الحلّ بيد وزيرين…!
لم يتمّ الإعلان حتى الساعة عن الكلفة الإجمالية التي سيرتّبها قرار الحكومة الأخير بزيادة الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام، وإن كانت هذه الزيادة التي بلغت نحو 75 مليون دولاراً في الشهر، لم تنجح في إقناع موظفي الإدارة العامة بالعودة عن إضرابهم. ومن شأن خطوة الزيادة الأخيرة أن تكرِّر تجارب سابقة من حيث انعدام التأثير المباشر على العمل في الإدارت وزيادة إيرادات الخزينة. كما أن الدولار الذي يستقر حالياً عند حدود 98 ألف ليرة، سيعود مجدداً إلى الإرتفاع، ولكن من دون أية سقوف أو ضوابط باستثناء التدخل وضخّ الدولار من مصرف لبنان المركزي، وهي مهمة غير سهلة في المرحلة المقبلة.
ويبقى التحدي أمام حكومة تصريف الأعمال، في كيفية زيادة إيرادات الخزينة العامة من أجل تمويل هذه الزيادات، وإن كانت الشكوك تتعاظم حول فاعلية تأمين الإيرادات عبر رفع الدولار الجمركي، والذي بدأ التجار يستعدون له عبر موجةٍ جديدة من رفع الأسعار بشكلٍ إستباقي، ما يهدد بإفراغ قرار الزيادة على الرواتب من مضمونها، وبالتالي، البقاء في دائرة مفرغة من الزيادات والغلاء، كما أكد المحلِّل والكاتب الإقتصادي ميشال قزح، الذي توقّع أن يراوح الوضع المالي والإقتصادي مكانه، وذلك لجهة زيادة الرواتب مقابل زيادة الضرائب، توازياً مع عودة التقلّبات في سعر الصرف.
ومن هنا، فقد أشار المحلّل الإقتصادي قزح لـ”ليبانون ديبايت”، إلى أن واقع الإستقرار في سعر صرف الدولار الذي تشهده الأسواق منذ أسابيع لن يدوم، وبالتالي، ستعود حركة الطلب على الدولار، مقابل تراجع الطلب على الليرة، واقتصار الطلب عليها فقط في عملية تسديد الضرائب والرسوم كضريبة الدخل والضرائب غير المباشرة، وكذلك في محطات الوقود.
وبالتالي، رأى المحلّل قزح، أن “الدولرة” قد باتت شبه كاملة في الإقتصاد اللبناني اليوم، بعد قرارات “دولرة” المطاعم والسوبرماركت والفنادق، وقريباً قطاع المحروقات، بالتوازي مع دولرة” للرواتب في القطاع الخاص.
وعن المراوحة التي يشهدها سعر الدولار، فقد أعادها قزح، إلى الدعم المتواصل من مصرف لبنان المركزي لليرة، موضحاً أن سعر الدولار غير حقيقي.
وأمّا بالنسبة لتأثير قرار زيادة الأجور لموظفي القطاع العام الذي يدخل حيّز التنفيذ في أيار المقبل، فقد ربط قزح نتائج الزيادة بالقرار الذي سيتّخذه المركزي، لجهة تمديد العمل بالتعميم 161، أو لجهة مواصلة دفع رواتب الموظفين بالدولار أو بالليرة، علماً أن دفع الرواتب بالدولار النقدي، يعني المزيد من الهدر للإحتياطي من العملات الأجنبية لدى المركزي، الذي بات 9 مليارات دولار.
في المقابل، فإن رفع سعر الدولار الجمركي، لن يحقِّق الغاية المرجوّة منه، وفق المحلّل قزح، ذلك أن رفع السعر يجب أن يترافق مع إصلاحات عدة، أبرزها تأهيل “السكانر” من أجل تفعيل الرقابة ومكافحة التهريب والرشوة، وضبط التهريب على الحدود، إذ من دون هذه الإصلاحات، ستبقى إيرادات الخزينة على حالها، وبالتالي، فإن رفع الأجور من دون زيادة الإيرادات، ستُفقد هذه الزيادة قيمتها، وسيعود سعر الدولار إلى الإرتفاع ليتجاوز عتبة ال150 ألفا،ً وفق توقعات المعنيين بالملف المالي.
أمّا عن الحلول المطلوبة، فقد وجد قزح أنها “معروفة وواضحة، ومن الممكن اختصارها بتنسيق وزيري الإقتصاد والعمل، أولاً من خلال قرار لوزير الإقتصاد بفرض ضريبة 10 بالمئة على السلع المُنتجة محلياً، ومكافحة التلاعب في الفواتير، وزيادة الرسوم الجمركية على الكماليات، خصوصاً وأن الرسم الجمركي على السيارات يتم احتسابه وفق سعر 15 ألف ليرة للدولار، بينما دولار الجمارك على السلع الغذائية هو 60 ألف ليرة. وأضاف أنه على وزير العمل أن يزيد الرسوم على العمالة الأجنبية، مؤكداً أن “الحلول هي في يد وزيري العمل والإقتصاد”.
ليبانون ديبايت