فاتورة المجتمع الدولي في لبنان: أكثر من 12 مليار دولار وكثير من الانسانية الضائعة

فاتورة المجتمع الدولي في لبنان: أكثر من 12 مليار دولار وكثير من الانسانية الضائعة

تبلغ ديون لبنان الخارجية ما يقارب الـ 35 مليار دولار أميركي، وهذا الرقم تدنى في السنوات الاخيرة وتراجع  لما  يقارب الـ 6 مليارات دولار بفعل تراجع قيمة سندات “اليوروبوند”.وبالتالي، اصبح دين لبنان الخارجي يساوي تقريبا 6 مليار دولار.

وفي المقابل، كلّف النزوح السوري في لبنان الدولة اللبنانية ما لا يقل عن 12 مليار دولار، كان من واجب المجتمع الدولي ان يؤمنهم.

انطلاقا من هنا، كيف يمكن قراءة النزوح السوري من بابه الاقتصادي وباب التكاليف الباهظة التي دفعها لبنان؟

9.4 مليارات دولار … هذا ما قدمه المجتمع الدولي
في هذا الاطار، تحدث الخبير الاقتصادي بلال علامة لـ”لبنان 24″ مؤكدا انه “لا بد من الاشارة بداية الى ان موضوع الوجود السوري في لبنان تحت مسمياته المختلفة يمكن اعتباره شائكا ومعقدا لاسيما في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي.

فالمجتمع الدولي، ومنذ بداية مرحلة النزوح السوري الى لبنان، لا يمكن ان نقول ان حرّض على استقبال النازحين، انما يمكن الاشارة الى انه تجاوب مع خطة لبنان للاستجابة السريعة في التعامل مع واقع النازحين، وتَجاوب المجتمع تم التعبير عنه عبر سلسلة من الوعود سبق واعلن عنها في أكثر من مرحلة”.
وأضاف “منذ العام 2012 حتى العام 2021، انفق المجتمع الدولي في لبنان ما يعادل تقريبا الـ  9.4 مليارات دولار اميركي وذلك كاستجابة للاشكالية التي فرضها الوجود السوري في لبنان.
ووفقا للمفوضية العامة للاجئين، يعيش في لبنان اليوم  875 الف نازح سوريّ مسجل بطريقة رسمية، لكن الأرقام الواقعية وبحسب التصريحات الأخيرة لمدير عام الامن العام السابق اللواء عباس ابراهيم، فان الاعداد بلغت تقريبا مليونين و70 الف نازح.
وبالتالي يمكن القول ان هناك مليون و300 الف نازح مقيمين بطريقة غير شرعية او من دون ان يكونوا ملحوظين بخطة الاستجابة السريعة وكل ما قدمه المجتمع الدولي”.

3 الاف و400 مخيم رسميّ وعشوائيّ

واعتبر علامة ان “هناك نوعا من الفوضى في التعاطي مع ملف النزوح السوري في لبنان، والفوضى تتحمّل مسؤوليتها الجهات الرسمية اللبنانية التي أبقت الحدود الشرعية مشرّعة امام الوافدين من سوريا فضلا عن عدم اقفالها للمعابر غير الشرعية اي معابر التهريب، وهذا ما ادى الى بلوغ  عدد النازحين الرقم الكبير المشار اليه اعلاه (مليونان و70 الف نازح).
واعداد النازحين المليونية، ادت الى خلق حوالي 3 الاف و400 مخيم رسميّ وعشوائيّ، مخصصين لاستقبال النازحين، وعملية تلبية احتياجات هذه المخيمات تظهر بدورها مكلفة جدا، اذ تتطلب تأمين بنى تحتية لا يمكن للبنان استحداثها نظرا لواقعه المالي والاقتصادي، وهنا نعني بالبنى التحتية: الكهرباء، الصرف الصحي، الطرقات اضافة الى الخدمات الاخرى التي يتم تأمينها في مجال التعليم والطبابة وغيرهم.

وعلى هذا الصعيد من الضروري التأكيد ان المجتمع الدولي يقدم المساعدات الطبية والتعليمية والغذائية فقط لمن تم تسجيلهم بطريقة رسمية، اي ان لبنان يقدم البنى التحتية لجميع النازحين، اضافة الى انه يقدم الطبابة والتعليم للنازحين غير المسجلين والذين تفوق اعدادهم اعداد الفئة المسجلة”.
وأشار الى ان “اعداد  النازحين السوريين تتكاثر بشكل تصاعدي وسريع بفعل الولادات الكثيرة التي تشهدها المخيمات، اذ انها باتت تفوق الـ50 الف ولادة سنويا، وهنا  مشكلة أخرى تضاف الى الاشكالية الاقتصادية الاساسية وهي متمثلة في جيل كامل من السوريين الذين لا يملكون اوراقا ثبوتية او الذين يطلق عليهم تسمية مكتومي القيد، بالاضافة الى ما يرافق هذه الاشكالية من علامات استفهام حول واقع وطبيعة الديموغرافيا في لبنان”.

فوضى في الاستجابة الدولية
وأكد الخبير علامة ان “ما انفقه المجتمع الدولي عبر كل مؤسساته وجمعياته هو استجابة لاحتياجات النازحين المسجلين بطريقة رسمية، كما ان عملية استجابة المجتمع الدولي تخللها نوع من الفوضى لاسيما على صعيد اعتماد البعض على تزوير الأوراق المطلوبة وادخال فئات لا يمكن لها ان تستفيد من المساعدات وغيرها من الامور، التي زادت (الطين بلة) على صعيد المساحة التي ساهم فيها المجتمع الدولي في التخفيف من عبء النزوح على لبنان.
ومن المرجح ان يكون لبنان قد دفع ما لا يقل عن 20 مليار دولار أميركي خلال سنوات وجود النازحين السوريين في لبنان، وذلك تلبية لاحتياجاتهم من البنى التحتية فقط لا غير، في حين ان المجتمع الدولي لم يتخط انفاقه الـ 9.4 مليارات، من دون احتساب التكاليف الاضافية التي دفعها لبنان في في مجالات الطبابة، التعليم وغيرهما من القطاعات الحيوية.

وانطلاقا من هنا يمكن التأكيد ان المجتمع الدولي، وان اراد الالتزام بوعوده تجاه لبنان التي اطلقها مع بداية أزمة النزوح، فهو مطالب بدفع ما يقارب الـ12 مليار دولار أميركي”.

ديون لبنان الخارجية
وفي سياق متصل رأى علامة ان “ديون لبنان الخارجية غير محصاة بطريقة مؤكدة اذ انها موزعة بين سندات سيادية وسندات (اليوروبوند) بالاضافة الى القروض، الهبات والمساعدات، اما الرقم المتداول فهو يتراوح بين 30  و35 مليار دولار، وهذا المبلغ تراجع بفعل التراجع الذي لحق بسندات (اليوروبوند) التي أصبح يساوي السند الواحد منها 0.10 سانت بعدما كان يساوي دولارا واحدا.
وهنا يقول البعض ان الدين العام الخارجي تراجع فأصبح  6 مليارات أو أكثر ، لكن وحتى اليوم ليس هناك اي رقم رسميّ ونهائيّ في هذا المجال”.
في المحصلة، يبدو المجتمع الدولي مدينا للبنان ليس بمليارات الدولارات وحسب، انما ايضا بالكثير الكثير من الانسانية التي اظهرها لبنان دون اي أحد سواه، مقدما نموذجا يمكن ان يدرسه العالم بأجمعه حول كيفية التعاطي مع الانسان من اي جنسية كان.

لبنان 24

Exit mobile version