“حركة بلا بركة… لبنان مرهون بتطور إقليمي جديد!”

“حركة بلا بركة… لبنان مرهون بتطور إقليمي جديد!”

تستمر الصورة الضبابية بالسيطرة على الواقع اللبناني لا سيّما أن الواقع المحيط بلبنان لم تتضح معالمه حتى الساعة رغم الإنفراجات الكبيرة التي حصلت في ملفات عدّة لا يزال لبنان بعيداً عنها حتى الساعة.

يرى الكاتب والمحلل السياسي سركيس أبو زيد في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أننا “أمام مرحلة إنتقالية، ومن الواضح أنه هناك مرحلة جديدة تتّسم معالمها على المستويين الإقليمي والدولي، ولكن لم تتبلور حتى الآن بشكل كاف، فهناك تفاهمات بين إيران والسعودية, بين سوريا والسعودية، بين سوريا وتركيا، إضافة إلى الدور الصيني من خلال الإتفاق التي رعته”.

ووفقاً لهذه الإتفاقات مضافة إلى الموقف الأميركي غير الواضح حتى الساعة من الحراك السعودي على مستوى المنطقة، فإن المشهد يبقى مشوشاً، متسائلاً إن كانت الزيارات للموفدين الإميركيين إلى المنطقة هدفها لجم الإنطلاقة السعودية أو للتأكيد عليها؟”.

وبما أن هذه الأمور غير واضحة، يصل سركيس إلى خلاصة تقول, أن “هذا الشيئ لن يؤدي إلى إنتخاب رئيس للجمهورية قريباً، موضحاً السبب الرئيسي بانتظار القوى المحلية اللبنانية نتائج هذه الإتصالات وهذه التسوية لتبني موقفها النهائي على هذا الأساس”.

أما فيما يتعلّق بالحراك على الأرض فيختصره بالقول: “حركة بلا بركة”، وهذا بالطبع ينطبق على الحراك الدبلوماسي برمّته، حيث تستشف القوى السياسية اللبنانية عدم وضوح الرؤية للقوى الإقليمية والدولية والتي لم تحسم أمرها ولم تتّفق بعد حول التسوية النهائية التي من الممكن أن تحصل في لبنان”.

وهل حراك السفير السعودي لا يشي بتسويق تسوية ما؟ يشير إلى أن “اللغة العربية تحتمل الكثير من الإلتباس أو بالأحرى من العبارات التي يفسّرها كل فريق كما يحلو له، وإذا لاحظنا جميع التصريحات التي صرّح بها السفير وليد البخاري فكل فريق فسّرها بما يناسبه، مما يوحي أنه ليس هناك من شيء نهائي ولا حتى محسوم”.

لكنه يتوقّف أمام الكلام السعودي فآفاقه مفتوحة، ويقول: “علينا أن نتوقّف عند ما دار بين الأميركيين والسعوديين، وماذا ستفعل المملكة مع حلفائها في لبنان، فهناك الكثير من اللبنانيين الذين كانوا يبنون تحالفاتهم على أساس أن أميركا والسعودية بجانبهم، ولكن اليوم وفي ظل ما نراه من تفاهم جدي ما بين السعودية وإيران، والسعودية وسوريا، فالمتحالفين معهم على الأرض اللبنانية لم يتأقلموا ويتكيّفوا مع هذه التطورات الجديدة”.

من هنا، يعتبر أبو زيد أن “كل طرف وكل محلل يحاول تفسير الموقف السعودي بما يتناسب معه”.

وعن ضبابية الموقف السعودي ينفي ذلك، ويراهن على أن “طبيعة هذه التفاهمات تحتاج إلى قليل من المسار والوقت حتى تتبلور وتأخذ حجمها وترتسم آلياتها”.

وفقا لرؤية أبو زيد، فإن “كانت هذه الإتفاقات قائمة وهذه الخيارات ناتجة عن مصلحة السعودية وإيران، ومن الطبيعي أن هكذا إتفاق تاريخي بحاجة إلى الوقت كي يتبلور ، ولأنه هو مركب سينفّذ على مراحل، وهذه المراحل بحاجة إلى القليل من الوقت، ونحن اللبنانيون بمرحلة إنتظار وترقب لنرى النتائج، ويأسف لأن لبنان لم يستفد من هذه التفاهمات فلو كانت الأطراف متوافقة مع بعضها لاستفادت من هذا الإتفاق حتماً، مبدياً خشيته في ظل هذا الواقع من أن تأتي التفاهمات الإقليمية على حسابنا”.

وعن إقصاء الأميركي للفرنسي عن الملف اللبناني؟ يرى أن “فرنسا دائما تعمل وفق مصلحتها، فدائما الدول الكبرى والإقليمية تعمل وفق مصالحها، واليوم بما أن لا شيء جديد فالفرنسي قام بما عليه ويقوم بإتصالاته ويحاول إقامة توافق ما بين القوى الدولية المهتمة بالوضع اللبناني، وطالما لا شيء نهائي من الممكن أن يكون هناك إتصالات من “تحت الطاولة” لترتيب الوضع”.

هل فعلا أن الأميركيين هم من يعرقل وصول فرنجية؟ هنا يذكّر بما قاله بري “بأنهم ليسوا ضده، والأميركيون من بعد ما ذهبت السعودية بعيدا في هذا الموضوع، عادوا لإحتواء هذه القضية ويعودوا، فأميركا ستعود إلى دورها وليس صحيحا أنها إنسحبت، لكن ما يحصل هو إرباك وليس هناك من وضوح بالسياسة الأميركية، لذا نحن بحاجة أيضا إلى الوقت لنكتشف حقيقة الموقف الأميركي، فأحيانا نرى أنه هناك خلاف جدي مع السعودية وأحيانا أخرى نرى بأن هناك محاولة من بايدن وفريقه بالعودة إلى إسترضاء أو التوافق من جديد مع السعودية، ففي المدة الأخيرة التحرك السعودي أظهر أن لديه إستقلالية عن الموقف الأميركي، وأميركا اليوم تحاول إعادة إحتوائه من جديد”.

وفيما يتعلّق بعودة سوريا إلى الجامعة وتأثيرها على الوضع اللبناني، يؤكد أن “هذا الموضوع سيتغيّر لأن الوضع السوري اليوم يختلف عما كان عليه منذ 10 سنوات، فعودتها إلى الجامعة العربية، من المنتظر أن يكون لديها إنعكاس، فالمطلوب هنا من اللبنانيين دراسة هذا الموضوع بـ”رواق”، ليروا أين المصلحة اللبنانية بكيفية التعامل مع كافة هذه المستجدات لأن الرغبات والتمنيّات لا تبني إستراتيجية ولا تبني وطن، هناك تطورات جديدة على الساحة الإقليمية والدولية ولها إنعكاسات على لبنان، فالمطلوب منا كلبنانيين أن نتحاور فيما بيننا لكي يكون لدينا خياراتنا الموحدة “.

ويشير إلى إنعكاس الشغور في الوظائف الأسياسية على الواقع اللبناني حيث المطلوب اليوم إيجاد حلول سريعة لمواجهة هذه الإستحقاقات، والتي تنعكس سلباً على الحضور اللبناني في الاجتماعات العربية.

ليبانون ديبايت

Exit mobile version