع بنات، ولم يصمد منها سوى فرن واحد: محجوب، ليبقى شاهداً على الذكريات الجميلة.

Exit mobile version