“التيار” يصارع الفشل في العزلة السياسية
يتلقّى “التيار الوطني الحر” منذ أشهر ماضية ضربات سياسية قاسية بعد خروجه من السلطة مع انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون وانفصاله عن “حزب الله”, حليفه الوحيد في لبنان والذي كان يؤمّن له غطاء واضحاً.
ولعل فشل “التيار” في تحقيق اهدافه خلال عملية تشكيل الحكومة لجهة فرض شروطه وتغيير التوازنات الحكومية ثم محاولة منع الحكومة من تسيير شؤون الناس، كان يهدف الى القول بأن الإخفاق طوال كل تلك السنوات لا يمكن أن يتحمّله “العهد” بل تتحمّله القوى السياسية التي دأبت على محاربته من أجل إفشاله وإنهائه على المستوى السياسي والشعبي.
عقدت حكومة تصريف الاعمال برئاسة نجيب ميقاتي جلساتها بشكل علني وبغطاء وزاري مسيحي واضح، لإدراك الوزراء أن انعقاد الجلسات كان أمراً ملحّاً لأن الازمات المتراكمة لا تحتمل مزيداً من هدر الوقت في الكباش السياسي بهدف التعطيل.
من جهة اخرى، فإن “التيار” فشل في إقناع حليفه “حزب الله” باختيار مرشح قريب منه، بل على العكس ذهب بعيداً في خصومته بعد انعدام كل فرصه للضغط على “الحزب” للتراجع عن دعمه لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية وبات اليوم وحيداً مجرّداً من كل التحالفات على الساحة المحلية.
ترى مصادر سياسية مطّلعة أن ما حصل مع القاضية غادة عون لجهة القرار الصادر عن المجلس التأديبي والذي يقضي بصرفها من الخدمة، وبصرف النظر عن الدخول في تفاصيله القانونية، يشكّل ضربة جديدة وُجّهت للتيار والنائب جبران باسيل الذين استغلوا عون خلال عهد رئيس الجمهورية الاخير مستفيدين من حضورها ومنحوها غطاء سياسياً واسعاً لشنّ هجمات ضد خصومه السياسيين تحت “شعارات” مرتبطة بالاصلاح ومكافحة الفساد وغيرها. لكن الامر لم يستمرّ ولم يستطع “التيار” منع السلطات القضائية من إزاحتها من منصبها.
كل ذلك يوحي بأن “التيار” بات خلال الاشهر الماضية يُستنزف بشكل هائل واصبح عاجزاً عن تحقيق أي من تطلعاته السياسية، حيث انتقل من دائرة الضعف بعد حراك 17 تشرين، الى دائرةٍ أكثر ضعفاً. من هنا يمكن القول بأن “التيار” الذي لم يحسب خطواته جيداً بعد خسارته السلطة وتراجع قوّته الشعبية، اختار الانتحار السياسي وقرر الانسحاب من تحالفه مع “حزب الله” الذي كان يؤمن له حماية سياسية بفضل قوته وحضوره الكبير، وفضّل أن يبقى وحيداً يتلقى الضربات واحدة تلو الاخرى.
لبنان 24