خبير إقتصادي: لا حلول في الأفق… ونحن في دوامة التضخم والإنهيار!
بعد الزيادة التي أقرها مجلس الوزراء للقطاع العام بغية تحسين أوضاعهم وتحفيذهم على العودة إلى العمل، فينتظم المرفق العام ويعود إلى العمل المنتج, ويتخوف المراقبون من هذه الزيادات غير المرفقة بخطوات عملية تزيد من واردات الدولة بشكل يسمح بتغطية كلفة هذه الزيادات والتي ستؤدي إلى المزيد من الإنهيار للعملة الوطنية. والسؤال هو هل تعمل الدولة اليوم على البحث عن مصادر جديدة لوارداتها تساعدها على تغطية نفقاتها وما هي الحلول المتاحة؟
في هذا السياق يشير المحلل الإقتصادي أنطوان فرح إلى أن “أوضاع موظفي القطاع العام كانت مأساوية قبل أن يتم رفع الأجور في جلسة مجلس الوزراء بالأمس، وبالتالي كان القطاع العام شبه مشلول، ولا بد من تصحيح أجوره وإعطاءه زيادات تسمح للموضفين بممارسة نشاطهم والعودة إلى العمل. ونحن في لبنان دولة مركزية القطاع الخاص فيها مرتبط بالقطاع العام لهذا كان الإقتصاد الوطني بكامله سيتضرر ولن نتمكّن من الإستمرار من دون عودة القطاع العام إلى العمل بعد تصحيح أجوره”.
وتابع, “بالمقابل سنقع بالمشكلة عينها فحين نزيد من الإنفاق سنقع في عجز إضافي في الموازنة في حال لم نؤمن الواردات ومن الواضح من المبالغ التي أقرت للرواتب أن حجم المبالغ بالليرة اللبنانية سيكون كبيراً جداً ويصعب القول أن هذه الأموال سيتم تدبيرها من خلال زيادة واردات الدولة”.
وأوضح فرح في حديث لـ “ليبانون ديبايت”, أن “هناك طرق عدة لزيادة واردات الدولة ولكن فيها مخاطر بسبب الوضع الإستثنائي الذي تعيشه البلاد”.
ورأى أن “الطريقة الأولى تكمن في زيادة الضرائب والرسوم وإبتكار رسوم جديدة ولكن المشكلة هي التهرّب الضريبي والتهريب، وهذا يعني أننا عندما نزيد الضرائب سيزداد التهريب والتهرب الضريبي وسيؤدي إلى أن فئة من اللبنانيين ستدفع الثمن وفئة أخرى لن تشارك، كذلك سينمو الإقتصاد الرديف أكثر فأكثر وبالتالي هذه الطريقة لن تكون نافعة على القدر المطلوب كي نؤمّن الإنفاق على الزيادات لموظفي القطاع العام وحتى لو تمّت جباية هذه الزيادات كما يجب لن تؤمن المبالغ المطلوبة، وبناءاً عليه لا بد من التّوجه إلى أساليب أخرى.”
كتكبير الكتلة النقدية بالليرة وهذا يعني زيادة الضغط على الليرة وإرتفاع إضافي في سعر صرف الدولار، وإذا كان إرتفاع سعر الصرف سيؤدي إلى تدخل مصرف لبنان للجمه عبر منصة صيرفة فهذا يعني أننا سنزيد خسائر المصرف وسنسرّع في إستنفاد ما تبقى من إحتياطي إلزامي علماً أنه لا يجوز المس به أو صرفه، وحالياً أصبح في حدود الـ 9.3 مليار دولار علماً أنه يجب أن يكون 13 مليار على نسبة الـ 14% إحتياطي إلزامي وهذا الموضوع سيؤدي إلى مشكلة كبيرة.
والطريقة الأخرى هي أن يقوم مصرف لبنان بسحب سيولة من السوق وبالتالي دفع ثمنها بالدولار عن طريق ضخّها من الإحتياطي وسنقع بالخسارة نفسها. والخلاصة هي أنه في الحالات الثلاث سيكون لدينا فجوة.
وأكد أن “الحل المثالي لهذا الموضوع هو معالجة التهرّب الضريبي والتهريب وخلق إيرادات جديدة بحيث تكون هناك عدالة إجتماعية يشارك فيها المجتمع بأكمله بتحسين الواردات كي ندفع إنفاق الدولة وجزء منه رواتب موظفي القطاع العام”.
والخلاصة في رأيه، “أننا غير قريبين من منع مسألة التهريب أو معالجة التهرب الضريبي والفوضى، وأعتقد أننا مقبلون على مرحلة جديدة من التضخم الإضافي أو من نفاذ الإحتياطي، فالمشكلة تكبر أكثر فأكثر ونحن أمام مرحلة تصبح فيها العودة إلى ما كنا عليه سابقاً أوالبحث عن الحل أصعب ومكلف اكثر” .
وختم فرح, بالقول: “أعود وأكرر كل ما نراه اليوم هو نتائج وليست أسباب، والسبب الحقيقي هو الأزمة المالية الإقتصادية والإنهيار والإفلاس الذي نعاني منه، وإذا لم نعمل على معالجة هذه الأزمة عبثاً نحاول من خلال الحلول الترقيعية للخروج من هذه الأزمة”.