الفساد يهدِّد قطاع الصحة بالإنهيار… والوزير هو المسؤول!
كشف رئيس حملة “الصحة حقّ وكرامة” النائب السابق إسماعيل سكرية، في عدة مناسبات، عن محسوبيات في القطاع الصحي، وعن الحجم الكبير للهدر والفساد فيه، حتى أنه تخطى الـ 50% من وزارة الصحة.
وعن هذه “المحسوبيات”، يوضح سكرية في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أنها تشمل “مستوصفات تعمل تحت ستار حزبي معروفة الإنتماء، وموجودة في بيروت وطرابلس، وتستفيد من تقديمات وزارة الصحة، وبعض مراكز الرعاية جرى تسليمها لجمعيات هي واجهة لقوى سياسية وحزبية معروفة، بينما الوزارة تتهرّب من دورها المباشر، وغير قادرة على دفع رواتب الموظفين”.
ورداً على سؤال، حول ما إذا كانت هذه الجمعيات ما زالت تحقِّق الأرباح على حساب الوزارة، يؤكد سكرية أنها “تتهرّب من الرسوم والضرائب، وبالتالي، وجود شبهة فساد بالموضوع، وهذا ليس بجديد”، مشيراً إلى أنه أنجز كتابين ضمّنهما هذه التفاصيل والفضائح، وهما في قصر العدل لغاية الآن.
وعن أدوية السرطان، وما أحاط بها من أخبار عن محسوبيات في التوزيع لجهات حزبية؟ يُذكِّر الدكتور سكرية، بأن “الموضوع بدأ منذ التسعينات، وهناك عدد من الأدوية لأمراض محدّدة ملزّمة إلى جمعية معيّنة تستوردهاّ، وهناك بعض الأدوية مُلزمة لجمعية لتؤمّنها إلى المستوصفات بأسعار رمزية، ولكن دائماً هناك فوضى وعدم توفّر الأدوية في كثير من الأحيان”.
أمّا لجهة اتهامه وزارة الصحة بالتخلّي عن دورها الرعائي، يقول سكرية، “إن الوزارة لم تتخلَّ عن أدوارها الرعائية كلها بل عن معظمها”.
وعن تقييمه لأداء وزارة الصحة ؟ يتّهمها سكرية بالفشل، “لا سيّما أنها نتاج هذه الطبقة السياسية الموجودة في البلد، ولذا، الأداء سوف يكون متشابهاً، ولو اختلفت بعض التفاصيل،أي إدخال السياسة الصحية الوطنية بالسياسة والتجييش والتطييف وعدم تطبيق القانون، وبالتالي، فإن الجميع مساهم في ضرب الواقع الصحي”.
وعن وجود مخاوف من انهيار القطاع الصحي؟ يؤكد سكرية أن “ما يحصل اليوم أشبه بالإنهيار غير المعلن، فهو حتى قبل انهيار الليرة كان مأزوماً، بسبب الفساد في المستشفيات والمؤسّسات الضامنة وعلاقة الوزارة بالدولة، فنصف الفاتورة الصحية أعمال فساد، وهذا يهدِّد القطاع الصحي، لأنه في النهاية من المعروف أن إمكانيات البلد تتراجع، وستصل إلى مكان ينهار فيه القطاع الصحي، نتيجة التأزّم الحاصل وأعمال النهب، إلى الإنهيار الذي قَسَمَ “ظهر البعير”.
ومن يريد دخول المستشفى اليوم، يعيش كابوساً وهمّاً كبيراً، وبطبيعة الحال المستشفيات مأزومة جراء الأعباء الكبيرة عليها من مستلزمات ورواتب موظفين، فالأزمة ضربت الجميع، ولن أقول إنهيار، بل أزمة كبيرة، ولكن هناك شريحة لبنانية كبيرة تضطر أحياناً لتأجيل دخولها المستشفى، وحتى الجلسات الكيميائية لعلاج أمراض سرطانية، وهو ما يمكن وصفه بالتراكمات التي ستؤدي للإنهيار”.
وعن موضوع الدواء، يشير سكرية، إلى موضوع التهريب الذي من الطبيعي أن يزداد في ظل الفلتان والغلاء في أسعار الأدوية، ما يعطي الذريعة لارتفاع منسوب تهريب الأدوية بأسعار أقل من الأسعار المعروفة، علماً أن “ما هبّ ودبّ” من أدوية مجهولة التركيبة والفعالية، تدخل اليوم وهذه قضية مخيفة.
وعن توقف عمل المختبر المركزي لمراقبة هذه الأدوية، يوضح سكرية أن “المختبر المركزي لا يقوم بدوره منذ مطلع التسعينات تقريباً، فهو منذ ما قبل الحرب كان من أهم مختبرات المنطقة، وكان مركزه في عين التينة وتم هدم المبنى، وإذا أنشئ مختبر اليوم سيعيد تقييم أدوية السوق، والتي باتت نحو 50 بالمئة منها من دون حاجة علاجية لها، كما أنها ليست مزوّرة، ولكن من الممكن أن يكون بعضها مزوّراً، ومنها ما هو فعّال بنسبة 40 إلى 50 بالمئة.
أمّا عن نمو قطاع صناعة الأدوية في لبنان؟ فيلفت سكرية إلى أن صناعة الدواء في لبنان قابلة للتطوّر، شرط أن تكون مراقبة مخبرياً وعلمياً، مع العلم، أن شركات الأدوية المحلية قد “بدّعت”، عندما كانت تصدّر الأدوية إلى الخارج كالعراق وغيره، و” يا عيب الشوم”.
ويكشف سكرية أن حجم الهدر في وزارة الصحة يقارب الـ50 %، متهماً وزير الصحة، بأنه وراء الأزمة ووراء الصفقات التي تحصل من البداية.
ويذكّر بقضية المستشفى الحكومي وقصة منى البعلبكي، ويقول: “أنا من حوّلتها إلى التفتيش المركزي عام 2008، ولغاية الآن لم يصدر أي شيء، وقبلها كشفت من خلال مريضة تخصّني، فضيحة المياه السرطانية والتي قتلت المريضة، وكذلك الملف لا زال في قصر العدل، إضافة إلى فضيحة الطبيب الذي يعطي مريض سرطان نصف حقنة العلاج ويبيع النصف الآخر. لذلك، على المواطن أن يحاسب ويرفع صوته ديمقراطياً ويطالب بحقوقه بمعزل عن عواطفه وعصبياته وانتمائه السياسي، فالصحة أهم شيء أعطانا إياها الرب، وهي للجميع، وليس لها لون عصبي أو طائفي أو فئوي، وعلى اللبنانيين أن يوحّدوا صوتهم ولو لمرة واحدة حول موضوع هام وهو الصحة”.
ليبانون ديبايت